facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ابناؤنا .. بين رهاب الواقع ويوتوبيا الأحلام


فيصل تايه
30-05-2022 09:04 AM

الغيوم الملبدة المُثقلة التي تحمل الغيث تشعر بالحرج حين لا تجد أرضاً تمتصّ مزونها وتُشعرها بالامتنان لسُقيا عروقها الضاربة في صلف الجفاف، والأرض البور القاحلة لا يُجدي معها شيء طالما تقتاتُ أحلام خنوعها، فلا هي تسعد بزهوها، ولا هي ملاذ لذي حاجةٍ ووعد امل بخير قادم.

وكذلك آبناؤنا الشباب، هم كالروح، إن لم تدرك أهميّة فقه قانون احتياجاتها ومدى استجابتها للآمال القادمة من عميق أحلامها بالمستقبل المشرق، وتعي الدور الذي يجب أن تكون عليه، وتزهو منابت الابداع والتجليات التي إن لم يدرك أصحابها قيمتها الفعليّة فإنهم سرعان ما يفقدون حلقة الوصل بين الخير الآتي والأمل الذاهب.

بعض ابناءنا الشباب ينامون على قلقٍ من الغد الذي يحمل في ثناياه الخذلان، ويبتسمون في صباحهم خوفاً من تكالب الهموم على يومهم، ويمسون على حذرٍ من ليلٍ يحتملون فيه مكاشفاتٍ جديدة تحمل ما لا يبهج أرواحهم في تالي ساعاته!، لسعيهم الحثيث وراء البحث عن منابت رزقهم الذي يدفعهم لكل هذا الوجل اليوميّ المزريّ.

فلماذا وصلوا الى هذا الحد من الاحباط من طلب الرزق بانتظار دورهم في عمل يسد رمق العيش أو إيماءة رأس ليمضون لمستقبلهم الشاق بكل بهجةٍ ورضا، مهما عانت أرواحهم وأجسادهم، حتى لو يعودون ببضع فُتات من مالٍ لا يرقى لتحقيق حلمٍ بسيط لبيت متواضع أو زوجةٍ تحلم بزهو إنسانيتها أو الحفاظ على بيتٍ من الانهيار بأية لحظة تذمّرلا تُحمد عُقباها.

لكن، ليس هناك ما يدعو لكل هذا البؤس، فالكثير من الشباب اليوم يحتاجون الى الإرادة القوية والهمة العالية، بعيداً عن الكسل الذي يعيق البعض منهم عن البحث، والبدء في العمل والتخطيط لمستقبلهم، وما زلنا نعاني فقرا للناجحين والمنجزين، لكن الزمن الآن تغير، وعلينا أيضا أن نتغير وأن نخلق شكلًا جديدًا للثقافة، ونرى النجاح من منظور آخر، وأن نبدع في مجالات عدة ونتوسع بها، ونحاول جاهدين على هدم الحصون المعيقة للتقدم، وما ينقص شبابنا هو التآلف مع أدبيات التحفيز المعتادة كما التي تتناول قصة “أبراهام لينكولن” الملحمية التي أهّلته للوصول إلى هذا المنصب بعد سلسلة لا تتوقف من الفشل في حياته، وقصة “أديسون” الذي تمكّن من اختراع المصباح الكهربائي بعد ٩٩٩ محاولة فاشلة، وقصة “أينشتاين” الذي اتهمه الجميع بالغباء طوال حياته تقريباً.

كما وأن قصة الكفاح الانسانية التي خاضها الشاب اردني "علي الشجراوي" في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تسببت في إثارة دموع جلالة الملك عبد الله الثاني خلال احتفالية عيد الاستقلال، كانت عبرة، فكان واضحا من حديث الشاب الشجراوي ان الشغف والطموح كان العنوان الرئيسي لقصة نجاح تم صياغة حروفها للوصول إلى الهدف النهائي وبلوغ القمة، رغم الظروف الصعبة والتحديات، فالنجاح ليس فقط الوصول إلى المبتغى، بل يجب ايضًا أن يتفوق الإنسان ويتميز، ويكون خلال مسيرته سلاحه الدائم القوة والإرادة، فالهدف من عرض قصة الكفاح هذه أمام جلالة الملك ليشاهدها كل الأردنيين، فمن المهم اعتماد الشاب على نفسه والبدء في العمل وكفل احتياجاته، لأن هذا يرفع من قيمته ويكسبه مهارات مختلفة ودراية أكبر بالمجتمع الذي يعيش فيه، ويقوي من شخصيته ويكون حالماً ومنتجاً يؤثر في مجتمعه، وأن يصمم على بناء نفسه بنفسه والاستقلال ماديا وتحمل مسؤوليته وتوفير أولوياته بذاته، وبذلك سيكون بمقدوره أن يبني شخصية عملية ناجحة ، قادرة على تحمل عبء المسؤولية وطول طريق التفوق.

وما الشجراوي الا وأحد من الكثير من ابنائنا الذين سطروا قصص كفاح ملهمة، ليس للعظة والعبرة فقط ولكن للاعلان عن التحدي والعزيمة وقوة الإيمان في قصص واقعية فيها سعيٌ حثيثٌ وعملٌ دؤوبٌ طيلة سنين عديدة، طموحٌ أبى إلا أن يبلغ ذروته فتعدى حدود الكون اتساعًا وامتدادًا، فذاك هو دأبُ عُمر، يحتاج إلى الكثير من الإصرار والعزيمة، التي تحتاج إلى شخص مُدرك أهدافه، وأيضًا عليه أن يعرف أن الفشل في أي هدف يرغب في الوصول إليه لم يُعني نهاية الحياة، بل هذا يُعني أن يحاول مرات عديدة إلى أن يصل إلى ما يريد ، فأساسيات طريق النجاح أن الإنسان لابد أن يدرك أنه لن يصل إلى نهاية طريق النجاح بين ليلةً وضحاها، وأن الإنسان الطموح هو الذي يصل إلى النجاح بالصبر والجهد الذي دائمًا هو المفتاح الحقيقي لنجاح أي إنسان، ويوجد في واقعنا الحالي قصص نجاح واقعية ملهمة لأشخاص بدأوا من الصفر سوف نكشف لكم عدد من أسرارهم اليوم.

لا بد من إثارة خطاب المراجعة لواقع شبابنا واشاعة ثقافة تضرب بعمق واقعهم ، فما زال الكثير من ابنائنا الشباب يقفون في طابور الخريجين ، ويقضون العمر بالانتظار ، يحلمون بالوظيفة الحكومية ويعتبرونها الملاذ الآمن للمستقبل ، وينتظرون أحلامهم طويلا كي تتحقق على أبواب ديوان الخدمة المدنية ، رغم الوظائف الشاغرة في القطاع الخاص ، وهذه معادلة معقدة تعجز الحكومة عن حلها ، فالشباب يرفضون استيعاب أن الحكومة لا يمكن أن توفر لهم وظائف ، لكن على الحكومة البحث عن الحقيقة المغيبة التي تثنيها عن تحقيق أحلام شبابنا المشروعة ، وما ينتج عنها من محاولات للحصول على قيمةٍ إنسانية عالية تواكب المدد الآتي بدلاً من استمراء القهر وإعادة إنتاج الفشل وتصديره باعتباره الحل الوحيد للخروج من عنق زجاجة الأوهام والاحلام .

بقي أن أقول : أن ما تتضمنه رسالتي هو ضرورة التعامل مع الشباب باعتبارهم مصدر الطاقة الاجتماعية ، وهم وحدهم القادرون على المساعدة في تغيير الواقع بكل تفاصيله ، ومن المهم معالجة التشاؤم الذي يراود مستقبلهم الوظيفي كمدخل للقضاء على حالة الإحباط التي تسللت إلى بعضهم بحيث لا يكون هناك شعور بالغربة بين امالهم وتطلعاتهم وتحقيق ذواتهم .

وأخيرا ، فبشكل أو بآخر ، فكلنا مررنا بمراحل ومحطات والآلام صعبة في حياتنا تحمل الرهاب وبأشكال مختلفة ، وأغلبنا احترف لعن الظروف التي وصّلته للبؤس والضياع والفشل ، والبعض الآخر ممن توقفوا عن لعن الظروف ، والبدء في التطلع للمستقبل ، وصولا إلى يوتوبيا الأحلام التي ستتحقق بعين العزيمة والارادة والحياة .

والله ولي التوفيق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :