لقــد تعثر قلمي باحثاً عن آخر يكتب ما أريد في التعليم العالي الأردني بعيدا عن ما أراه من خلط في الأوراق حول قضية وطنية هامة ومصيرية مثل التعليم العالي، وبرغم كثرة الشعارات التي ترفع في هذا الموضوع، أقول أن أهل مكة أدرى بشعابها. فأنا أعمل في الجامعات منذ عام 1991م وحينها كان قادة التعليم العالي يعرفون تماماً أدوارهم وماذا يعني التعليم العالي.
أقــول لقد مر على الجامعات منذ خمسة سنوات رؤساء أحترمهم وأجلهم ولكن بُعدهم عن دور الرئيس جعلهم يدفنون هيبة الجامعة الأكاديمية والإدارية .
وبالعــودة إلى عام ( 2006-2007) والذي ترأس جلالة الملك لقاءً كبيراً ضم كافة مؤسسات التعليم العالي وذوي الخبرة والاختصاص أعطى حينها توجيهات واضحة كان مبتغاه منها أن يكون الأردن جامعة المنطقة والعالم، هذه الرسالة واضحة إلا أنه وفي حينه وما تبعه من تغيرات في رؤساء الجامعات جاء بأساتذة لهم الاحترام والتقدير ولكن لم تكن لديهم الخبرة الكافية لفهمه وتفعيل المطلوب، إنني أقول ذلك على استحياء فقد تم هدم المسعى في الاستمرار وتطوير القاعدة الرئيسية في مفهوم تطوير وتحديث التعليم العالي.
إن جراحة التعليم العالي يتطلب إخراج رؤساء الجامعات من مجلس التعليم لإبعاد الشخصنة في القرارات وقد كتبت بذلك مقالاً بعنوان: "أخطاء ترتكب بحق التعليم العالي ومؤسساته (قضايا وحلول)" في جريدة الرأي بتاريخ 7/2/2009م وتحدثت عن محاور تشكيل مجلس التعليم العالي ، تعينات مجلس الأمناء، و تشكيلة مجلس العمداء، ومحور الرقابة على الجامعات، ومحورقادة الجامعات الأكاديمية والإدارية، إنني سعدت جداً عندما قرأت تشكيل مجلس التعليم العالي الجديد بناء على عديل قانون التعليم العالي وأرى فيهم انهم من أسس التعليم العالي في الأردن وبنى جامعات لو استمروا فيها لكان الأردن جامعة المنطقة والعالم، كما قال سيدي جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه.
لقــد أورمنا الحديث عن الجامعات واعتقد أن العمليات الجراحية بدأت بوعي ومسؤولية تامة، مطالباً مجلس التعليم العالي الموقر أن يحقق رؤى جلالة الملك وتطلعات الشعب الأردني من خلال:
- وضع استراتيجية واضحة للعلاج الشامل لمنظومة التعليم العالي من حيث تسمية الكليات، الأقسام، التخصصات، البرامج، الخطط الدراسية وضرورة تحديثها، واقترح لذلك تشكيل لجان من أصحاب الخبرة العلماء الباحثين ... الخ. والذي نفاخر بهم العالم وفي زمن قياسي وسريع لوقف العشوائية التي تعيشها الجامعات في هذا المجال.
- البدء فورا بانتخاب القيادات الداخلية في الجامعات بدءً من نائب الرئيس، وعميد الكلية، ورئيس القسم والمراكز البحثية، قتلاً لمزاجية الرؤساء في تعيين أولئك.
- ضرورة الاهتمام في البنى التحتية للجامعات من مباني، مختبرات، مراكز ... الخ وضع انشاء أية كليات وتخصصات ما لم تحقق بداية معايير الاعتماد العالمية في كل شئ.
- وقف إنشاء الجامعات الأخرى والتي جاءت على حساب الجامعات الوطنية، وهنا فقد برر أحد رؤساء الجامعات فتح فرع لإحدى الجامعات العالمية في الأردن لإعطاء مزيداً من إدخال العلوم الحديثة وأساليبها وبالمتابعة وجد أن مدرسين في جامعته هم من يقوموا بالتدريس في ذلك الفرع ، عجيب وغريب، إن مثل هذه القرارات والتصريحات مقززة ونجده يتابع ما قالت عنه الصحافة في ذلك.
- الوقوف عند ظاهرة التعليم الخاص، فقد بدأ عند طلبتنا في الجامعات ظاهرة غريبة وهي مراجعة مدرس في بيته لإعطاء دروس خصوصية (حرام).

إننــي أفتخر وأعتز بما جرى معهم من تعديلات في التعليم العالي الأردني، وبهذا تكون انتهينا إلى الطريق الصحيح.

إنني فخور بأعضاء المجلس وعملت مع بعضهم فأعرف مدى قدرتهم الأكاديمية والإدارية ووطنيتهم وهنا أشد علىأيديهم منوهاً إلى ضرورة تشكيل مجلس الرقابة على الجامعات، لقد آن الأوان أن تنضبط جامعاتنا أكاديمياً وإداريا مالياً (أقصد ضبط النفقات) وإن كان هناك مثال يحتذى في حل مشكلة التحويل فعلى الجامعات التوجه لبناء مشاريع استثمارية خاصة بالجامعات بما بتوافق مع جغرافيتها.

- تشكيل لجنة وطنية متخصصة في تطوير العلوم وأساليب تدريسها وهنا تسجل للمجلس الأعلى وهذا يشمل المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا إهتمامه في هذا الجانب وأطلب من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الشراكة في ذلك من خلال تفعيل قرارات المجلس بناءً على نتائج دراسات اللجان المتضمنة إعادة دراسة قطاعات العلوم وتحديثها.

- اعداد مدرسي الجامعات كقادة لمنظومة التعليم من خلال اختيارهم من قبل لجان من خارج جامعاتهم وإعدادهم وتنميتهم ومطالبتهم بالبحث فإما أن يقدم بحثاً كل عام جامعي وإلا فإنه لا يصلح للبقاء في الجامعة مع ضرورة حصوله على دورات في الحاسوب واللغات الاخرى.

- تعظيم شأن تكنولوجيا المعلومات والمكتبات العلمية ولنا في الجامعة الأردنية مثال طيب.
- التعينات الإدارية في الجامعات فأصبحت تسويقاً للرؤساء وتقديرا لمصالحهم أينما حلت وأطلب هنا أن يربط ذلك مع ديوان الخدمة المدنية مباشرة.

وفي النهاية نمتثل لتوجيهات جلالة القائد ملك البلاد المفدى ونشد على يد حكومته الرشيدة بتطبيق رؤى جلالة الملك في تحديث وتطوير التعليم العالي وللمجلس كل الاحترام والتقدير.