facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نقاش الشخص، أم الفكرة؟


حازم سالم الضمور
18-10-2021 10:54 PM

بصفتي متابع ومطلع، أشعر بالإحباط من الطريقة التي يتعاطى معها المجتمع الأكاديمي والصحفي وحتى الرأي العام مع الأفكار والمواقف التي تطرحها الشخصيات العامة. خاصةً عندما يتعلق حديثهم بالقضايا الوطنية وقضيتنا الفلسطينية على وجه التحديد. إحباط مرده تحكيم العاطفة، لا العقل، في الخطاب المجتمعي أمام قضية محورية كالتي سيتناولها هذا المقال. حتى أصبحت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة نهجاً مقبولاً لمهاجمة الأشخاص والتطاول أو التحامل عليهم أو حتى استهدافهم.

تتزامن كتابة هذا السطور مع الهجمة على مقال رجل الأعمال الأردني حسن إسميك، نتيجة لطرحه مجموعة من الأفكار حول ما يعرف بـ "البحث عن حل" يخص قضيتنا الفلسطينية المعقدة والمركبة.

هنا، أؤكد أن هذا الرأي لا يعد دفاعاً عن شخص إسميك أو أفكاره التي قد أختلف مع بعضها وأتفق مع بعضها الآخر، بقدر ما يتعلق بكشف النقاب عن ظاهرة مقلقة ومتكررة، صمتنا عنها جميعاً، بالرغم من صدمة المجتمع الأردني بمقتل الكاتب ناهض حتر على أدراج قصر العدل جراء التأجيج الإعلامي والضجيج الفكري العبثي الذي طاله. في هذا السياق، يجدر التنويه إلى عدم وجود فرق بين اغتيال الجسد واغتيال الشخصية؛ فكلاهما نهج واحد ومعيب لثقافتنا ووحدتنا ولغاية الآن لم نعترف بأن هذا النهج يُشكل حلقة عميقة وعقيمة تتحكم في أفكار المجتمع وتزيد من جمودنا أمام واقع ديناميكي ومتغير بشكل متسارع.

بتوقعي أن المشكلة تكمن في القاعدة المنتجة والمحتكرة للأفكار المجتمعية، والتي غالباً تعجز عن تحدي غيرها من الأفكار التي تغوص في المساحات غير المستكشفة وإثراء حالة النقاش العام إن وجدت. فالفكرة تقارع بالفكرة، لا بالتشهير والمسبّة.

وبمعزل عن الآثار الأخلاقية الفادحة لعملية النقد التي تمارس عبر منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية الإلكترونية، فإن الآثار السياسية ستكون كارثية إذا ما استمر التعاطي مع الأفكار المتعددة من زاوية الدفاع وليس التنوع والنقد. لقد وصلنا إلى العام 2021 ونحن نتمسك في الفكرة الأصلية القائمة على مبدأ "حل الدولتين"، وأغفلنا أن هذا الحل أصبح متضارباً ومتداخلاً في أكثر من منظور، وقريباً قد يفقد الفرصة في تطبيقه وحينها سيتحتم علينا التساؤل عن تداعيات ذلك على الأردن. مع التأكيد على أن احترام قرارات الدولة الأردنية وسيادتها وتوجهاتها واجب وطني، لكن ذلك لا يمنع التفكير والمساهمة في بناء الطروحات النظرية والفكرية والمعرفية الناقدة بشكل موضوعي.

ما يُعصى فهمه على هذه الفئة الناقدة لأجل النقد، التي تهاجم الشخص لا الفكرة هو أن الأفراد والمؤسسات ومراكز صنع القرار والفكر في جميع الدول المنخرطة بالصراع تمتلك وتقدم أفكاراً لا حصر لها، منها ما يتناسب مع سياستها الراهنة ومنها ما يتنبأ بالمستقبل ومنها ما يدعو إلى اتباع سياسات مغايرة، وبعضها يستهدف الأردن بشكل مباشر وواضح. ويلحظ المتتبع للصحافة الإسرائيلية على سبيل المثال وكذلك مراكز الفكر أن هناك جملة من الأفكار المقبولة والمرفوضة لديهم، تتعامل مع كافة السيناريوهات المستقبلية وتناقش خياراتها، مثل إمكانية انهيار السلطة الفلسطينية أو سيطرة حركة حماس على الضفة الغربية؛ وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن ماذا أعددنا لمثل هذه الأحداث الطارئة، حينها فقط قد نعي ما يقصده إسميك من طرح فكرة مثل هذه كإطار نظري مقترح.

وبناء على ذلك، فالمطلوب هو إدراك الواقع والتعامل معه، والعمل على وضع مصالح الأردنيين والفلسطينيين بعين الاعتبار على أساس أننا شعب واحد، فلقد تحملنا سوية أخطار عدم الاستقرار والخوف من المستقبل، وتكسرت أمام أبوابنا مؤامرات عدة وبيّنة.

إن كل حدث في الأردن من هذا النوع يطرح أسئلة مهمة، إحداها، هل يكترث مهاجمو ومناضلو الشاشات لمصلحة الوطن حقا؟ ومن أين تأتي تلك الآراء والأفكار والتعليقات؟

لقد تابعت وبأسف شديد الكم الكبير من التشهير والتعليقات السلبية، مع ذلك لم ألحظ أن أياً منهم حاول أن يثبت أن الفكرة التي يناقشها المقال خاطئة برمتها، فقد ارتبط النقد بالهجوم بناءً على اعتقاد ذاتي وليس حقائق علمية أو سند تاريخي أو قيد قانوني، ولا يرتبط أي منهم بالشارع ولا يمتلك استفتاءات شعبية وما إلى ذلك، وأكاد أجزم أن العديد من هؤلاء لم يطلعوا على النسب والأرقام التي أوردها المقال والتي حملت بعض التقديرات غير المنطقية، كما أن بعض الأفكار كانت تحتاج لسياق أكثر شمولية ليتم فهمها بالشكل الصحيح، عوضاً عن بعض التعليقات على منهجية الطرح والبناء.

عليه، لا يُنكر بالفعل أن هناك العديد من النقاط التي أوردها المقال وهي بحاجة لنقاش ونقد، دون إثارة اللغط والتشهير حول الشخص الذي طرح هذه الأفكار بشكل لا يخدم الوطن والمصلحة العامة. وهي ملاحظة تنبئ بقتل أي فكرة إبداعية مستقبلية لأي من أبنائنا، ولذلك علينا وقبل كل شيء أن نركز في نقد الأفكار، لا الأشخاص.

من العدل أن نتفق من حيث المبدأ مع كاتب المقال حين أورد أننا أضعنا السنوات والعقود ونحن نتمسك في خيار واحد ونصم آذاننا عن غيره، ومع مرور الوقت قد يصبح حل الدولتين صعباً ومستحيلاً. فمنذ العام 1948 قدم المجتمع الدولي العديد من المقترحات للوصول إلى سلام عادل وشامل، ووقعت السلطة الفلسطينية اتفاقية أوسلو ووقعنا بدورنا اتفاقية وادي عربة، وقد كان من المنطقي أن تمثل هذه الاتفاقيات إحدى الطرق الفعالة لإنهاء الصراع، مع ذلك لا تزال نتائجه كارثية على حقوق الفلسطينيين، وتثير تداعياته مخاوف عدم الاستقرار في الأردن.

ليس بالضرورة علينا الاتفاق مع جميع الأفكار، لكن حتى إثارة الأفكار السيئة يمكن أن تشكل حافزاً لأفكار أفضل، أو العمل على تحسينها، وهذا أحد الأشياء الواجب اعتمادها لتقليل الصدمات من خلال التفكير المنهجي والمتعدد، فمثل تلك الأفكار الواردة في مقال رجل الأعمال حسن إسميك قد تقلل من الصدمات والأزمات في المستقبل إذا ما تم التعاطي معها كسياسات وتقويمها ونقدها وطرح البدائل لها، بدلاً من تركيز الزخم النفسي والمعنوي على حل الدولتين فقط، وسواء كنا نتفق أو نختلف مع ما جاء في المقال المذكور فإنها تبقى في خانة الأفكار والرأي التي يجب أن تخضع للنقاش بعيداً عن استراتيجية التهم الجاهزة والمعدة مسبقاً.

تعامل جزء كبير من المنتقدين مع الأفكار في المقال باعتبارها خططا ومشروعات تستهدف الأردن، وهذا فيه إغفال للناس والرأي العام فكيف يمكن اعتباره مشروعاً ومخططاً وهو يفتقد لكل مقومات المشروع السياسية أو المؤسسية أو البنية التحتية.

إن أهم خطوة في قراءة أي مقال جديد أو قديم أو مراجعة الأفكار، يكون بالتغلب على مخاوفنا أولاً، التي تفقدنا القدرة على طرح الأفكار العملية والوازنة والداعمة أو المضادة، مع التأكيد أننا حتى إن رفضنا أفكار إسميك، فقد نجحت في تحريك المياه الراكدة والنمطية السائدة التي لم تتغير في الأردن منذ نشوء الصراع، مغفلةً أن الصراع يزداد تعقيداً مع مرور الأيام.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :