حين فاز المنتخب المصري علينا 6-1
بسام حدادين
10-12-2025 09:16 PM
تداعيات رياضية ..
شاهد ولاعب في هذه المباراة، التي جرت يوم جمعة من عام ١٩٦٨ ، وكان ذلك يوم افتتاح مدينة الحسين الرياضية.
كنت قد قرأت قبل اسبوعين في الصحف الأردنية، اسمي مدرجاً في قائمة المنتخب الأردني التي سيواجه منتخب مصر ، بعد عشرة ايام، وكنت حينها العب حارساً لمرمى نادي الجزيرة ولم يمض على التحاقي بنادي الجزيرة ستة اشهر اشتركت خلالها معه في مبارتين دوليتين ضد فريق قبرصي حضر الى الاردن تعادلنا معه ٢ - ٢ وأخرى في دمشق ضد فريق الجيش السوري الذي فاز علينا ٢ - صفر.
فرحت لان اسمي ظهر في الإعلام، لكنني كنت قلقاً لانني أحضر لامتحان التوجيهي وعمري لم يتجاوز ١٨ عاماً ، ما خفف قلقي أن اسمي ورد بعد اسم حارسين للمرمى اكثر مني خبرة وعمراً، هما ؛ نادر سرور وعبد الكريم ابو عياش، أي انني سأكون الاحتياط الثاني.
دعيت للإلتحاق بمعسكر تدريبي للمنتخب في عمان، لمدة اسبوع، لكني لم ألتحق بالمعسكر بسبب انشغالي بالدراسة .
يوم المباراة تجمعنا (لا أذكر أين)، لا اعرف من لاعبي المنتخب ولا يعرفني منهم سوى لاعبي الجزيرة اذكر منهم بالإضافة إلى ابو عياش التل والحاج، لم يسبق لي ان التقيت بمدرب المنتخب وهو مصري الجنسية، وهو لا يعرفني ولا سبق ان شاهدني في الملعب، فهو أصلا حضر ليدرب المنتخب الأردني فقط ايام المعسكر الذي استمر لاسبوع.
سار الباص الذي يقلنا حتى وصلنا مكان دوار الداخلية الان، وكانت الطريق من مكان دوار الداخلية إلى مدخل المدينة الرياضية مرصوفاً بالحجارة ولم يكتمل تزفيته بعد.
دخلنا غرفة الغيار وارتديت ملابسي الرياضية الخاصة التي احضرتها معي. لم اذكر ان المدرب تحدث إلى الفريق لا بخطة ولا بتوجيهات محددة، ربما اعطى اللاعبين توجيهاته في المعسكر التدريبي الذي لم احضره.
كان المرحوم مصطفى العدوان كابتن المنتخب وابو عياش هو حارس المرمى، لغياب نادر سرور بسبب إصابته اثناء التدريب.
اذكر عبارة قالها المرحوم مصطفى العدوان في غرفة الغيار لم أنساها حتى اليوم ، إذ قال: " المصريين بغلبونا في كرة القدم ونحن نغلبهم بالشدة" حيث كان اللاعبون يسهرون لمنتصف الليل يلعبون الشدة.
خرجنا إلى الملعب، وما ان شاهدت الجماهير تغطي مدرجات الملعب، وهديرها، يملأ المكان، اقشعر بدني، لم اشاهد في حياتي هذا العدد من الجمهور وهذا الهدير الجماهيري.
جلست على مقاعد الاحتياط، ونظرت إلى المنصة الملكية اذ كانت المباراة تحت رعاية جلالة المرحوم الملك حسين وبحضور الأميرين الحسن ومحمد، ما رفع منسوب القلق والتوتر عندي.
المنتخب المصري كان منتخباً عملاقاً وكنا نتابع أخبار لاعبيه من خلال متابعتنا لنادي الزمالك والنادي الأهلي. واذكر منهم الجوهري وابو جريشه والشاذلي.
بدأ الشوط الاول بتفوق كبير للمنتخب المصري وانتهى الشوط الاول ٢ - صفر.
اما الشوط الثاني فكان مهرجاناً للأهداف ضد الاردن، وفي اول هجمة على مرمانا سجل المنتخب المصري هدفاً سهلاً جداً في مرمانا؛ وسمعت صوت المدرب يناديني ويطلب من ان استعد للدخول إلى الملعب. اقشعر بدني واخذت أهرول لإجراء الإحماء، ما هي إلا دقائق والا الطالب بسام حدادين ١٨ عاماً لم يسبق له أن تدرب على يد مدرب حراس مرمى، كل خبرته من الشوارع وفرق رياضية محلية في مدينة الزرقاء وثم الجزيرة . يا لها من ورطة ومسؤولية وكنت اقول لنفسي؛ لماذا أنا من بين كل شباب الأردن مطلوب مني ان احمي مرمى الاردن وتحت نظر ورقابة الملك والأمراء وجمهور يملأ المدرجات.
لكن ثقتي العالية في نفسي وحماسة الشباب، تفوقت على هواجسي. قدمت في اول ثلث ساعة عرضاً ممتازاً، اذكر انني انقذت مرماي من انفراد للاعب علي ابوجريشة وسجل خلال هذه الفترة المرحوم ابو العوض ضربة صاروخية من ضربة حرة مباشرة من مسافة ٤٠ ياردة ، تشبه ضربة ابو طه في مباراتنا مع الكويت ، واصبحت النتيجة ٣ - ١.
وارتفعت معنويات منتخبنا؛ ما دفع المنتخب المصري إلى تكثيف الهجمات ونجح في هز شباكي ٣ مرات لتصبح النتيجة ٦ - ١ .
كان واضحا فرق اللياقة والخبرة عند المنتخب المصري، ذهبنا للسلام على الملك وفزت في اول صورة في حياتي وانا أصافح المرحوم جلالة الملك حسين.
التلفزيون الأردني سجل المبارة وبثها يوم الثلاثاء لانه لم يكن مجهزاً لنقلها بثاً مباشراً.
كيف تغيرت الدنيا اليوم واصبح لدينا منتخبا متطورا يفوز على المنتخب المصري ٣ - . ونعلق عليه امالا كثيرة..