facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كيسينجر قارئ فنجان الحرب


د.حسام العتوم
05-07-2022 01:33 PM

يصعب على سياسي ودبلوماسي عملاق مثل هنري كيسينجر اليهودي الأصل ووزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق، وهو الذي شارف عمره على المائة عام، ومن مواليد المانيا، إلا أن يكون منحازا لأحادية القطب قبل أن يعلن رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين سقوطها في مؤتمر (سانت بيتر بورغ) الاقتصادي 2022، وعبور زمن العالمية مكان العولمة، وسيادة نظام الأقطاب المتعددة والمتوازنة، ورغم معرفته العميقة بسلوك بلاده أمريكا السلبي التي قادت ولاتزال الغرب اتجاه التهور في الحرب الأوكرانية عبر ضخ السلاح وبكميات كبيرة، والمال الأسود، والتطاول على روسيا العظمى ورغم العلاقات الدبلوماسية العريقة بينهما، وحجم التبادل التجاري، ومشروع الغاز (2) الخادم لألمانيا ولكل أوروبا، ورغم حاجة أوروبا للبترول الروسي بعد موجات العقوبات الاقتصادية المتتالية التي ألحقت الضرر بأوروبا قبل روسيا المستهدفة، ويبدو أن مؤسسات هامة مثل (الكونغرس والأيباك والبنتاغون) وأجهزة لوجيستيا الغرب وقفت ولازالت تقف وراء أهمية استمرار الحرب بهدف استنزاف روسيا كما هو معروف في حرب طويلة وعبر إطالة الحرب الباردة وسباق التسلح، وتنظيف الداخل الروسي من المنتوجات الغربية عالية الجودة، والعودة بروسيا إلى العهد السوفيتي من زاوية محدودية ومستوى الانتاج متناسين أن الإنتاج الوطني والقومي الروسي والسوفييتي السابق في طريقه للنهوض والتعافي، وبأن الصين حليفة روسيا الاستراتيجية تنتج وتساهم في حاجات السوق الروسي أيضًا وبجودة عالية وتستورد مادة الغاز الروسي وبحجم يصل إلى 400 مليار دولار، وبأن وجهة روسيا الاتحادية وبكل ما تملك من مصادر طبيعية غنية مثل البترول، والغاز، والذهب، والأخشاب، واليورانيوم، والمعادن، والأسماك، والكافيار أصبحت صوب الشرق.

والملفت للانتباه في تنبؤات كسينجر بخصوص الحرب الأوكرانية والعملية الروسية العسكرية هو أنها لا تعكس واقع المعركة وأهدافها بالنسبة للجانب الروسي، ويغفل أهداف الغرب الأمريكي وسطها، فمثلا يقترح كيسينجر على روسيا التوقف عند حد 20% من مساحة شرق أوكرانيا لإنهاء الحرب، وكأنه لا يحسن قراءة طبوغرافيا العملية العسكرية الروسية (الحرب) والتي هي استباقية، تحريرية، وقائية، غير احتلالية، وجاءت بدعوة من إقليمي (الدونباس ولوغانسك) بعد استقلالهما بقرار شعبي عن الدولة الأوكرانية، وبعد الارتكاز على ميثاق الأمم المتحدة ومادته رقم 51|7 وبعدما طفح الكيل وبلغ تعداد القتلى من الجانب الشرقي الأوكراني والروسي أكثر من 14 الفا، من بينهم أطفال، وغيرهم قبعوا في الملاجئ، وشردوا إلى داخل روسيا وتعدادهم وصل المليون بسبب تطاول الجيش الأوكراني وفصائل "أزوف" المتطرفة، وبعد أن اكتشفت روسيا مخططا لإنتاج قنبلة نووية، ورغبة غرب أوكرانيا لدخول حلف (الناتو) المعادي لروسيا في زمن معاصر عرضت فيه روسيا سابقا على (الناتو) الانضمام إليه لإسدال الستارة على الحرب الباردة وسباق التسلح المرهقين للبنية التحتية العالمية، واكتشاف وجود 30 مركزا بيولوجيا أمريكيا خبيثا على أرض أوكرانيا أهدافه الحالية وقتها استمرار انتشار فايروس (كورونا) في المنطقة الأورو أسيوية - السلافية – الروسية والسوفيتية السابقة، واكتشاف الروس لاحقا لعلاقة أمريكا بفايروس جدري القرود المعاصر. وجهود غرب أوكرانية وغربية أمريكية لضم الأقاليم الثلاثة (القرم والدونباس ولوغانسك) قسرا لتحقيق أهداف غرب أوكرانية وغربية أمريكية مشتركة في مقدمتها توطين الأسطول السادس الأمريكي في المياه الدافئة وسط البحر الأسود، واجتثاث الحضور الروسي العسكري والسياسي والاقتصادي وسطهن.

والتنبؤ الثاني لكيسينجر يتحدث عن إمكانية طرد روسيا من الأراضي التي سيطرت عليها في عمليتها العسكرية بما فيها (القرم)، وتعليقي المتواضع هنا وكأن كيسينجر فعلا لم يقرأ التاريخ، ولم يعرف بجبروت قيادة روسيا الاتحادية للاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية 1940 1945، وبإصرارهم على رفع علمهم المشترك فوق الرايخ الألماني (البرلمان) بعد تسجيلهم لفاتورة من الشهداء تجاوزت الــ27 مليون شهيدا، ولم يشهد التاريخ المعاصر أن روسيا خسرت معركة خاضتها منذ انتصارها على الدولة العثمانية عام 1878، وانتصارها على نابليون في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وفي الحرب الجورجية عام 2009، وما تستخدمه روسيا من قوة نار عسكرية في حربها الأوكرانية التي لم تستهدف المواطنين الأوكران أشقاء الشعوب الروسية الشقيقة، وإنما لا تعادل ما تمتلكه من قوة عسكرية غير تقليدية خارقة تجهزها وتطورها دائما لمواجهة أي عدوان محتمل يخطط له حلف (الناتو) حاليا أو مستقبلا عبر استعدادات نووية عسكرية ظهرت مؤخرا في أوروبا، وبطبيعة الحال روسيا الاتحادية وحلفها السوفيتي السابق، ومعها الصين، والهند، وإيران لهم بالمرصاد، وروسيا بطبيعتها ومن وسط استراتيجيتها العسكرية معروف عنها بأنها لا تبدأ حروبها أولا، وترصد الجانب المعادي بدقة وعلى مدار الساعة، وقادرة على الرد على أي هجوم عليها وعلى حلفائها بسرعة البرق وبقوة قل نظيرها، وامتلاكها للقوة العسكرية فوق النووية مصدر ردع بالنسبة لها لا يحمل أي توجه هجومي ضد أي منطقة في العالم. وليس من سياسة روسيا خلق الأزمات والحروب أو ممارسة الاحتلالات والتاريخ المعاصر شاهد عيان. وإقليم (القرم) أصبح روسيا وإلى الأبد، وإقليمي (الدونباس ولوغانسك) أصبحا مستقلين خارج إطار الدولة الأوكرانية وإلى الأبد أيضا.

والتنبؤ الثالث ليكيسينجر تحدث عن احتمالية العودة بأوكرانيا إلى ما قبل تاريخ العملية العسكرية الروسية بتاريخ 24 شباط 2022 عندما كان الإقليمان (الدونباس ولوغانسك) جزءا من السيادة الأوكرانية، وهو من المستحيل، ولقد سال الدم، ووقع الفأس بالرأس، وارتفع صوت الاستقلال في الإقليمين، ولم تعد الأقاليم الثلاثة (القرم، والدونباس، ولوغانسك) من ضمن السيادة الأوكرانية، وروسيا بعد حربها التي تطالب لتوقيفها في يوم واحد، استسلام (كييف) في تصريح حديث للناطق الإعلامي باسم قصر (الكرملين) الرئاسي، لن تبقى في الإقليمين (الدونباس ولوغانسك)، لكنها ستبقيهما تحت مراقبتها بعد تسليمهما لسلطتيهما الجمهوريتين، ولا تسمح (موسكو) بأي حديث إقليمي أو دولي يتعلق بإقليم (القرم) الروسي. وتوقُّع كيسينجر بأن تقود الصين روسيا في غير مكانه، وستبقى العلاقات بينهما تشاركية استراتيجية، والاقتصاد وسعة انتشاره وجودته هو سلاح الصين، والسلاح غير التقليدي فوق النووي المتفوق سلاح لروسيا الاتحادية أكيد.

ويقود الخارجية الروسية سيرجي لافروف، وهو وزير لقصر الكرملين، عملاق مخضرم يتمتع بثقافة سياسية واسعة، وهو من أعلن بأن جدارا حديديا تشكل حديثا بين بلاده روسيا والغرب الأمريكي مع نهايات الحرب الأوكرانية، وبأن روسيا الاتحادية لم تعد تثق بالغرب الذي خدعها وانقلب عليها عدة مرات، ولم تحقق روسيا شيئا من لقاءات وابتسامات (جنيف) رفيعة المستوى السابقة. وإذا شهد التاريخ المعاصر علاقات طيبة بين روسيا وأمريكا وعموم الغرب، وزيارات متبادلة طيبة، فإن الزمن القادم سيكون معبسا في وجه لقاءات متشابهة دولية، وشخصيا أتمنى للعلاقات الدولية أن تتعافي، وأن يعم السلام بين روسيا وغرب أوكرانيا، ومع الغرب، ومع أمريكا تحديدا، ففي نهاية المطاف العالم بيتنا جميعا، ولا بيتا آخرا لنا غيره، والعلم لم يثبت وجود حياة للبشرية في الكواكب المجاورة والبعيدة، ومجرد التفكير بحرب ثالثة مدمرة، والمراهنة على الانتصار فيها هو محض سراب وخديعة، وسباق التسلح لا يعرف الهدوء، وهو مكلف، وباهض الثمن، ومرهق لشعوب العالم، وكل تفوق عسكري تكنولوجي يتبعه تفوق مقابل، وأجمل ما في الحياة هو الإنسان بكل تأكيد، وحياته غالية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :