facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




روسيا لا تريد الحرب


د.حسام العتوم
19-02-2022 10:33 AM

قلتها عبر الإعلام عدة مرات, وأعيد قولها هنا من جديد, بأن روسيا الاتحادية التي أعرفها جيداً من الداخل, وأعرف لغتها, وأتابع وأفهم عقليتها السياسية عن قرب, بحكم الدراسة والعيش والمصاهرة والترحال والكتابة والقراءة المستمرة المتخصصة, هي دولة سلام وحوار ودبلوماسية, وتاريخها المعاصر العميق شاهد عيان. وهي لا تريد الحرب فعلاً مع جاراتها الشقيقة أوكرانيا ذات التاريخ العريق المشترك والروابط الأخوية الاجتماعية الوطيدة والمتداخلة والمنسجمة, ولا حتى مع حلف ( الناتو ) العسكري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية, ومن زاوية القوة والاعتداد بالذات, والحكمة وبعد النظر, وبهدف المحافظة على أمن العالم بعد التمسك بالقانون الدولي دستوراً لتوجهاتها السياسية والعسكرية الخارجية.

ولقد أعجبني الرئيس الأمريكي جوبايدن الذي أحييه من هنا من عمان عاصمة مملكتنا الأردنية الهاشمية, عندما صرح مؤخراً بتاريخ 17 شباط الجاري 2022 بأن روسيا ليست عدوة لأمريكا, ووجه خطابه للشعب الروسي, وهي خطوة حميدة مشكورة ومقدرة, وإذا ما رغبت أمريكا أن تساهم في كسب الحرب الإعلامية العالمية الدائرة حول الصراع ( الأوكراني – الروسي ومع ( الناتو)) فعليها فعلا أن تواصل تصريحاتها الحميدة بحق روسيا الحليفة السياسية والاقتصادية لها, والمنافسة لحراكها في نفس المجال وعلى مستوى عالمي, تماما كما تفعل روسيا بحقها رغم التجييش الإعلامي السلبي من طرفها والموجه لروسيا تحديدا. وليس أجمل من أن يعيش العالم بأمن وسلام بحثا عن تطوير مسارات التنمية الشاملة خدمة للبشرية جمعا. ومثلما هي روسيا الاتحادية تدعو أوكرانيا للحوار الداخلي غربا وشرقا مع ( الدونباس ولوغانسك ), وتدعوها للعودة لإتفاقية ( مينسك ) لعام 2015 الضابطة لسيادة أوكرانيا, وتدعو حلف ( الناتو ) للعودة لإتفاقية عام 1997 الضابطة للإنتشار النووي بالقرب من حدود روسيا, ومثلما هي روسيا لاتتجه بنشر صواريخها النووية بالقرب من حدود أوروبا وأمريكا, أصبح مطلوبا من أمريكا أن تنتهج نفس المسار وتدعو أوكرانيا للحوار الداخلي, ومع روسيا أيضا مباشرة. وبالمناسبة كل الحراك الدولي السياسي والعسكري والأمني مراقب تكنولوجيا بوجود الأقمار الصناعية وغيرها من التقنيات الاستخبارية غير المعروفة للعامة وسط الرأي العام.

وفي مقابلة لهنري كيسينجر وزير الخارجية الامريكي الاسبق والسياسي العملاق بتاريخ عام 2014 مع مجلة (ديرشبيغل) الألمانية تحدث فيها عن الحدث الأوكراني بأن على أوكرانيا أن تختار الاستقلال الحقيقي وعدم الارتباط فقط بالغرب أو بالشرق وتستطيع اختيار الاقتصاد الذي يناسبها وحكومتها كذلك, ولا يشجع دخولها حلف ( الناتو), ولن يصوت الحلف على انضمامها بالمطلق, وقال بأن أوكرانيا لن تصبح يوما بالنسبة لروسيا دولة أجنبية, وبأن غرب أوكرانيا يختلف كليا عن شرقها أيدولوجيا على مستوى الدين المسيحي الكاثوليكي والأرثوذكسي وعلى مستوى اللغتين الأوكرانية والروسية, واحتمال نشوب حرب شعبية بينهما. وحسب كيسينجر فأنه لايشجع روسيا على ضم شبه جزيرة القرم التي دخلت السيادة الأوكرانية فقط عام 1954 حتى لاتتعمق الأزمة مع روسيا. وهنا والكلام لي فأنني لا اتفق مع هنري كيسينجر حول موضوع أحقية ( القرم ) الذي أعلنت موسكو بأنه أصبح خاضعا لسيادة روسيا الاتحادية بالكامل بينما تعتبره أوكرانيا محتلا منذ انقلابها عام 2014 واختيارها بوصلة الغرب على حساب معادات روسيا, وعلى الغرب ترك موضوع ( القرم ) لبحثه بين روسيا وأوكرانيا المنقسمة على نفسها غربا وشرقا, وبالمناسبة إقليمي ( الدونباس ولوغانسك ) المطالبان بالحكم الذاتي داخل السيادة الأوكرانية يعترفان بالقرم ضمن السيادة الروسية والتاريخ الروسي القديم والعريق. ورسالة حديثة بعث بها البرلمان الروسي ( الدوما ) عبر الحزبين ( الشيوعي وروسيا الموحدة الحاكم ) للرئيس فلاديمير بوتين لكي يعترف بالحكم الذاتي للدونباس ولوغانسك, لكنه فضل عودة الملف الأوكراني لإتفاقية ( مينسك لعام 2015 ) الضابطة لأمن أوكرانيا غربا وشرقا, ومع روسيا, ومع الغرب وأمريكا, ومع حلف ( الناتو ) العسكري أيضا .

ولقد أصبح مطلوبا من العالم أن يقتنع أكثر من أي وقت مضى بأن روسيا لاتريد الحرب مع أوكرانيا, وبأنها لن تجتاحها، ولا حتى مع حلف ( الناتو) العسكري, ولا مع أوروبا, وعلى كل الأطراف ( الأوكرانية والغربية ( الناتو ) ) الذهاب إلى التهدئة السياسية والإعلامية, والفصل بين مشروع أوكرانيا دخول ( الناتو ), والذي هو الأمر المعقد والصعب وغير المفضل, والذي قد يقود لدخول روسيا لحلف ( الناتو )أيضا, وبين قضية إقليم ( القرم ) المحسومة روسيا على مستوى السيادة, وما يتعلق بالدونباس ولوغانسك الواجب أن تشجع كافة الأطراف الدولية على عودة ( كييف ) لإتفاقية ( مينسك ) لضبط الأمن الأوكراني أولا. وهاهو غرب أوكرانيا يقصف الدونباس ولوغانسك بالسلاح, وخروج لنسبة من سكان الإقليمين بإتجاه روسيا, واجتماع تحالفي بين الرئيسين الروسي بوتين والبيلاروسي لوكاشينكا حول الدونباس ولوغانسك الجمعة 18 شباط الجاري, ويبدو أن ( كييف ) بدأت تقتنص فرصة اعلان (موسكو) عدم رغبتها اجتياح أوكرانيا, وتمارس استفزازها علنا لإحراجها دوليا ولكي تصطدم مع ( الناتو ).

والتاريخ المعاصر شاهد عيان على حرص روسيا السوفيتية على تحقيق السلام وأمن العالم, ولم تكن معتدية يوما, ففي الحرب العالمية الثانية مثلا اعتدي عليها وعلى حلفها السوفيتي والدولي من قبل النازية الألمانية عام 1941, وفي الحرب ذاتها اعتدت اليابان على الاتحاد السوفيتي وانتهت بخسارتها لجزر( الكوريل ), وفي الوقت الذي خططت فيه الولايات المتحدة الأمريكية لضرب الاتحاد السوفيتي نوويا عام 1949 ,جهز الاتحاد السوفيتي بقيادة روسيا قنبلته النووية لحماية أمن العالم وحتى الساعة بعد تطويرها عدة مرات, وعلى مستوى صواريخ ( كروز وكينجال وفانغارد ) النووية فوق الصوتية, وإلى أفغانستان ذهب الاتحاد السوفيتي عام 1979 لضبط ايقاع الحرب الباردة وسباق التسلح, وخرج من هناك عام 1988 بعد زيارة ميخائيل غورباتشوف للولايات المتحدة الأمريكية والاتفاق على السلام .ولم يشهد التاريخ المعاصر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 أن اعتدت روسيا الاتحادية على أية دولة قريبة أو بعيدة, وهي على العكس تماما تتمسك بقوة بخيار القانون الدولي والسلام والعمل الدبلوماسي والحوار.

وأخيرا هنا وفي الوقت الذي أشيد بخطوة الخارجية الأردنية بالعمل وففق خطة مباشرة وبديلة من أجل الحفاظ على أمن رعايا الأردن في أوكرانيا من طلبة وغيرهم, ومنع وصول الأردنيين إلى هناك بسبب التشكيك الغربي والدولي, والضجيج الإعلامي المرافق, ولتشكيل غرفة عمليات للمكون الأردني الدبلوماسي والطلابي بسبب احتمال اجتياح روسيا لأوكرانيا, وهو الذي لن يكون قطعا وأبدا, وهو ما أكده مرارا الرئيس بوتين ووزير خارجيته لافروف, وزيارة وزير دفاع روسيا شايغو لإيران وسوريا مؤخرا أعطى مؤشرا إلى جانب تصاعد وتيرة انفتاح الخط الساخن بين واشنطن وموسكو على أن الأزمة الأوكرانية لم تعد تشكل الرقم ( 1), وبأنها في طريقها للإنفراج الدولي، الأمر الذي يتطلب من الخارجية الأردنية دراسة تفكيك قراراها على صعيد سحب أو منع الأردنيين من الوصول إلى ( كييف ), والعودة إلى حالة ما قبل القرار الطبيعية, والعلاقات الأردنية - الروسية في المقابل متينة وعميقة تتقدمها العلاقات الشخصية الدافئة بين جلالة الملك عبد الله الثاني " حفظه الله " وبين فخامة الرئيس فلاديمير بوتين.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :