facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نقد الذات وتقييمها


د. أحمد يعقوب المجدوبة
06-02-2022 05:20 PM

في مجتمعنا المعاصر يُوجّه الفرد النقد لغيره، لا لنفسه؛ وإن نسب لنفسه شيئاً فهو الإنجاز أو المديح.

وهذه ظاهرة مُقلقة، وهي جزء لا يتجزأ من الخطاب السلبي السوداوي الذي لا يبحث سوى عن الأخطاء والعثرات ويُروج لها، ويقفز عن الإنجازات والنجاحات، وهي كثيرة.

ولا تدري لمصلحة من يتم ذلك، وما الفائدة التي يجنيها الأفراد عندما يشوهون صورة مجتمعهم ولا يروجون سوى للإحباط والتشاؤم والفشل، فمثل هذا التفكير السلبي لا يعود بالنفع على أحد.

عنصران هدّامان تتكون منهما مثل هذه الثقافة المريضة، من ضمن عناصر عدة.

الأول ويتمثل في أن «النقد» الذي نشير إليه هنا هو ليس النقد بمعناه الإيجابي المحترف؛ فهذا مرحب به ومطلوب، ويقوم على التحليل العلمي والموضوعي للأمور بهدف معرفة أين حصل الخلل من أجل معالجته.

المقصود بالنقد هنا هو الإلقاء باللائمة على الآخرين، وفي أغلب الأحيان جزافاً، والنيل من مكانتهم وتشويه سمعتهم. هو فعل انفعالي غريزي، يخلو من العقلانية والحكمة، ويتعارض مع قيم مجتمعنا الأصيلة التي تقوم على احترام الآخرين والبعد عن النميمة والغيبة.

أما الثاني فيتمثل في أن الأخطاء تُخرَج عن سياقاتها وتُصوَّر على أنها أفعال مقصودة أو مستهجنة وكأن الإنسان معصوم عن الخطأ، بدلاً من النظر إليها بواقعية على أنها جزء لا يتجزأ من العمل، فكل من يعمل بتفان وجدّ قد يخطئ؛ لا بل إن من لا يعمل ويقصر في واجباته هو الذي لا يخطئ.

كم مخترع أخفق في تجاربه مراراً قبل أن يصل للنتائج المرجوة؟ وكم صانع للكثير مما نستخدم اليوم قد جرب وأخطأ قبل أن يضع بين أيدينا السيارة أو الطائرة أو الأداة الكهربائية التي نستخدم؟

والسؤال الجوهري هنا هو: ما سبب ذلك؟ وكيف نتعامل مع الأمر؟

هي أسباب وحلول متعددة لا ريب. لكننا نود أن نُشير بعجالة إلى واحد منها، ألا وهو غياب نقد الذات وتقييمها في مجتمعنا.

مجتمعات كثيرة تُعود الأفراد وتدربهم على نقد الذات. ويتم ذلك في الأسرة والمدرسة والجامعة وغيرها.

الأنظمة التربوية الناجحة هي التي تركز على هذا البعد. فالنظام التربوي الفاعل هو الذي يُمكّن الفرد ويعزز عنده مهارة الاعتماد على الذات. وجزء لا يتجزأ من مهارات الاعتماد على الذات تدريب الأفراد على تقييم ذواتهم، كي يتعرفون على النزعات الإيجابية والسلبية فيها، بهدف تعظيم الأولى والتقليل من الثانية.

وهذا أمر مهم، فعندما يتعرف الفرد على أخطائه ونزعاته السلبية يكون واقعياً في نظرته للأمور وناضجاً في سلوكه، فلا يحاول التهرب من عيوبه وأخطائه بنكرانها وإزاحتها على الآخرين، بل يُواجهها بشجاعة وثقة بهدف التعامل معها.

وهذا ما يتوجب علينا فعله، في الأسرة، والأهم في نظامنا التربوي، حتى نُعوّد الأفراد على مواجهة النفس وتحمل المسؤولية، بدلاً من التهرب والتنصل والإلقاء باللائمة على الآخرين.

تعليم مهارات تقييم الذات أمر مهم اليوم وحاسم، ولنا في الجامعة الأردنية تجربة متميزة في تدريس مادة «الأخلاق والقيم الإنسانية»، التي أدخل موضوع تقييم الذات فيها مكوناً أساسياً.

(الراي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :