facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأزمة السياسية الأعمق وراء ظاهرة كلاب الشوارع


سامح المحاريق
27-02-2023 04:30 PM

أثناء دفاعها عن حقوق الحيوانات هاجمت الممثلة الفرنسية بريجيت باردو سكان جزيرة لا رينيون الواقعة في المحيط الهندي، والتابعة للجمهورية الفرنسية، ووصفت سكان الجزيرة الذين يستخدمون بعض الحيوانات طعماً لأسماك القرش، وفي معرض تعاطفها مع حيوانات الجزيرة وصفت سكانها بأنهم بالإنحطاط والبربرية.

المحكمة الفرنسية أصدرت حكماً ضد الممثلة لإهانتها شعب هذه الجزيرة وممارساتهم الدينية، وكتبت الممثلة اعتذاراً أرسلته إلى القاضي المختص ليضاف إلى ملف القضية.

هذه الحادثة يمكن استدعاؤها ونحن نواجه اليوم جدلاً متواصلاً حول قضية الكلاب الضالة التي أصبحت ظاهرة مقلقة في الأردن، وبصورة لا يمكن أن تعزل ما يحدث عن تداعيات أخرى تتقاطع مع فكرة الدولة ودورها والضمير الجمعي.

يتداول الناس مقاطع محزنة لإعتداءات الكلاب على السيدات والأطفال، وسجلت حالات اعتداء على الأغنام التي تشكل مصدر رزق للمواطنين، وفي المقابل، تضغط جمعيات حقوق الحيوان لحماية الكلاب من إجراءات المواطنين الذين يمكن أن تلحقهم عقوبات في حالة تصفية الكلاب على عاتقهم الخاص.

وبذلك يوجد لدينا تفاوت في زاوية الاستجابة وسرعتها لمشكلة يفترض ألا تكون أصلاً موضوعاً للنقاش، لأنه لم نتمكن من ضبط مسألة التراشق في الرأي والإيغال في الجدل غير المنتج، والذي لا يمكن أن يساوي مطلقاً الألم الذي يعانيه طفل عقره كلب ضال في الشارع.

وحيث أن الدولة من دورها الأساسي، أن تحتكر وسائل العنف، فالإبقاء على هذه العقوبات مسألة ضرورية، ولكن المواطن الذي يدفع الضريبة يجب أن يحظى بشارع آمن لا يعرضه لمخاطر التجول والتنقل، كما أن الحوادث التي تقع من الكلاب يمكن أن تدفع بعض المواطنين لأن يتحركوا بمعزل عن القانون، تحايلاً أو تحدياً، من أجل سلامة أبنائهم وذويهم.

القانون الذي يحمل داخل بذرته تشجيعاً للناس من أجل تحديه هو قانون ينذر بحدوث فجوة كبيرة بين الدولة والمواطنين، وحين يكون القانون منطقياً في جوهره، فإن صناعة الحالة غير المنطقية التي تتمثل في انفلات الكلاب في الشوارع يتطلب أن تتحرك الدولة بصورة استثنائية، ولذلك فلجوء النواب لتصوير قطعان الكلاب الضالة في الشوارع، ومن ثم استجابة المجلس لمناقشة الأمر، يعد افتئاتاً على قدرة الدولة على اتخاذ الإجراءات الاستثنائية التي تحفظ سلامة الشخص غير المعني بكل تراكيب المنظومة إذا كانت سلامته الشخصية ستكون موضوعاً للجدل! ومجرد مناقشة الموضوع وكأن الدولة بمؤسساتها المختلفة، المركزية واللا مركزية، يشبه اجراء مقابلات لتعيين منقذ سباحة تتواصل بينما أحد الأشخاص يغرق فعلياً في التو واللحظة.

تدحرجت الأزمة لأن التأجيل، ومحاولة تحديد الجهة المعنية، ومناقشة التفاصيل، أخذ يستهلك الوقت ويفتح الطريق أمام تكاثر عشوائي غير منضبط للكلاب ليصل إلى مرتبة الظاهرة، ولذلك، يأتي قرار محكمة التمييز بنقض حكم عدم تعويض سيدة عن الضرر المعنوي الناتج من تعرضها لهجوم من كلب حراسة نقطة للارتكاز في اختصام الجهات المسؤولة عن التعامل مع الكلاب الضالة من أجل أي ضرر يلحق بالمواطنين نتيجة تفشي الظاهرة.

إذا لم يكن ثمة وسيلة في ظل مشهد تشريعي وإداري قائم على هذه الحال، فالقانون والمؤسسة القضائية يمكن أن تحدد المسؤوليات بما يجعلها تستبق التلكؤ التشريعي على أساس منظورها للعدالة وتحقيق مقاصد المجتمع، وفي حال تحددت المسؤوليات سيحدث الانصياع الذي يشبه ما يحدث من تلمس للخطوات مع مكافحة الفساد، ولكن لذلك حدوده، فالأساس أن تمتلك الحكومة من حيث هي الأداة التنفيذية المسؤولة وصاحبة الكلمة الفصل في حالات تهديد فعلي أو محتمل للسلامة الشخصية القدرة على المبادرة.

ولكن أين بدأت القصة؟

يعاني الأردن حالياً من سوء الطوية وفائض التفسير، ويتغذى ذلك من حالة السيولة المفرطة في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يمكن أن تتغيب عن الذهن القصة القرآنية في سورة البقرة والإلحاح في التفاصيل، وفي حالتنا الإفراط في محاولة تفسير أي قرار وكل قرار، وعلاوة على ذلك، نشبه الشخص الذي يعالج مشكلة بأخرى أكبر.

بمعنى، ولو أن الموضوع بعيد بعض الشيء، إلا أنه جدير بالتأمل، وهو التشدد الدستوري في استصدار القوانين المؤقتة، وأتى بعد الانفتاح عليها في زمن حكومات سابقة، وبدلاً من تقييم هذه القوانين وتحديد أنماط معقولة لاستصدار قوانين مؤقتة، جرى التقييد الكامل، وفقدنا أداة مهمة في التغيير، بل وفي الإصلاح السياسي.

اليوم، نتحدث عن قوانين نتجت عن حوار مجتمعي مثلته اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية، ومضت إلى مجلس نواب سيشرع وفقاً لاستمرارية الطبقة السياسية التي يمثلها، مع أن المفترض أن يمضي الأمر، طالما أننا وصلنا إلى تقييم مخيب للمجالس الماضية، وبلسان بعض النيابيين وشهادتهم، إلى قانون مؤقت تثويري بالكامل، ولكن الاستجابة في المعالجة من باب الريح (الذي يسد فتستريح) فالمشكلة ستبقى قائمة.

لقد أوصلنا أنفسنا إلى هذه المرحلة، فلا يوجد قرار أو تحرك عاجل، ولكن يوجد حوار غير منتهي يمضي أحياناً من غير هدف، وكثير من التردد في كل شيء وعند كل منعطف، طالما أنه يمكن أن تدفع الكرة الساخنة بعيداً عنك ولو لبعض الوقت.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :