عمون - على الرغم من ان الكثيرين باتوا يعتبرونه خارج العصر مع اختلاف انماط السكن وانتشار الأبنية الطابقية إلا أن الصوت الذي يصدره يثير لدى السامع إحساسا مختلفا يعيده بالذاكرة إلى الزمن الغابر في ازقة دمشق القديمة وبيوتها وحماماتها.

والقبقاب الذي انتشر في فترة الخمسينيات باتت صناعته اليوم من المهن المهددة بالزوال والاندثار حيث لم يبق في دمشق سوى ورشتين لهذه الصناعة تضم كل منهما رجلين اثنين فقط بعد ان كان يعمل فيها أكثر من 200 صانع في نحو عشرين ورشة.

ويقول شيخ كار مهنة صناعة القباقيب حمزة مخللاتي الذي يتجاوز عمره الثمانين عاما انه ورث المهنة التي ظهرت منذ قرابة ثمانية قرون ومشيخة الكار عن والده الذي عمل بها منذ عام 1915 حتى وفاته.

ويشير مخللاتي الذي يمتلك آخر محال لصناعة القباقيب في خان السفرجلاني إلى ان مردود المهنة المادي اصبح ضعيفا لقلة الانتاج مقارنة بفترة الخمسينيات حيث كان هناك طلب كبير على القباقيب من جميع المحافظات وحتى الدول المجاورة مثل الأردن ومصر وتركيا موضحا ان مهنته في طريقها إلى الزوال والاندثار بسبب عدم تطورها الأمر الذي جعلها غير مرغوبة من قبل الشباب المهتم بآخر صرعات الموضة ودخول مختلف أنواع الأحذية الجلدية والبلاستيكية إلى السوق إضافة إلى وفاة أغلب من يعملون بها مقترحا انشاء قرى وأسواق متخصصة في كل مهنة يتم فيها عرض المنتجات التراثية على السياح والزوار.

وحول طريقة صناعة القباقيب يقول القباقبجي محمد أبو محمد ان القبقاب كان يصنع بطريقة يدوية حيث يتم نحت الخشب وبعدها يدهن بمادة اللكر ويوضع عليه الجلد الطبيعي الذي يسمى بالسير بينما في الوقت الراهن يتم نحت الخشب في المنشرة لافتا إلى ان هناك منشرتين تقومان بقص الخشب واحدة في منطقة جوبر والاخرى في باب السلام في حي العمارة.

وعدد أبو محمد أنواع القباقيب التي كانت رائجة قديما ومنها القبقاب الشبرواي او العادي والمطعم بالعظم وبالصدف الأغلى بين هذه الأنواع الذي يرتفع عن الأرض اكثر وهو قبقاب استخدمته المرأة الدمشقية بزيادة طولها ورفع ثوبها الطويل حتى لا يلامس الأرض وكان خشبه مصدفا ومطعما بالعظم وسيره مطرزا بخيوط القصب او الفضة او الذهب وهناك قبقاب نصف الكرسي وهو اقصر من الأول وكان قبقاب المهاجرين اكثر أنواع القباقيب انتشارا في دمشق.

وعزا رئيس اتحاد حرفيي دمشق نذير الكردي عدم إنشاء جمعية حرفية تعنى بشؤون مهنة القباقبية إلى العدد القليل جدا من العاملين فيها و الى تراجع الطلب عليها نتيجة منافسة الأحذية الحديثة معتبرا ان الحل يكمن في انضمام العاملين في هذه المهنة إلى جمعية الشرقيات التي تعنى بالتراث وكل ما هو قديم وآيل للزوال من اجل تنظيم مشاركات لهم في المعارض الوطنية والدولية.

ولفت الكردي إلى ان هناك تنسيقا بين الاتحاد ومحافظة دمشق وجمعية الشرقيات لإيجاد قرية صغيرة للمهن التراثية وإحياء هذه المهن التي تكاد تنقرض حيث تساهم في جذب السياح.

و تناولت العديد من الأعمال الدرامية والتاريخية التلفزيونية والأفلام السينمائية القبقاب كجزء من البيئة الشامية القديمة كما ارتبطت القباقيب بالأعياد والأمثال الشعبية حيث كانت تشتري قبل الأعياد بأيام قليلة وتدخل الفرحة والسرور على قلوب الأطفال ومن هذه الأمثال "من ليس له قبقاب ليس له عيد" و"ريح مداسك يرتاح راسك".

بدوره يعتبر القباقبجي يحيى قصاص البالغ من العمر نحو ستين عاما ان للقبقاب فوائد صحية وأنه يناسب الأقدام أكثر من الأحذية الجلدية والبلاستيكية ويساعد في التخفيف من التشققات لما للخشب من خواص وخاصة في امتصاص حرارة الجسم .

ويضيف قصاص ان العائلة كانت تميز القباقيب عن بعضها من خلال وضع مسمار او اكثر في مقدمة القبقاب اضافة إلى ألوان سير القبقاب حيث كان يتم عادة تزيين القبقاب الخاص بالأطفال بالورود والألوان بينما تتميز قباقيب الرجال بألوانها التي تتراوح بين البني والأسود لافتا إلى ان قبقاب العروس أغلى ثمنا من بقية القباقيب ويصل ثمنه إلى ثلاثة آلاف ليرة إذا كان مرصعاً بالفضة وتتراوح أسعار القباقيب اليوم ما بين 75و300 ليرة. (سانا)