facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أم الزمن الجديد


سهير بشناق
05-10-2021 11:58 PM

ذاك الزمن الماضي لم يكن مفرحاً فحسب بل كانت أدوار الأمهات أكثر جمالاً وأقل تعباً ليس جسديا فقط.. إنما تعب القلب..

ذاك الزمان الماضي لم تكن الام تحتاج لأكثر من كونها امّاً لتتعامل مع ابنائها فهي ما أن تخوض تجربة الأمومة تكون تملك مفاتيح عالم ابنائها لأنهم يسيرون بنفس طريق الحياة..

كان زمناً جميلاً.. قلوبهم واحدة وقدرتهم على البقاء في فلك واحد يمنح الأيام رونقاً مختلفاً..

لا تزال الأم هي.. لا شيء يمكنه ان يغيّر قلبها ومشاعرها وقلقها وصبرها، كل ما منحها الخالق لتكون مختلفة عن كل البشر..

ولكن هي وحدها من بقيت في زمن مختلف طال كل شيء من حولها لترى نفسها في أدوار عديده لم تتعلم كيف تجيدها..

زمن جديد بات يحكمها عليها أن تتعلم به من جديد طقوس العلاقة التي تحكمها بأبنائها وحدودها فهي زائرة لعالمهم وليست مستوطنة به..

هي تزرعهم بالقلب وبحديقة أيامها لكن عليها أن تتعلم ألا تقترب كثيراً لتشتم رائحتهم وألا تحاول أن تقطف أي وردة من ورودهم التي نمت بثنايا قلبها فهذا ليس من حقها...

عليها أن تراقب من بعيد تحرص جيداً على ابقاء تلك المسافة بينها وبينهم هم يحددونها فلا تتجاوزها كثيراً كي لا ترى ذاتها بطريق مختلف تماما عنهم ولا تلغيها كي لا تغدو غريبة عنهم...

عليها في هذا الزمن المختلف أن تدرك أن فكرها وتجاربها مختلفة عما يعيشونه.. وأن أي محاولات لإسقاط نتائج تلك التجارب ليس بهدف تكرارها بقدر رغبتها بعدم تكرارها بأيامهم سوف ينقلها من دورها كأم إلى أم تقليدية تجهل مكنونات العالم الجديد الذي يحيط بهم..

زمن جديد مطالبة هي به أن تتعامل بمفردها مع قلقها ومخاوفها وأحلامها لهم.. وأن تدرك أنه لم يعد بوسعها أن تكون جزءاً من أيامهم وأحلامهم إلا بالقدر الذي يمنحونها اياه... لأن تلك حياتهم فقط..

يرفضون الكثير مما تراه هي.. ويختلفون كثيرا برؤيتهم للحياة... هي ترى نفسها خط الدفاع الأول لهم... تحاول مراراً أن تجنبهم ألم الحياة وخيباتها فتنثر بايامهم كل ما مرت هي به كي يبقي حاضرا لهم ولكنهم لا يعترفون سوى بالتجربة وإن كانت ذاتها باختلاف الأزمنة..

اختلاف الزمان لم يغير قلبها ولن يغيره.. هم فقط يتغيرون...

اختلاف الزمن بعيداً عن مشاعرها وحبها.. لهم هو ذاته بقلقه ومخاوفه وأحلامه لأنها لا يمكن أن تراهم إلا الحياة والعمر وكل ما هو جميل مر بها..

هي لا تتغير لكنها تتألم في كل مرة ترى نفسها بآخر الطريق كل ما عليها أن تراقب خطواتهم فإن تعثروا بعبوره أمطروا عليها اللوم لتركهم يتعثرون وهم يدركون جيداً أنهم لم يعترفوا «بحاسة السمع» في وقت كان عليهم ألا يبتعدوا عنها..

لهم زمانهم.. لهم عالمهم.. وتجاربهم وأحلامهم وما قلب الام سوى مرفأ.. وملجأ.. ونبضات قلب في كل واحدة منهم حكاية عمر وأحلام لا تتوقف...

في هذا الزمن المختلف.. ستبقى هي الأم وإن اختلفت الأدوار وتغيرت... فهم يملكون الكثير للتمرد والابتعاد والاستغراق بعالمهم وتجاربهم... وهي لا تملك سوى أن تبقى أماً كما هي لا كما يرونها هم كي يبقي في عالمهم قيمة لا تعوض ولا تتغير.. وإن تغيروا هم...

(الرأي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :