facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العالقون .. تأملات في موسمية الخيبة العربية (1)


سامح المحاريق
06-03-2023 06:07 PM

تزايدت الأحاديث حول النهضة في أكثر من بلد عربي، فالمشروع الذي تقدمت به جماعة الإخوان المسلمين قبيل الانتخابات المصرية الأولى بعد الثورة كان يحمل تسمية النهضة، وهو ما تبين أنه مشروع غير جاهز، وعلى الأقل، غير مكتمل وغير عملي كما تبين بعد فوز الجناح الإسلامي في الانتخابات.

وحكومة النهضة، كانت شعاراً Slogan للحكومة التي ترأسها الدكتور عمر الرزاز، بعد مظاهرات واسعة في الأردن جعلت استثمار هذه الكلمة أمراً مشروعاً وإن تبينت مفارقتها للواقع، تشخيصاً وفهماً وحلولاً، بعد أسابيع وجيزة من تولي تلك الحكومة لمهامها.
في تونس، حملت الحركة الإسلامية اسم حركة النهضة تحمل معها سقفاً مرتفعاً للتوقعات في بلد شهد انطلاق رياح أو (ريح) الربيع العربي.

هذه الاستدعاءات، وأخرى غيرها، تظهر مدى استحكام فكرة النهضة في الضمير أو المخيلة العربية، مع تجنب استخدام مقولة العقل العربي، لأنها مقولة غائمة من ناحية، ولا تتوفر كثير من شروطها من ناحية أخرى، والحديث عن العقل العربي، مسألة سنعاود اختبارها أكثر من مرة في مواقع لاحقة.

النهضة في حد ذاتها هي الترجمة العربية الشائعة لكلمة Renaissance التي تستخدم لوصف التحولات الكبرى التي شهدتها القارة الأوروبية أثناء القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وتولدت على هامشها مجموعة من التفاعلات بقيت تغتذي على المركزية الأوروبية التي فرضت رؤيتها على العالم من خلال التفوق التقني وسطوته على صياغة أفكار الناس وسلوكياتهم حول العالم، وتعززت سلطتها مع الحركة الاستعمارية بإرسائها، بجانب التواجد العسكري، منظومات قيمية تحتكر مفاهيماً مثل النجاح والإنتاج، إلى تداخلها مع تصورات سامية مثل العدالة والخير.

النهضة ترجمة متكلفة وغير دقيقة، فالكلمة المستخدمة في أوروبا، تعني لغوياً، إعادة الولادة، وهي أقرب عربياً إلى البعث، إلا أن الواقع الذي تشكل على هامش التجربة البعثية في كل من العراق وسوريا أحدث نفوراً من استخدام الكلمة الأدق من ناحية الترجمة.

أحد مشكلات الفشل المتكرر في تحقيق النهضة، أو التقدم بخطوة والتراجع بخطوات، هو أن حالة الموات لم تحدث بالمعنى الفعلي في الحالة العربية، بينما كانت واقعاً لا يمكن تجاهله أو تجاوزه بالنسبة للأوروبيين، فتتابع الانتكاسات تركت مجتمعاً مشتتاً عاجزاً وفتحت فرصة لاستعادة حيوية الانتخاب الطبيعي بين القوى الاجتماعية، فالسلطة القديمة أرهقتها الحروب في الشرق (الحملات الصليبية)، وحرب المائة عام، والطاعون الأسود، لتصبح القارة مرهقة ومستنزفة، ويائسة بالكامل.

ما الذي نعنيه بحيوية الانتخاب الطبيعي؟

بقيت السلطة التقليدية تقاوم ظهور أي بديل، ولا تتصوره، ومن عدم القدرة على التصور، أخذت تتجاهله، وتمعن في قراراتها التي تدور حول ذاتها، ومع الوصول إلى الانهيار الكامل، كانت الأرضية مهيأة لظهور سلطة جديدة، أكثر تعبيراً عن تفاعلات المجتمع، لم تحسم الأمر بالكامل لمصلحتها ولكنها غيرت التاريخ.

مع انهيار الإمبراطورية العثمانية كان العرب يعايشون ظروفاً مشابهة، ومع ذلك لم تصل المنطقة إلى مرحلة الموات، ولم تكتسب الذات المبدعة التي (تنبعث) من التحرر الكامل، فما حدث هو عملية تحويل للمنطقة لسلطة استعمارية، وإعادة إنتاج النخب الإدارية التي عملت في خدمة العثمانيين لاستغلالها من أجل الإدارة المحلية، بالصورة التي أسست لحالة (خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام)، وهو أحد الأحاديث التي تعرضت لسوء فهم كبير، واستغلال في غير موضعه.

إلى توارث النخب في تلك الحقبة، وصمودها المتباين بين بلد عربي وآخر، كانت العقيدة العثمانية، ومن قبلها المملوكية، تتوطن في الجمهوريات العربية صاحبة الجيوش، والتي كانت تقع تحت القبضة الثقيلة للعثمانيين، العراق وسوريا ومصر، في مقابل، الخليج العربي الذي كان يحظى بمسافة أوسع مع العثمانيين، بوصفه أرضاً غير مثمرة وغير كافية لتزويد الدولة بالموارد.

في الجمهوريات الإنقلابية العربية، ورثت الجيوش عقيدة الحماية المملوكية والعثمانية، فهي جيوش وطنية بصورة ظاهرية، ولكن تأسيسها كان وظيفياً، والفكر الذي بقي يتوارث يقوم على اعتقاد باستحقاق ذاتي عند العاملين في سلك الجندية، يجعل المجتمع مضطراً لتغذيتهم بالاسترضاء الدائم، ويكونون بذلك، استكمالاً لمسيرة الجندي المملوكي، الذي يرغب في الحصول على حصته بالاقتطاع، ويرى العامة ملزمين بالعمل لديه.

في الدول الأكثر تأثيراً في صياغة منظومة المشرق، مصر، وصلت الأمور بعد الحملة الفرنسية إلى درجة مزرية، مكنت تاجر دخان ومرتزق ألباني، من الاستيلاء على مصر بأراضيها كاملة خالصة له ولذريته في مؤامرة دولية لتحد من طموحاته وراء الحدود، ولم يكن مستغرباً أن يصل به النزق إلى مخاطبة المصريين بعبيد إحساناته.

هذه النواة توطنت وأعمت العسكريتاريا العربية عن تواصلها العضوي مع المجتمعات التي أنتجتها.

لم نسقط بالكامل، الأمر الذي يجعل فكرة النهضة ملتبسة، فالمنطقة بقيت تحت حكم سلطة عضوض، أو سلطات متصارعة، وجميعها كانت بعيدة عن العامة، واستطاعت هذه السلطات أن تكفل الكفاف أو درجات متفاوتة من الاستقرار والعائد للكتل السكانية التي وجدت نفسها داخل حدود رسمت لمصلحة الاستعمار وبناء على تقديراته.

تسود بين مجموعة من الباحثين والمهتمين، وصف الحالة العربية بأنها محملة بالتزاوج بين النظام القوي والدولة الضعيفة، وما أراه من طرفي، أن هذه الوضعية تعتبر عرضاً لمشكلة أعمق، تتمثل في أن الدول العربية لم تنشأ نتيجة تطور داخلي ذاتي، ولم تبحث عن شخصيتها بالصورة اللازمة، وهو ما يمكن أن نلمحه في حالة دول مثل النمسا وبلجيكا، وفوق ذلك، بقيت محملة بانتقائية السلطة للتراث، وهو ما سيكون موضوعاً لما يلي من حديث، بحيث توظفه في إطار ثنائية العصا والجزرة، في عملية تغييب متواصلة لتخلق وعي تاريخي لدى ما يمكن وصفه، مجازياً، بالشعوب في المنطقة العربية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :