facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نساء صغيرات


وليد شنيكات
02-05-2022 05:39 PM

أقتبس العنوان "نساء صغيرات" من رواية الكاتبة "لويز ماي إلكوت" وكانت قدمتها في عمل سينمائي ضخم في هوليوود، وأيضاً في أعمال تلفزيونية ومسرحية ورسوم متحركة شيقة، ويتناول معاناة أربع فتيات بعمر الورد تركهن أبوهن يواجهن مصيرهن مع الفقر والحرمان بعد أن ذهب للحرب مضطراً. لكني أجد العنوان يلائم موضوعي، حيث الظلم وانتهاك حرية الطفولة.

من منا لم يُصب بالاشمئزاز وهو يرى طفلة صغيرة ما زالت في طور الفراشة، ولكنها تبدو كامرأة مكتملة بعد أن اقتحم أهلها عليها عالمها الخاص وبدأوا يهيلون عليها شتى أنواع المساحيق ظناً أن الجمال هاهنا، وأن أبوتهم المفرطة تقتضي الاستمتاع بالنظر إلى حسن الابنة الذي يصطنعونه هم بأيديهم، وأن جمالها الفطري لا يفي بالغرض.

يكسر القلب مشهد الأم وهي تجرب مساحيقها الخاصة وتتفنن من دون مبالاة في الرسم على وجه الابنة اللائذة بالصمت مثل لوحة بيضاء تضع عليها ما تراه مناسبا، ولأنها فقط ترى أن الإطلالة الملائمة لصغيرتها هي من تحددها لكي تتباهى أمام الزائرات وجملة الصديقات، وذهن الطفلة المسكينة لم يتفتح بعد على هذا العالم المضطرب بالجمال المزيف.

لماذا نسرق البراءة من وجوههن الناصعة، ونغتال الابتسامة الناعمة التي تفيض بها الشفاه الصغيرة. من قال إن جمال الصغيرات لا يكتمل إلا بوضع الأصباغ على خدودهن القرمزية. لنترك القمر يشع في الأرجاء، والنجوم تتوهج في المكان، والعصافير تغرد في الحقول، ونسمح للأحلام الصغيرة أن تحلق بعيداً مثل غمام شفيف في كبد السماء، وما يضيرنا لو تركنا البهاء يتفتح من الوجنات الناعمات كما الياسمين أول النهار.

جمال الطفولة، جمال لا يحده حد ولا يقف عنده وصف، فتجد مثلاً طفلاً أسمر البشرة، أجعد الشعر، جاحظ العينين، غير أنه يحمل من الجمال الأول ما يجعله يسكن أوسع القلوب، ويسرق كل عواطف الخلق، حتى الحيوانات تهدأ أمامه وتستكين، فهو حسن خاص ينبغي أن لا نعبث به حتى ونحن نعتقد أننا نبحث عن الجمال في وجوه صغارنا.

حتى أهل الاختصاص في الطب النفسي يحذرون من المردود السلبي لاستخدام طفلاتنا الوادعات مواد المكياج وإن كان الأمر مجرد تقليد للأم فهذا يؤثر على نفسيتهن خاصة عند خروجهن من المنزل، وتصبح الطفلة هنا غير واثقة في نفسها، وستتربى على الاعتماد على هذه المستحضرات للخروج ومشاهدة الناس حتى بدون مناسبات.

من أخطر تربية الصغيرات على استخدام تقنيات التجميل في هذا السن المبكرة هو "فقدان البراءة" التي هي جزء من نموها الذهني السليم الذي يستوجب تركها تعيش عمرها بكل عنفوان الطفولة النضرة بعيداً عن دهاليز "التجمّل" والجمال الذي صار يشكل معياراً وحيداً داخل مجتمعاتنا المهوسة بالمظاهر ومخاطبة لغة العيون.

لماذا كل هذه العجلة في إقحام صغيراتنا الجميلات في أتون "المراهقة المبكرة" التي لها ما بعدها، وفتح عيونهن الساحرات على عالم صرعات المكياج والموضة الذي سيقتحمنه يوماً ما ولم يئن أوانه بعد. دعونا لا نقتل الورد في الطفولة، أو نرتكب الخطيئة ونحن نمارس الحنان مع صغارنا بهذا الأسلوب الفج، لندعهم يمارسوا حياتهم بكل عفويتها وسحرها، واختيار الطبيعي فيها وتركهم على سجيتهم وشغبهم البريء بعيداً عن الرتابة ورصانة الكبار.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :