عمون - موضوعات سورة الكافرون ومحاورها
قدّمت الآيات القرآنية الأدلة القطعية على صحّة عقيدة التوحيد، وما يتبعها من الإيمان بالملائكة الكرام، والأنبياء، والرسل، والكتب، حتى لم تبقِ لغيرها من عبادة الأصنام والأوثان مجالاً للشك؛ بأنّها ديانات يغشاها الضلال والخطأ، وقد جاءت سورة الكافرون لتأمر الناس بعبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة ما دونه، ومن الموضوعات التي طرحتها السورة الكريمة على وجه التفصيل ما يأتي:
كل من يعبد غير الله -تعالى- وحده فهو كافر
دون النظر إلى اختلاف الملل والتوجهات والاعتقادات، وخطاب الله -تعالى- بقوله: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، يشملهم جميعاً دون استثناء.
التأكيد على عدم تبعية رسول الله لما أراده المشركون
وذلك في قول الله -تعالى-: (وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ)، وتكرارها في السورة.
في السورة الكريمة براءة من الشرك
روى نوفل بن فروة الأشجعي أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (اقرَأْ "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ" ثمَّ نَمْ على خاتمتِها فإنَّها براءةٌ مِن الشِّركِ).
لا مبرر للكفر
فمهما تعرّض المسلم للمغريات التي تدفعه إلى ترك دينه؛ فلا تعدّ مبرراً للكفر وترك ما هو عليه، قال -تعالى-: (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ).
تسمية السورة باسم صنف من أصناف الناس
إذ تعد سورة الكافرون من ضمن ثلاث سور فقط في القرآن الكريم؛ سُميت بأصناف الناس.
ترابط السورة بما بعدها
فإن ما وعد الله به عباده في سورة النصر، لا يمكن أن يتحقق إلّا إذا تحقق ما ورد في سورة الكافرون.
الإسلام والكفر لا حالة وسط بينهما
فالإنسان إمّا مسلم وإما كافر، ولا يوجد تصنيف متوسط بينهما، قال -تعالى-: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).
التعريف بسورة الكافرون
تعدّ سورة الكافرون من السور التي نزلت قبل هجرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فهي من السور المكية، ويبلغ عدد آياتها ستّ آيات، وقد نزلت السورة الكريمة بعد سورة الماعون، التي نزلت في الفترة الواقعة بين بداية نزول الوحي على رسول الله والهجرة إلى الحبشة.
ويعود سبب تسمية السورة بهذا الاسم إلى ما ابتدأت به آياتها من قول الله -تعالى-: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ)،وترتبط السورة فيما قبلها من السور بأنّ السور السابقة لها قامت بدعوة المشركين؛ باستخدام الأساليب المتعددة لكنهم لم يستجيبوا، فجاءت سورة الكافرون مبرأةً منهم ومما يعبدون من دون الله.
وتُسمى السورة كذلك بسورة المشقشقة؛ ويعود أصل التسمية إلى ما ينسب إلى المريض، فيُقال: قشقش المريض، إذا صحّت عافيته وبرئ من المرض الذي أصابه، أمّا سورة الكافرون فقد برئت من الشرك والنفاق ومن يُنسب لهما.
سبب نزول سورة الكافرون
ذكر الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ قريش قدمت إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فعرضت عليه أن تدفع له أموالاً كثيرة؛ ليكون بها أغنى رجال مكة، ويزوجوه ما يريد من النساء، وذلك مقابل أن يترك دعوة الناس لرسالة التوحيد وعبادة الله وحده، وترك ما دونه مما يعبدون.
حيث قالوا له: "هذا لك يا محمد، وتكفّ عن شتم آلهتنا، ولا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل فاعبد آلهتنا سنة"، فردّ عليه رسول الله أنّه لن يعطيهم جواباً حتى يأتين الجواب من الله، فأنزل -سبحانه وتعالى- قوله: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، إلى نهاية السورة، وأنزل قوله -تعالى-: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ).