facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تعديلات دستورية اقتصادية أو مزيد من الوقت الضائع


سامح المحاريق
24-06-2022 07:03 PM

وصلت ورشة العمل الاقتصادية الوطنية إلى محورين أساسيين، يسعى أولهما إلى تعزيز النمو الاقتصادي، والآخر إلى توفير فرص العمل لتحسين معيشة المواطنين، والأمر الجيد أن كلمة التنمية الغامضة والفضفاضة لم تستعمل بصورة تعسفية كما جرت العادة في معظم الأدبيات الاقتصادية في العقود الأخيرة، ولكن ذلك ليس سبباً كافياً للتفاؤل، ففي الحقيقة يبقى النمو بوصفه أحد المستهدفات الرئيسية يحمل بعداً نسبياً يرتبط بأين نقف اليوم، وكيف وصلنا إلى هذه النقطة؟

المديونية والمنح والهبات جميعها أمور أسهمت في وجود أنماط حياة غير اقتصادية في الأردن، ولم تكن الحكومات المتتابعة معنية بتقديم حلول استباقية مثل شبكة الطرقات أو تعزيز أنماط الأمن الغذائي، وعلى العكس من ذلك، كان تشجيع الاستهلاك مصدراً لدخل الحكومة مع ضريبة المبيعات التي تلتهم حصة من الاقتصاد الوطني من غير أن ترتبط بصورة مباشرة برفع مستوى الإنتاج وبالتالي زيادة الأموال المتولدة داخل الأردن.

شهدت الأردن معادلة فريدة من نوعها، سنوفر الوظائف وستحصل على راتبك، وستنفقه، وسأحصل على ضريبة مع كل مرة يتحرك فيها الدينار حتى يتلاشى أثره في السوق، ويعود في النهاية كاملاً للحكومة لتدفعه من جديد في السوق، ولكن هذه المعادلة غير قابلة للاستمرار لفترات طويلة، وبحاجة مع التزايد السكاني واهتلاك البنية التحتية إلى أموال جديدة، وتظهر الحاجة إلى قروض أخرى أو منح خارجية، وفي هذه الحالة ستتزايد الضغوطات على المواطن بوصفه ممولاً، والحل هو الحصول على أموال جديدة، أي استثمارات، وما تقوله السنوات الأخيرة أن الأردن لم يتمكن من جذب الحد الأدنى من الاستثمارات، ولا يبدو أنه سيتمكن من ذلك، فقوانين الاستثمار لا تعني أحداً، ببساطة التركيبة السياسية لا يمكن أن تقدم مجلساً نيابياً يستطيع أن يتحمل هذه المسؤولية، لأن ما نمتلكه في ظل قوانين الانتخاب هو منتدى سياسي يمكن الحصول فيه على نواب يمتلكون الوعي ولكن لا منظومة تستطيع أن تتحمل المسؤولية.

الإصلاح السياسي يقدم نفسه مدخلاً للإصلاح الاقتصادي، ولكن توجد مخاوف يجب التعامل معها بجدية، فمن سينتظر الأردن عشرين عاماً لتأسيس بنية حوكمة وتنظيم جاذبة للاستثمار؟ وخلال العشرين عاماً التي نحتاجها، بافتراض أننا لن نواجه انتكاسات، من أين سيتم تمويل المديونية؟ ومن سيعمل على تغذية نهمها المتواصل؟

لنفترض أن الأردنيين قرروا أن يتخذوا تدبيرات حكيمة، واعتمدت كل مجموعة على سيارة واحدة، وانتشرت الدراجات الهوائية في الشوارع، ببساطة ستدخل الحكومة في أزمة تمويل حقيقية لاعتمادها على ضريبة المحروقات، ويكاد أي شخص يمكن أن يقلع عن التدخين خسارة تمويلية للحكومة، فكيف يمكن تأسيس اقتصادي انتاجي في هذه الأوضاع؟

قبل أيام جلست في محاضرة صغيرة تحدث خلالها وزير الزراعة السابق عاكف الزعبي، ومدير مركز البحوث الزراعية دكتور نزار حداد، وكانت الإحاطة بجميع الظروف والملابسات والمشكلات بانورامية وعميقة، وينصب ذلك في فائض التشخيص الذي يدفع إلى الثقة في وجود عقول أردنية تستطيع التعامل مع الواقع وتغييره، ولكنها لا تستطيع لوجود قيود تتشكل من أصحاب المصالح والمنتفعين من الوضع السائد، وأي وضع مهما كان سيئاً يولد المنتفعين الذين يتمسكون به.

ما الذي يمكن أن يغير الواقع الاقتصادي؟

بدايةً علينا أن نكتسب الثقة في أن وجود 500 خبير شاركوا في الورش الاقتصادية، ومع مراعاة منسوب الأنانية في التمثيل القطاعي، سينتج في النهاية حالة وطنية، لا تقل بأي حالة عن مجلس النواب في وضعه الراهن الذي أنتجه قانون الصوت الواحد على امتداد عقود من التطبيق، ولأن هذه الحالة الوطنية تمتلك بعضاً من الأدوات لتحرير الاقتصاد لمصلحتها، ومصلحة موظفيها ولتوسعة أعمالها وتوظيف المزيد، ولاجتذاب التمويل الخارجي الذي يرى في الأردن فرصاً مستقبلية، فالأمر يدفع في التفكير إلى الخروج من حلقة الاشتباك بين الوحدات الحكومية والمؤسسات المختلفة، ووضع مجموعة من القوانين والإجراءات مرة واحدة على الطاولة.

كيف يتحقق ذلك؟

هل سننتظر مجلس النواب المرتقب بعد عشرين عاماً ليقوم بتحديد هوية الأردن الاقتصادية؟ أعتقد أن هذه أسوأ نصيحة يمكن تقديمها، وما يمكن أن نفعله اليوم لنمشي بنفس السرعة السائدة في الدول الصديقة والمنافسة في الوقت نفسه، وتحديداً السعودية ومصر، ولنتمكن من الاندماج في الإقليم عند عودة سوريا والعراق، يتمثل في تعديلات دستورية اقتصادية تعيد تفعيل القوانين المؤقتة لتتجنب حالة الاختناق التشريعي القائمة، وتستطيع أن تتعامل بمرونة مع المعطيات والتحولات والاستدارات.

تقدمت الاستثمارات في الخليج نتيجة مركزية القرارات والقدرة على تحويلها إلى أمر واقع خلال فترة زمنية قصيرة، وفي الجمهوريات العربية كان للمؤسسات التي تحظى بالرعاية دورها في رعاية المسارات الاقتصادية، وفي الأردن نبقى عالقين بين النموذجين وغير قادرين على تطبيق أي نموذج بصورته الكاملة، ولذلك تتلاشى الفرص.

لم يكن البعض يكذب عندما خرجوا من المؤتمرات يتحدثون عن المليارات، بالفعل كان هناك حديث عن نوايا وأفكار، وجميعها اصطدمت بجدران البيروقراطية والاستجابات البطيئة التي لا يمكن فهمها في ظل واقع جديد يمثل سباقاً بين دول العالم في اجتذاب الاستثمار الذي يتحرر من سلطة الدول ليصبح مرتبطاً بالمؤسسات التي تدير المدخرات العالمية مثل صناديق الثروة والتقاعد وغيرها، وجميعها لا يمكن أن تتعامل مع عقليات موظفين لا يشعرون بأية ضغوط ولا يحصلون على أية حوافز، ويعرفون أنهم يقضون وقتاً يطول أو يقصر في المنصب، ولكنه مجرد وقت بالنسبة لهم.

سيتحدث البعض عن التخوف من الفساد ومن بيع البلاد وما إلى ذلك، مع أن وجود مجلس النواب لم يكن حائلاً والخصخصة مثلاً، ولم يتوقف بجدية أمام الكثير من الإجراءات الحكومية، وفي النهاية وصلنا إلى مرحلة (سكن تسلم) التي يفضل فيها المسؤولون عدم اتخاذ أي قرار لأن لأي قرار آثار وارتدادات تتمثل في تشويه السمعة واغتيال الشخصية.

الإعلام المسؤول وحده يمكن أن يؤدي الدور الرقابي المطلوب، وذلك لن يتأتى سوى بإصلاح إعلامي عميق أيضاً يجب أن تشترك فيه الجهات الفاعلة مثل نقابة الصحافيين لتؤدي دوراً تجسيرياً في العمل الرقابي، مع وجود ما يكفي من الشفافية في الاتفاقيات والترتيبات المتعلقة بالاستثمارات، وأن يكون المبرر سابقاً على الحدث لا ناتجاً عنه.

مع تحليل الواقع الاقتصادي يتبدى أننا بعيدون عما حدث في لبنان أو يحدث في بلدان أخرى، ولكننا لسنا محصنين تجاهه، وأخطر ما نعيشه هو عقيدة الانتظار بمعنى أننا ننتظر ترتيبات الإقليم مثلاً لنخرج من عنق الزجاجة اقتصادياً، مع أن مسار الترتيبات السياسية في الإقليم سيضع الأردن أمام خيارات صعبة، ولذلك يجب إنهاء حالة الانتظار على الطريقة الحريرية التي واصلت الاقتراض على أساس انفراجة لم تحدث في لبنان وصولاً إلى مرحلة الانهيار، وهو ما يمكن تجنبه في الأردن لوجود مصدات سياسية واجتماعية تستطيع استيعاب الصدمات كما فعلت كثيراً في الماضي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :