facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بوتين – زيلينسكي والطريق المسدود


د.حسام العتوم
01-02-2022 11:32 AM

يصعب إجراء مقارنة موضوعية ومحايدة ومنصفة بين المكونين الروسي والأوكراني، وعلى مستوى الإمكانات ( السياسية والاقتصادية ومنها العسكرية واللوجستية )، لكن السياسي وأنا واحد منهم وبتواضع، أشبه بالطبيب الجراح الواجب أن يشخص الحالة المعروضة أمامه من دون الحاجة للإنحياز لطرف على الآخر، وخاصة وبلدي ووطني الأردن يقيم علاقات استراتيجية متوازنة مع كلا الطرفين المتصارعين، ومع كل بلاد العالم، والعلاقات الدولية الهادفة بترولنا الحقيقي التي لا نعبث بها تحت طائلة الضمير الوطني والمسؤولية الوطنية والقومية كذلك.

وروسيا العظمى نووية السلاح وبتفوق، تشترك تاريخيا مع أوكرانيا (روس – كييف) بزمن (سلافي) شرقي واحد، وفي إطار الإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر، وضمن الوحدة السوفيتية في القرن العشرين (1922 – 1991)، وعاشوا مجاعة ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي معا، وخاضوا الحرب العالمية الثانية (العظمى) من وسط الخندق الواحد، وسجلوا نصراً مشتركاً على النازية الألمانية الواحدة بقيادة أدولف هتلر، ورفعوا العلم السوفيتي معاً فوق الرايخ الألماني عام 1945، فماذا جرى بعد ذلك؟.

وما تسلل إلى أوكرانيا من بقايا الحرب العالمية الثانية هو التيار (البنديري) المتطرف والمحسوب على النازية الهتلرية، والذي لم يكن ملاحظاً بين عامي 1991 و2014 وقبل ذلك، وظهر وطفى على سطح أوكرانيا مع اندلاع الانقلاب الدموي الذي أطاح بالرئيس الأوكراني المحسبوب على روسيا (فيكتور يونوكوفيج)، ووجه دفة أوكرانيا بالكامل في عهدي الرئيسين (بيترو باراشينكا وفلاديمير زيلينسكي) صوب الاتحاد الأوروبي المنشود، وتجاه أمريكا وحلفها العسكري (الناتو) الغربي، وتسبب في خسران شبه جزيرة (القرم) التي اعتبرها الرئيس بوتين هدية السوفييت بقيادة روسيا لأوكرانيا في عهد الزعيم الأوكراني (نيكيتا خرتشوف) عام 1956، وجاء وقت استردادها بسبب إدارة أوكرانيا لظهرها لروسيا بالكامل.

والمعروف بأن القرم جذوره يونانية ورومانية وعثمانية، وانتصار الأمبراطورية الروسية في عهد الإمبراطورة يكاتيرينا الثانية على الإمبراطورية العثمانية في حرب القرم (1768) حسم مستقبله لصالح السوفييت وروسيا الاتحادية بعد ذلك، والقرم يتمتع بموقع إستراتيجي عسكري نووي هام بالنسبة لروسيا، وخسرت أوكرانيا أيضاً ولاء شرق أوكرانيا (الدونباس ولوغانسك) لغرب أوكرانيا (كييف)، وتعالت صيحاتهما صوب الانفصال إدارياً وسياسياً عبر المطالبة بالحكم الذاتي عن غرب أوكرانيا، وهو الأمر الذي لا يعني الانفصال عن السيادة الأوكرانية. ناهيكم عن خسران أوكرانيا للتزود بمادة الغاز الروسية بأسعار تفضيلية، وشروع روسيا الاتحادية للتوجه لأوروبا وتحديدا لألمانيا بمشروعها (غاز 2)، وبتكلفة مالية وصلت إلى 11 مليار دولار وبجهد الشركة الروسية (غازبروم).

وفي الوقت الذي يتحدث ساسة أوكرانيا الجدد في جناحها الغربي، عقدوا العزم على محاربة اللغة الروسية في المدارس وصولاً للجامعات والمعاهد، ومن حقهم في المقابل سيادة اللغة الأوكرانية في أوكرانيا، لكن تهميش أوكرانيا للغة التاريخ الروسية العالمية، والتي هي بالمرتبة السادسة في الأمم المتحدة أمر غير مقبول. ويحرص الشرق الأوكراني على اعتماد اللغة الروسية رسميا رغم استخدامهم للأوكرانية. وأيدولوجياً فصل الأوكران بين كنيستهم الأرثوذكسية وبين الكنيسة الروسية- وهو حق لهم- رغم أن الدين المسيحي الأرثوذكسي واحد، والكاثوليكي حاضر أيضا، وتضررت المواصلات العامة على مستوى شبكة القطارات والباصات، وتغير شكل الحدود، وتم تعقيد معاملات السفر (الفيزا).

والرئيس (فلاديمير فلاديميروفيج بوتين) خبير أمني وسياسي واقتصادي كبير، عاصر الحقبتين السوفيتية والروسية، وأمتهن الحوار، وقدمه على الصدام حتى مع أوكرانيا، التي يعتبرها الجارة ، ويشيد دائما بروابط الأخوة معها والتاريخ الواحد المشترك، ويستغرب الاستقواء من طرفهم على بلاده روسيا بالغرب الأمريكي و(الناتو). وهو إلى جانب مساعده (يوري أوشاكوف) ووزير خارجيته (سيرجي لافروف)، ووزير دفاعه (سيرجي شايغو) من صمموا اتفاقية (مينسك 2015) بالتعاون مع بيلاروسيا وألمانيا وفرنسا للوصول إلى حلول وسط عادلة بشأن (الدونباس ولوغانسك)، وإلى علاقات طيبة مع أوكرانيا. ورئيس الوزراء الروسي الجديد (ميخائيل ميشوستين) متخصص بالداخل الروسي فقط، وهو مسؤول ناجح. وكل شخصية روسية سياسية ودبلوماسية سابقة الذكر هنا أعلاه وازنة وثقيلة، وتتميز بالحكمة والإخلاص بالعمل.

والقيادة الأوكرانية الحالية - في المقابل- فتية صنيعة عام 2019، وهو عام قدوم الرئيس المنتخب (فلاديمير الكساندروفيج زيلينسكي)، وهو الفنان الكوميدي، والمخرج السينمائي والمسرحي الشاب من مواليد عام 1978 أي يبلغ من العمر 44 عاما فقط، ودخل عالم السياسة متأخراً، ولم يبتسم بعد ذلك، والهم الوطني بدا على محياه، وخلط بين الاعتماد على الذات أوكرانياً، وبين الإستقواء بالخارج الغربي، وانتهج مبكراً السياسة الأمريكية في اللقاءات غير المباشرة، فلم يزر موسكو منذ تسلمه سدة الحكم في (كييف)، ولم يدعُو الرئيس بوتين لزيارة كييف، ووجه دعوة غير مقبولة له لزيارة الدونباس غير المستقرة، وفضل اللقاءات غير المباشرة تحت رعاية فرنسية وألمانية وبيلاروسية، وخصص لقاؤه الأول مع الرئيس الأمريكي (جو بايدن) على اعتبار أن أمريكا أقرب له من روسيا جغرافياً وعاطفياً. وفضلت موسكو في المقابل التحاور مع واشنطن مباشرة في الموضوع الأوكراني الساخن باعتبار أن أمريكا هي راعية ملف الشأن الأوكراني.

وشخصياً، أتمنى على القيادة الأوكرانية أن تختار الحوار وتقدمه على الحرب، ولدي اعتقاد أكيد بأن روسيا لن تجتاح أوكرانيا يوما رغم حشدها لقوات الناتو خوفا من الاجتياح الروسي المزعوم، وبهدف اجتياح شرق أوكرانيا، وهو الإجراء غير المسؤول.

ودميتري كوليبان وزير خارجية أوكرانيا شاب فتي من مواليد عام 1981، أي يبلغ من العمر 41 عاما، وتصريحاته يُشتم منها الفوبيا الروسية، أي الخوف غير المبرر من روسيا، والرئيس (زيلينسكي) اقتنع مؤخراً بأن روسيا لن تهاجم بلاده أوكرانيا، وبأن الإعلام يبالغ. ورئيس وزراء أوكرانيا (أليكسي هوفشاروك) شاب أيضا من مواليد 1984، أي يبلغ من العمر 38 عاما، والوحيد الذي يبدو بعمر متوسط هو وزير الدفاع الأوكراني (أندريه تاران) مواليد عام 1955، أي أنه يبلغ من العمر 67 عاماً.

ومع هذا وذاك، فالسياسة لا تقاس بالعمر، وإنما بالحنكة والتوازن وبعد النظر. ولا مخرج للأزمة الأوكرانية غير التمسك بالسلام وصولاً للتنمية الشاملة، ولما فيه كل الخير للشعب الأوكراني المكافح، وللسلام مع روسيا الاتحادية جارة التاريخ.






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :