facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تحليلات غير تحليلية!


كمال ميرزا
22-09-2022 09:17 AM

هناك من يرى في تصريحات الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" حول إعلان التعبئة الجزئية، والتهديد النووي.. مؤشرا على "الأزمة" أو "الورطة" الروسية في ضوء التطورات الميدانية في أوكرانيا خلال الشهر الماضي.

أصحاب هذه التحليلات، وهم قطعا محللون قديرون، يتناسون ما يلي:

- إن روسيا خلال الشهور الماضية نجحت في السيطرة على 20% من مساحة أوكرانيا، خاصة المناطق الإستراتيجية على البحر الأسود، دون تعبئة، ودون اللجوء لأسلوب "الحرب القذرة" التي يتّبعها الغرب في حروبه عبر دكّ المقرّات والبنى التحتية السياسية والمدنية، وإستنزاف مقدرات الدولة (تمهيدا لإعادة إعمارها!)، وإرهاب وابتزاز الروح المعنوية للناس من خلال القتل المشاع والدمار الشامل.

- إن روسيا نجحت في امتصاص الأثر "المُرتجى" من العقوبات الغربية على روسيا، وإن هذه العقوبات لا يمكن التعويل عليها على الأقل في المدى المنظور، وإن الوقت قد لا يكون في صالح أوكرانيا والغرب لحين "بدء" هذه العقوبات بإنتاج آثارها.

- إن "الهجوم المضاد" الأوكراني لم ينجح في تحقيق نجاحات يُعتد بها، لا من حيث استعادة الأراضي والنقاط الإستراتيجية، ولا من حيث استنزاف القدرات العسكرية الروسية، ولا من حيث الحد من قوة النيران الروسية وقدرتها على توجيه الضربات الانتقائية.. علما أن مسرح جميع هذه العمليات حاليا هو الأراضي الأوكرانية نفسها (أي أن الأوكرانيين يقومون بإلحاق الدمار فيما يفترض أنها أراضيهم التي يريدون تحريرها)!

- إن تصريحات بوتين تتزامن مع الاستفتاءات المزمعة في عدد من المناطق الأوكرانية حول الانضمام إلى روسيا الاتحادية، وعلى أبواب فصل الشتاء، "البعبع" الذي تراهن عليه روسيا وتخشى أوروبا من تداعياته.

المحللون أعلاه يركّزون على إعلان التعبئة الجزئية والتلويح بالسلاح الإستراتيجي بمعزل عن تصريحات بوتين حول حماية سيادة روسيا ووحدة أراضيها.. مع أن هذه التصريحات "حزمة واحدة" تُقرأ معا.

ما يُفهم من تصريحات بوتين، وغالبا لن يشاركني المحللون أعلاه الرأي، أن المناطق الأوكرانية التي ستصوّت على الانضمام إلى روسيا ستصبح "أراض روسية" بالمعنى الدستوري والقانوني للكلمة، وبالتالي هي جزء لا يتجزأ من استقلالية ووحدة أراضي روسيا، وأي عدوان عليها هو عدوان على روسيا مباشرة، ونحن (أي روسيا) مستعدون للزج بـ 300000 ألف جندي (مبدئيا) واستخدام الأسلحة الإستراتيجية للدفاع عن "أراضينا" هذه، فهل أنتم أيها الغرب والناتو مستعدون للدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا بهذا الخصوص؟!

المحللون الأفذاذ يُغفلون أن الذي يدفع الثمن الأكبر حاليا هي الشعوب، الشعب الأوكراني أولا، ثم شعوب أوروبا ثانيا، ثم شعبي بريطانيا وأميركا بدرجة أقل.. في حين أنّ الشعب الروسي لم يدفع لغاية الآن أي أثمان تذكر.

وهنا سيخرج بعض المحللين الجهابذة ويقولون: وهل يُعقل أن تُقدم هذه الدول "الديمقراطية" على اتّخاذ القرارات والإجراءات والتصرفات التي تقوم بها إلا من أجل حماية مصالح ومكتسبات شعوبها ضد الخطر الروسي؟!

والجواب ببساطة نعم!!

في منطق "نظام عالمي" قوامه المصارف والشركات العابرة للقارات، فإن "الشعوب" هي بمثابة "خصم" و"عدو" وموضوعٍ "للإخضاع" و"الهيمنة" و"السيطرة" و"الاستلاب".. مثلما أن روسيا وغير روسيا من الدول التي تحاول السباحة خارج تيار هذا النظام العالمي هي "خصم" و"عدو" وموضوعٌ "للإخضاع" و"الهيمنة" و"السيطرة" و"الاستلاب"!!

بكلمات أخرى، إنّ "النخب" السياسية الحاكمة في الغرب هم في حقيقة الأمر "موظفون" يعملون لدى البنوك والشركات العالمية على حساب مصالح دولهم وشعوبهم.. وخير شاهد على ذلك أن المستفيد الوحيد مما يحدث حاليا ليست الدول التي تُستنزف والشعوب التي تُجوّع، وإنما البنوك والشركات التي تراكم أرباحها ونفوذها بكون "نموذج أعمالها" يقوم في المقام الأول على "اقتصاد الحرب"، وبكون "الإهلاك" و"سعار الأسعار" الذي تتسبب به الحروب والدمار هو مصدر لـ "سلب الفائض" يفوق بأضعاف مضاعفة العوائد التي يمكن أن يأتي بها "الاستهلاك" و"الإهتلاك" و"العرض والطلب" الاعتيادية في أوقات السلم!!

ولكن ألا ينطبق الكلام أعلاه حول النخب الحاكمة والبنوك والشركات الغربية على النخبة الحاكمة والبنوك والشركات الروسية؟!

مرة أخرى الجواب ببساطة لا.. على الأقل في "الطور" الحالي!

فروسيا، بالرغم من أنها حاليا دولة رأسمالية (وليست الاتحاد السوفييتي كما يتوّهم بعض الحالمين)، إلا أنها ما تزال لغاية الآن تتبنى نموذج "الدولة القومية"، حيث الاقتصاد والبنوك والشركات تحت الدولة ومن أجل الدولة وليس العكس كما هو الحال في نموذج "النظام العالمي".

وتشارك روسيا في هذه الرؤيا عدد من الدول الأخرى في مقدمتها الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا (الصين في طور وسطي ما بين بين).

ومن هنا يأتي جوهر الصراع بين الغرب وروسيا مع أنهما رأسماليان، هو ليس صراع "تنافسي" لتحقيق مكاسب ومغانم، هو صراع "وجودي" بين نموذجين تحت عباءة الرأسمالية نفسها!!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :