facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تداعيات العقوبات الاقتصادية على روسيا


الدكتور فايز أبو حميدان
13-02-2023 09:14 AM

الحرب الروسية على أوكرانيا توشك على دخول عامها الثاني بعد بضعة أيام، وقد كانت نتائجها الأولية مرعبة فأعداد القتلى على الجانب الأوكراني تخطى حاجز 150 ألف قتيل والجانب الروسي ما يقارب المائة ألف، وتم تدمير البنية التحتية لأوكرانيا وهجرة ما يقارب 25 مليون مواطن أما في الداخل الأوكراني او الى الدول المجاورة، وعلى الصعيد العالمي نشأت مشكلة الطاقة وارتفاع أسعار المشتقات النفطية ومشكلة الغذاء الناتجة عن تعطل تصدير الحبوب والذرة والسماد من روسيا وأوكرانيا الى العالم الخارجي وهذا أدخل الكثير من دول العالم في أزمات اقتصادية ورفع نسبة التضخم والجوع والفقر في جميع الدول -ما عدا الدول المصدرة للنفط والغاز- وزاد من نسبة البطالة في العالم .

فعند اندلاع الحرب انتهجت الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية وحلف الناتو سياسة فرض عقوبات اقتصادية على روسيا والتي تم بدء العمل بها عملياً عام 2014 عند ضم جزيرة القرم الى روسيا، إضافة الى الدعم العسكري الغير معهود لأوكرانيا وذلك لمساعدتها على الصمود أمام الغزو الروسي.

وكان هدف العقوبات الاقتصادية كبح الإمكانيات المادية للحكومة الروسية لتمويل الآلة العسكرية، وذلك في سبيل ردع العدوان الروسي ودفعها للتراجع وإيقاف الحرب أو إحداث وضع اقتصادي يؤدي الى حراك شعبي داخلي يغير المنظومة السياسية أو اركاعها للاستجابة للاحتجاجات الشعبية وتلبية مطالب الشارع.

ولكن الأمور لم تسير كما كان مخطط لها، فإيقاف استيراد المشتقات النفطية والمواد الأولية من روسيا أدى الى ادخال مجموعة الدول الأوروبية المساندة لأوكرانيا في أزمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة والى نشوء حراك جماهيري لنبذ الحرب وإيقاف الدعم لأوكرانيا، كما كان له تبعات اقتصادية سيئة على دخل المواطنين مما أدى الى ارتفاع في أسعار السلع والمواد الغذائية والطاقة والنقل والملابس، وبالتالي رفع تكلفة المعيشة وارهق ميزانية الحكومات نتيجة الدعم المادي والعسكري بالإضافة الى تكاليف ايواء اللاجئين الاوكرانيين،
فالتحالف مع أمريكا لم يُسعف أوروبا في شراء النفط والغاز والبترول بأسعار تفضيلية، بل أدى ذلك الى شراء الطاقة بأسعار خيالية وانتهاج أسلوب جديد في تخزين الغاز كما حدث في المانيا من بناء خزانات بتكاليف باهظة.

أما روسيا فقد حققت مكاسب في البداية نتيجة فروقات ارتفاع أسعار الطاقة، بل وحاولت إيجاد أسواق جديدة لها مثل الهند والصين وتركيا ودول آسيوية أخرى، وتحاول ايضاً انتهاج أسلوب التهرب من العقوبات بأساليب كثيرة اتبعتها ايران وكوبا وكوريا الشمالية قبلها وبعض هذه الأساليب كانت ناجحة .

الذين يؤيدون الرأي بأن روسيا لم تتأثر من العقوبات يعزون ذلك الى عوامل اقتصادية متعددة منها ثبات الروبل الروسي والانخفاض البسيط في الدخل القومي وانخفاض نسبة البطالة والارتفاع الطفيف لنسبة التضخم، ولكن الحقيقة تختلف عن ذلك ففي البداية لا تظهر نتائج هذه العقوبات بسرعة فهي تحتاج الى مزيد من الوقت لكي تظهر تداعياتها على روسيا .

فروسيا كانت مهيأة للحرب إذ كان لديها مخزون هائل من الذهب وقامت قبل الحرب باستيراد الكثير من المواد الخام وقطع الغيار المهمة للصناعة وتخزينها، ولكن هذا لن يسعفها كثيراً لان صناعاتها الثقيلة وخاصة صناعة الصلب وحتى استخراج البترول والغاز تعتمد على معدات وأجهزة غربية سيكون من الصعب صيانتها لاحقاً.

أما ثبات الروبل الروسي فيعود لأسباب ستكون محدودة التأثير، وذلك لقيام روسيا بمنع تصدير العملة الصعبة للخارج وسياسة الشراء بالروبل التي حاولت روسيا فرضها في البداية والتي سوف تتلاشى لاحقاً، كما ان نسبة الاستيراد أصبحت متدنية للغاية مما يؤدي الى المحافظة على العملة الصعبة مع العلم بأن ما يقارب 270 مليار دولار تم إخراجها من روسيا خلال الحرب عبر قنوات غير مسموح بها في روسيا .

إن المعلومات المحايدة والقادمة من بنك النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي تبين انخفاض الدخل القومي الروسي الى 5.6 % وتتوقع التضخم لعام 2023 ب 16% مقابل 12% في العام الماضي .

وفيما يخص نسبة العاطلين عن العمل التي أعلنتها السلطات الروسية 2.7% فهي غير صحيحة، وذلك لعدم مراعاتها لأرقام العمال الذين يمكثون في إجازة غير مدفوعة وهم 3% من مجموع العاملين، ولكن الأرقام الحقيقية تصل الى 15% (بطالة مبطنة) وهو ما يقارب نسبة البطالة عام 1990 عند تفتت الاتحاد السوفيتي والتي بلغت 13%.

كما ان الحرب الروسية الأوكرانية دفعت المستثمرين للابتعاد عن روسيا نتيجة للسياسة الروسية تجاه الشركات الغربية، يضاف الى ذلك سياسة أمريكا في فرض العقوبات وخاصة اخراج روسيا من نظام السويفت المالي مما جعل مسألة تحويل الأموال والاستثمار معقدة للغاية .

إن الوضع السياسي الداخلي في روسيا وخاصة المتبع ضد المعارضة والاصوات المناهضة للحرب لا يستطيع الصمود طويلاً أمام معاناة شعوب الاتحاد الروسي واستمرار الحرب والعقوبات سيؤدي حتماً الى تحركات شعبية كما هو الحال في ايران ومن الخبرة السابقة في دول كثيرة فإن أساليب قمع الشعوب تكون نتائجها وخيمة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :