facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مخلص عمرو: سيرة حياة تستحق أن تُروى وتكتب


يوسف عبدالله محمود
19-04-2022 10:55 AM

"لا ينبغي أن نُحاضر البدو والفلاحين عن النظافة قبل أن نمد إليهم أنابيب الماء"
مخلص عمرو

مخلص عمرو واحد من عُمُد الصحافة في فلسطين، أحب وطنه حد العشق، أحبه بقلبه وعقله، ومع الأسف دفع ثمن هذا الحب غالياً، عانى التشرد والاعتقال. وصفه الحاج الراحل الأستاذ جمعة حماد في كتابه "قصتي مع الصحافة" بأنه "صاحب فكر نيّر" وحقاً هو كذلك. عرفته في الخمسينات من القرن الماضي حين كان محرراً لامعاً في جريدة "الدفاع" المقدسية. وقد عُرف حينها بمقاله اليومي الشهير "في الصميم". مخلص عمرو ابن قرية "دورا" في قضاء مدينة الخليل، جريئاً كان في كتاباته، لا يساوم على قناعاته وقيمه، صاحب نكتة مستحبة، يستظرفها أصحابه ومعارفه، تلذع أحياناً من لا يطيق النقد والنقد الذاتي.

التحق بالحزب الشيوعي الفلسطيني، ولكنه تركه فيما بعد، حين ضاق رفاقه بسهام النقد التي وجهها إليهم. نقده انصبّ على التزامهم بما يمليه الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي آنذاك، يقبلون هذه الاملاءات دون مناقشة. انتقد حرفيّتهم التي تُغيّب حرية الفكر، اعتبره رفاقه منشقاً، فآثر الخروج من الحزب، وهنا راحت مناشيرهم تهاجمه بشدة، فهو المرتد والمنحرف!

انتقد وهو الماركسي المتعمق، ضيق صدورهم بالنقد الموضوعي. فالرجل اخذ عليهم رفضهم للحوار الهادف الذي كان يُعري النهج التابع الذي يسلكونه، لم يُصغوا إلى ملاحظاته التي اثبتت الأيام مصداقيتها، الوعي النقدي كانوا يرفضونه.

قُلت في البداية إن مخلص عمرو أحب فلسطين إلى حد العشق، وحبه لها لم يمنعه من أن يُجاهر برأيه، وإن عارضه الكيرون آنذاك، ثم ما لبث بعضهم أن ندموا لأنهم عارضوه. من هؤلاء المرحوم جمعة حماد نفسه الذي ربطته بمخلص عمرو صداقة حميمية –كما وصفها- بالرغم من اختلاف الرؤية لدى الرجلين!

ولنترك لِ" ابو اسعد" جمعة حماد –رحمه الله- يروي لنا ما دار بينه وبين المرحوم "ابو هشام" مخلص عمرو غداة طرح قرار تقسيم فلسطين في مجلس الأمن. يقول الحاج جمعة حماد: سألت هذا الصديق عن رأيه في مشروع التقسيم الذي رفضه العرب آنذاك فقال: "الأفضل أن نقبل به، ونحاول أن نحسّن أوضاعنا بعد ذلك". وهنا استفزت الأجابة الحاج وردّ قائلاً: "كيف نترك هذا الجزء الكبير من أرضنا المقدسة لليهود"! فقال مخلص: "إن الجيوش العربية –فيما أظن- ستدخل ولكن التدخّل الدولي سيوقفها عند حدود التقسيم المعروفة. وسَنُجبر نحن أن نقبل بذلك في ظروف قد لا تلائم أهدافنا في المدى البعيد. فخيرٌ لنا أن نقبل دون إكراه، لكي لا نفقد الفرصة في تحسين أوضاعنا في حصتنا من التقسيم، وفي استعدادنا لاسترداد ما خسرناه"! (جمعة حماد: "قصتي مع الصحافة"، ص 16)
وهنا يُفجع حماد بما سمعه، ويغادر مجلسه، وقد بلغ به الحنق مبلغه، "قلت في نفسي وَيحَ هذا الشيوعي الذي لا يهمه أن يتنازل عن ارض مقدسة عند أمة العرب والمسلمين جميعاً". (المرجع السابق ص 16)

وتمضي السنون ويلتقي الرجلان في غزة بعد أن ضاعت فلسطين بمعظمها. وأترك مرةّ أخرى الحديث للمرحوم جمعة حماد: "دعاني مخلص عمرو، وكان قد عُين مديراً للتعليم في غزة، على الغداء عند الشاطيء ومعه المرحوم داود القواسمة، فاعتذرت إليه عن جهلي الذي كان: فاتبسم وهو يقول: لست وحدك في ذلك الرفض ولكن اليهود –مع الأسف- لم يقفوا عند الحدود إياها. لقد أكلوا ما أحلّ لهم التقسيم، وما حرّم عليهم. أثار حديثنا داود القواسمة –وكان زجالاً- فأخذ يتلو على مسامعنا على السليقة كلاماً مثيراً ومحزيناً بلازمة واحدة هي: "يا خسارتك يا فلسطين". (المرجع السابق ص 16)

أتساءل اليوم: هل كان رفض العرب كدول آنذاك لقرار التقسيم صائباً؟ وهنا يُقال إن اليهود كانوا يُناورون لرفضه. على كل حال ربما كان الظرف الدولي وصدور قرار التقسيم عن جميع أعضاء مجلس الأمن بما فيها أمريكا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي سيجعل هذا القرار نافذ المفعول لو أعلن العرب قبولهم به. "يا خسارتك يا فلسطين".

ما قاله مخلص عمرو آنذاك قولٌ كان صاحبه يستشرف به آفاق المستقبل البعيد، فما يطالبذ به العرب اليوم هو العودة إلى حدود 1967 واستعدادهم الاعتراف بإسرائيل كدولة من قبل جميع الدول العربية إن هي وافقت على هذا الانسحاب! لماذا –إذن- لم نقبل بالتقسيم ونحسن وضعنا؟

في تصوري إننا لو قبلنا بمشروع التقسيم لما جرؤت إسرائيل في ذلك الظرف على عدم الإذعان. كان الظرف مواتياً لنا. مع الأسف كان من يقبل بالتقسيم يعد خائناً! فرصة أضعناها!

رحم الله مخلص عمرو كم كان وفياً لوطنه، كم كان يحترم "ثقافة الاختلاف".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :