facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الثقافة والهوية الوطنية والعالم الرقمي


د. سالم الدهـــام
08-11-2022 12:32 AM

يكتسب الحديث عن الثقافة أهمية خاصة عندما يتصل الأمر بالهوية الوطنية، فذلك مدعاة لإعادة رسم الملامح العامة للعلاقة بين الثقافة بأبعادها الإنسانية والعالمية من جهة وبين السمات الروحية والعاطفية والقيم والثوابت الوطنية التي تطبع وجدان الأفراد العام في مجتمع ما، تلك التي اكتسبت من خلال التنشئة الأسرية والاجتماعية والتعليم ومصادر التراث والظروف والمؤثرات العامة، ومن خلالها يتميز مجتمع عن غيره من المجتمعات. ولعل الأمر يمكن تمثله في إطار الموازنة بين الحريات الشخصية للأفراد وبين المحافظة على الحريات والحقوق العامة للمجتمع بما يتضمنه من تنوع وتعدد على جميع المستويات، هذا كله كان من أدبيات عصر ما قبل الإعلام الرقمي.

أما الآن، و في مرحلة طغيان الإعلام الرقمي الذي بات يحتوينا تحت ظله على امتداد الكرة الأرضية كلها، حيث الصورة والإعلام والخطاب المؤثرات ذاتها ستنتج في نهاية المطاف المواطن العالمي الذي يحمل الهموم والتحديات ذاتها والقلق ذاته. وكل ما سبق من مؤثرات باتت تحمل مضموناً واحداً، ويجب أن نعترف أن العالم يحكمه نظام جديد، له معايير قيمية مشتركة أخلاقية واجتماعية تدين التمييز العنصري والوصم واللامساواة والحقوق المكتسبة على أسس غير عادلة كالعرق أو الدين أو المذهب السياسي، أو المركز الاجتماعي أو النوع الاجتماعي وما يتصل بذلك من قضايا المرأة وحقوقها الطبيعية والقانونية... وغير ذلك من الناحية النظرية على الأقل.

ونتيجة لتكريس العالم لنماذج وممارسات فضلى ونماذج عليا في السياسة والإدارة والاقتصاد والاجتماع والتربية والتعليم على أسس علمية باتت ثابتة ومستقرة أثبت الواقع والتجربة قدرتها على التناغم مع طموحات البشر وآماليهم يشترك فيها الناس المتنوعون قوميا وعرقيا ودينيا ومذهبيا وعقائديا بوصفها قيما مدنية، ولأجل هذا الإيمان المشترك بين بني البشر بالقيم العليا في شتى المجالات فقد نشأت هياكل إدارية وحواضن اجتماعية ومؤسسات عالمية وبنى تشريعية وقانونية وقواعد أخلاقية عامة ومنظمات دولية وتحالفات أممية عريضة ونظم تعليمية اقتصادية وصناديق وبنوك دولية وهياكل أمنية وعسكرية مشتركة تصون الأمن والسلم العالميين .

عندما ندرك هذه الحركية الأممية العالمية التي تعمل منذ زمن طويل وعلى مسارات متوازية تتناول كل شيء اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا لتحقيق أكبر قدر ممكن من التواصل والتقارب واستثمار ذلك في توزيع الأدوار بين سكان الأرض جميعا لتصعيد الاستثمار الأمثل للطاقات وتكامل المسارات وتشريك الإمكانات لضمان أقصر الطرق والمسافات لبناء أفضل نموذج ممكن يحقق الاستقرار والشراكة، يكون فيه لكل أمة وشعب من هذا العالم بمقدار مساهمته في صياغة ملامحه وإنتاج أدواته.

عندما ندرك ذلك كله ندرك حقيقة الثقافة التي ينبغي أن تسود، الثقافة التي تأتي محصلة للجهود العالمية المشتركة في صناعة الطموح البشري وصياغة الغد بما يكرسه من رفاه وسلام وأدوار تعكسها المخرجات النهائية للمنجز العالمي الذي بات لزاما على الجميع الانخراط فيه، إنه ماراثون عالمي، وسباق إنساني وتنافس مفروض على الجميع، سينتج في النهاية ثقافة المسافات التي تفصل شعبا عن آخر وأمة عن أخرى.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :