أيمن الصفدي .. رأسك لا تطاله حجارتهم .. طارق الحايك
06-12-2010 03:34 AM
كلما ازداد عدد الذين يقذفونني بالحجارة كلما تعمّق يقيني بأنني شجرة مثمرة.
هذه الجملة عادت تتقافز أمام عينيّ في الأيام القليلة الماضية كلما قرأت خبراً يتعلق بالتشكيلة الجديدة للحكومة، وبالذات فيها يتعلق بالنائب الابرز لرئيسها الذي بدأ البعض يتحدث عن قيامه بتجميد عدد من الوزراء والمستشارين في الرئاسة، واستحواذه على ملفات وزارات أخرى، و"سيطرته" على المؤسسات الإعلامية الحكومية وتوجيهها لصالح أجندته الشخصية، و"خضوع" رئيس الحكومة لرغباته وتوجهاته في التعيينات، حتى خيّل لي أنهم يتحدثون عن موسوليني وتوقعت أن اقرأ أنه ـ وبحسب "مصادر مطلعة" ـ هو من قام باختيار أعضاء الحكومة الجديدة وتوزيع حقائبها.
أنا بالطبع لست بصدد الدفاع عن الرجل الذي لا تربطني به أية علاقة من أي نوع، انما الغرض هو الوقوف عند ظاهرة أصبحت "موضة" لدى بعض المواقع الالكترونية التي سحبت بساط اغتيال الشخصيات من تحت أقدام كثير من الصحف الأسبوعية التي أبدعت في هذه النقطة في أوقات مضت، والذي آن الأوان لوقف لوضع حد لهكذا ممارسات لا تمت للعمل الصحفي بأية صلة.
ومن يتتبع سلسلة الهجمات على أيمن الصفدي لا يحتاج الى قدر كبير من الذكاء كي يعرف أن دوافعها شخصية بحتة يتم تغليفها أحيانا بدوافع وطنية في الوقت الذي يعجز كثير منهم باخفاء حنقه عليه، إما لأنه لم يجب على اتصاله الهاتفي أو لأنه لم يقم بدعوته الى إحدى لقاءات جلالة الملك مع الصحفيين، وتمنيت أن أجد من ينتقد مهنيته أو أخطاءه العملية أو حتى زلّة لسان اقترفها، إلا أن الانتقادات كان في معظمها تتحدث في العموميات باستثناء قلة قليلة انتقدت سلوكيات شخصية لا تقدم ولا تؤخر في الموضوع.
الرجل ـ من وجهة نظري الشخصية ـ يتمتع بمهنية عالية قلّ نظيرها وهو متحدث بارع وإداري متمّرس خَبِـر أهم المؤسسات الإعلامية في البلد، وهو شخصية يفخر الإعلام الاردني بأن يكون أحد رموزه، فهو على على الأقل لم يهبط اليه "بالبرشوت" ككثير ممن ينصبون أنفسهم حماة للسلطة الرابعة من الدخلاء عليها في زمن انعكست فيه جميع المعايير، ولا أدلّ على ذلك من البصمة التي تركها على صحيفة الغد والتي غدت في عهده علامة فارقة في المشهد الإعلامي الأردني.
في الواقع نحن أمام حالة مقلقلة إزاء هذا الانفلات الإعلامي في اغتيال الشخصيات من خلال كيل الاتهامات وتلفيق الاكاذيب دون أن نشخّص حالة أو قضية بعينها يمكن من خلالها وضع الإصبع على موضع الخلل في حال وجوده، على عكس الصحافة الغربية في الدول المتقدمة التي ينبغي علينا أن نتعلم بعضاً من أخلاقياتها والتي لا تتهم أحداً الا بقرائن وأدلة، وحين تتهم تشخّص التهمة وتقول للمتهم أنت ارتكبت الجريمة الفلانية، أما في بعض مواقعنا الالكترونية فنكتفي بالقول أنت مجرم وحسب، دون أن نبين الجريمة التي اقترفها بل وحتى دون أن نكلف أنفسنا عناء توضيح أين ومتى حدثت هذه الجريمة.
ولعلّه لا مناص لي من الاعتراف أنني أمام هكذا حالة أصاب بنوع من الشيزوفرينيا تجاهها عندما أحزن لرؤية الأحقاد تحرك بعض الاقلام للنيل من آخرين فقط لأنهم عاجزين عن بلوغ ما وصل اليه أولئك، لكنني في الوقت ذاته لا أملك إلا أن أسمح لقليل من الفرح بالتسرب الى نفسي حين أتذكر أن الأشجار المثمرة وحدها التي ترمى بالحجارة.
Tariq.hayek@yahoo.com
الكاتب من يومية الدستور.