facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في اليوم العالميِّ للغة العربيّة


د. يوسف عبدالله الجوارنة
20-12-2021 03:10 PM

يبدو أنّ جامعة الدّول العربيّة غير قادرة على تفعيل دور "مكتب تنسيق التّعريب" التابع لها عن طريق أجهزتها ودوائرها العلميَّة والثّقافيّة المختلفة، وخاصّة أنّ تنسيق المصطلح العلميّ باللغة العربيّة وتوحيده، كان من الأهداف التي تطلّعت الجامعة إلى تحقيقها، فكان أنْ وَضَعت معاهدةً ثقافيّة بين الدّول العربيّة سنة 1945م، نصّت بعضُ بنودها على أنّ توحيد المصطلحات مَنوط بالمجامع والمؤتمرات واللجان المشتركة، وبالنشرات التي تنشرها هذه الهيئات، بل إنّ ميثاق الوحدة الثقافيّة الذي أقرّه مجلس جامعة الدول العربيّة سنة 1964م، نصّ "على السّعي لتوحيد المصطلحات العلميّة والحضاريَّة ودعم حركة التَّعريب".

ويبدو أنَّ اتّحاد المجامع اللغويّة العلميَّة العربيَّة، منذ تأسيسه سنة 1971م في القاهرة، ومن أهدافه "العمل على توحيد المصطلحات العلميَّة والفنيَّة والحضاريَّة العربيَّة ونشرها"، غير قادرٍ هو الآخر إلى اليوم، على لَمّ الشّتات المصطلحيّ –إن جاز التّعبير- الذي يَعصف بلغتنا العربيّة، لغة العلم التّليد والحضارة المَجيدة. هذا قبل انفجار المعلوماتيَّة، أما معها، فقد نافست المجامع وسائل عنكبوتيَّة، من سماتها سرعة انتشار مدوّناتها، وقبولها عند الناس، يتفاعلون معها ويأخذون بها؟

مسألة -لا شكّ- تَرتبط بعقيدة الأمة -أيَّة أمة- ودينها، فإذا ما وُجدت العقيدة في قلوب أهلها ولم تُفَرّغ من مضمونها، فساعتئذ يكون للعربيّة شأن آخر!

لذلك، فإنّ كلّ المحاولات الكثيرة والحثيثة نحو تعريب المصطلح العلميّ وتوحيده، فرديّةً كانت أو جماعيّةً، مؤسّسيّةً أو مَجمعيّةً، لم تحقّق أهدافها من قريب ولا من بعيد، بل زادت الطّين بِلّة في إيجاد مترادفات متعدّدة ومتنوّعة للمفهوم الواحد، غدا إزاءها الدّارس في حيرة من أمره في التّعامل مع هذا المصطلح أو ذاك؛ فهناك مصطلحات مغربيَّة، وأخرى مشرقيَّة، وما يَعتري هذه وتلك من تداخلٍ وتغاير في فهم المفاهيم لإطلاق المصطلحات على مستوى الأفراد والمؤسّسات، فكانت النتيجة المنتظرة من ذلك كلّه –بحسب تعبير اللغويّ المغربيّ أحمد الأخضر غزال (ت 2008م)- "هزيلةً إذا قورنت بضخامة المشكلة، وبالمجهودات الصّادقة التي تبذل".

ويبدو أنَّ الأزمةَ يمكن التّحلّل منها بظهور وَحدة عربيّة شاملة مُلزمة، ذاتِ مَرجعيَّة واحدة...، وإنْ بقيت طُموحًا لكلّ عربيّ مخلصٍ ظلّت الأزمة تُراوح مكانها؛ فلله كم من جهودٍ بُذلت، وأموالٍ صُرِفت، وأقلامٍ رُفعت، وصُحفٍ جَفّت، وعيونٍ عَشِيت، وقاماتٍ تقوّست، دون أنْ تُكافأ بردِّ جزءٍ من جميلِها إليها! وإنّه لو بقيت هذه الكفاءات تعمل ليل نهار في غياب دولةٍ وقرارٍ، فلن تؤتي أكلَها أبدًا، وستبقى أوراقُها باردةً على الأرفف وفي الدّواليب.

ولعلّ من أهمّ النتائج التي انبثقت عن النّدوات والمؤتمرات الخاصّة بعمليّة التَّعريب -على حد تعبير الدكتور عبد الكريم خليفة رحمه الله- "أنّ قضيّة التَّعريب قضيّةٌ تَتّصل من حيث الأساس بالإرادة السياسيّة للدولة، وبقرار سياسيّ تتَّخذه الدَّولة في أعلى مؤسّسات السّلطة".

وهذه ترتبط بها ولا تبعد كثيرًا عنها مسألةُ نَشْر المصطلح وتَعْميمه بعد توحيده، ولا يكون لهذه قيمة علميَّة ولا لتلك، إلَّا إذا عُرّب التَّعليم في الكليَّات العلميّة النظريَّة والتطبيقيَّة، وصارت العربيَّة لغة التَّعليم في الوطن العربيّ، من المحيط إلى الخليج، وذلك مَطلب ومَطمح يَشرئبُّ إليه كلُّ المخلصين العاملين للعربيَّة بصمت، وإنْ لم يكن على مستوى الوطن الكبير، فلا أقلَّ من أنْ تَنهضَ به كلُّ دولة على حدة، نعم؛ فلا زلنا نتغنّى بالجهود اللغويَّة العلميَّة الكبيرة في بدايات الدّولة العربيَّة الأولى في سوريّة، وامتدّت ثمارها إلى اليوم...، ولمجمع اللغة العربيّة الأردنيّ تجربة موفّقة –لو استمرّت- في تعريب مجموعة من مصادر العلوم الأساسيّة أوائل ثمانينيّات القرن الماضي، وضاعتْ جهدًا عزيزًا لم تُوشّح بقرار ملزم...!

ويومها تكون اللغة العربية كلُّ أيامها عالَميّة، وهي جديرةٌ بهذه العالَميّة التي نَهض بها علماؤنا الأوَّلون قبلُ، يوم ترجموا العلوم عن اللغات الأخرى، وطوَّعوها في سياق لغتهم وحضارتهم، فكانوا علماء من طراز فريد، عربًا وغير عرب، مسلمين ومسيحيين، أداتُهم اللغة العربيَّة وحدها في التأليف والتّعليم. وعندها لا تنفع حيلُ المُرجفين الذين فقدوا أدواتِهم في اللغة العربية، وبُوصلتَهم في تحديد اتجاهاتهم وأدوارهم، فشرعوا يُغرّدون في سربٍ بعيد، فلا أرضًا قطعوا ولا ظهرًا أبقوا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :