facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ثقافة المحاصصة


د. سالم الدهـــام
20-03-2022 12:17 AM

الحمد لله أننا في هذا البلد الطيب المبارك بقيادته الهاشمية النبيلة المظفرة، وشعبه الأصيل، وبناه القانونية والمؤسسية تشريعية وتنفيذية وقضائية لا ندعم فكرة المحاصصة، ولا نحض عليها؛ فدستورنا وقوانيننا ومؤسساتنا العامة تؤكد على الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وتوحيد الولاء والانتماء لله والوطن والملك، وسيادة قيم الحق والعدل والخير بين الناس، والتأكيد على فكرة المواطنة على أساس من الحقوق والواجبات التي يقررها القانون، بعيدا عن أي حقوق مكتسبة من غير أساس من العدل والحق، وقد خطت دولتنا على هذا الطريق خطوات مباركة وميمونة، حتى غدا الأردن مضرباَ للمثل في الحفاظ على حقوق أبنائه وبناته من شتى المنابت والأصول.

فكرة المحاصصة من حيث المبدأ تتناقض تماما مع ثقافة المجتمع المدني، ومع روح الديمقراطية، وفكرة المواطنة القائمة على تكافؤ الفرص بين الجميع تحت سقف الدستور ومظلة القانون، وقد توجد ثقافة المحاصصة بوصفها ممارسات شعبية وثقافات مجتمعية لا يؤطرها القانون ولا يتبناها، ولا يشجع عليها، ويجهد في مكافحتها والقضاء عليها عبر نشر الوعي والتنوير بمخاطرها على الوطن ومستقبله، وقد توجد المحاصصة في بعض البلدان والمجتمعات مكيفة ومحمية بالقانون، وهذا أمر يتجاوز كونه مشكلة إلى كونه كارثة حقيقية تحول الولاء عن الأوطان إلى القيادات الشعبية والجهوية والعشائرية والإدارية وغيرها من المرجعيات الفرعية التي تخدم المصالح الآنية الضيقة.

وكأي مجتمع من المجتمعات في كل أصقاع الأرض ثمة من يغردون خارج السرب، ويشطَون في ممارساتهم وسلوكياتهم بعيدا عن الإيقاع العام، وخارج حدود المرجعية المؤسسية والقانونية والثقافة الجامعة ؛ لينحرفوا عن النهج القويم، وليكرسوا ثقافة مجتمعية تتعارض مع الثقافة المدنية، ثقافة جانحة، لا تساهم في دفع المجتمع إلى الأمام، ترد المجتمع إلى قيم المجتمعات الرعوية؛ حيث كان الناس يتقاسمون المراعي بحسب النفوذ والقوة، تلك القوة التي تسحق الأفراد، وتلغي حقوقهم وحرياتهم، تقضي على فكرة الطموح والمنافسة الشريفة، وتلغي روح المبادرة، وتحيد الإبداع، وتحول دون استثمار طاقات الأفراد وقدراتهم، وتقضي على الاختلاف المنتج والتنوع المثمر لصالح روابط وعلاقات وعناوين أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها (عصبوية) تلغي دور النخب المستنيرة، وتتعامل مع الاستحقاقات من خلال تفاهمات غير قانونية بين أفراد يجيرون لصالحهم دون وجه حق كتل بشرية كبيرة، الأمر الذي يساهم في تعطيل روح الدستور، وتفريغ القوانين من مضامينها، وتحدث هذه الممارسات بتكييف قانوني فقط من حيث الشكل، على مستوى الأفراد ذوي المراكز الاجتماعية والرسمية، ممن لديهم القدرة او السلطة للتأثير على سلوكيات الأفراد اتجاهاتهم.

ولكي لا يظل الحديث نظرياً أود أن أشير إلى ما بات يعرف في القرى والأرياف بالفرز المسبق للانتخابات، وما يرافق ذلك من وصم لمن يفكرون باستخدام حقهم المشروع في الاستحقاق الانتخابي، وما يرافق ذلك من ممارسة الضغوط الاجتماعية، وسيطرة التحالفات المصلحية، ومقايضة الحاضر بالمستقبل، وتجيير الإرادات الفردية بالجملة، وغير ذلك.

إن الازدواجية التي تعيشها مجتمعاتنا قد باتت جزءا منة ثقافاتنا، فنحن في آنٍ واحدٍ متدينون وعلمانيون، ونحنُّ إلى العيش في الماضي ونرغب بالانفتاح على المستقبل، ونؤمن بالأبوة المجتمعية وتقاليدها ونريد ان نمارس حرياتنا وحقوقنا الفردية بقوة، ونطالب بالمجتمع المدني، نريد أن ننحاز إلى التراث الاجتماعي والديني ونتوق إلى دخول العالم من بوابة المعاصرة، ندعي تمكين المرأة ولا نؤمن بقدراتها، نجتمع على أسس عصبوية، وننادي بفكرة المواطنة، نغني للثقافة الوطنية والخصوصية المحلية ونقرر أن لا متسع في عالم اليوم لغير المواطن العالمي، نمارس طقوس السحر والشعوذة، ونبشر بعصر العلم والمعرفة عنوانا ولغة للعصر، نحتاج أكثر من أي وقت مضى لفض الاشتباك، والخروج من هذه الازدواجية: لنواجه الكثير من الظواهر السلبية ومن بينها ثقافة المحاصصة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :