facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفوضى الإعلامية وغياب الإرادة السياسية لتحرير الإعلام


باتر محمد وردم
17-07-2007 03:00 AM

ربما كان مشهدا نموذجيا في الكوميديا السوداء أن تكون رئيسة المجلس الأعلى للإعلام أو أعضاء المجلس يجلسون في بيوتهم يتناولون قهوة المساء ولسبب غير معروف يقررون مشاهدة التلفزيون الأردني ليجدوا أن وزير تطوير القطاع العام يعلن أن الحكومة بصدد إلغاء المجلس من خلال إطار لترشيق الإعلام، وهم آخر من يعلمون بغض النظر عن مستوى الرشاقة الفردية أو المهنية لديهم. مشهد يجسد حالة التخبط في الإعلام الأردني والذي اصبح بمثابة كائن يعاني من حقل تجارب متعدد الأغراض وغير مبرمج، لأنه وفي كل مرة يتم تطوير تجربة جديدة بمعايير مختلفة وينتج كائن جديد بدون معرفة وظيفته الحقيقية وكيف يختلف عن نتائج التجارب الأخرى.

في حقل التجارب الإعلامية الحكومي هناك ست منتجات مؤسسية إعلامية والحديث الآن يتم حول إلغاء بعضها أو كلها تدريجيا والعودة إلى الصيغة المفضلة للكائن الأسطوري خارق القوى المسيطر على كل شئ وهو وزارة الإعلام.

لا ندافع عن المجلس الأعلى ولا ننتقده، ولكننا نطالب بمستوى يصل إلى الرجاء أن تنتهي حالة التخبط هذه والوصول إلى القرار الذي لا بد منه وهو ليس صعبا ولا يتجاوز واحدا من طريقتين.

أما أن تكون الإرادة السياسية منفتحة نحو تحرير الإعلام الأردني من الهيمنة الحكومية وهذا يعني خصخصة قطاع الإعلام وترك مؤسسة واحدة عامة تحمل إسم هيئة تنظيم قطاع الإعلام المعنية بإعطاء وتجديد الرخص الإعلامية وتنظيم هذا القطاع المتطور يوميا نحو فضاء القنوات الحرة أو الإنترنت والانتهاء مرة واحدة وإلى الأبد من الهيمنة الرسمية. وفي هذا السياق يمكن ايضا الإبقاء على المركز الأردني للإعلام كمصدر للمرجعيات الإخبارية والإعلامية الحكومية، لأنه وحتى في ألمانيا وبعض الدول المتقدمة ديمقراطيا توجد مؤسسة إعلامية خاصة بالحكومة وهناك مركز إعلاني ألماني تابع للحكومة يقدم خدمة المعلومات والمعرفة للصحافيين والمهتمين.

الخيار الثاني أن تكون الإرادة السياسية غير معنية بتحرير الإعلام والمطلوب هو استمرار الهيمنة الحكومية التامة على تنظيم القطاع مؤسسيا وعلى المضمون الإعلامي وفي هذه الحالة لا بد من العودة إلى وزارة الإعلام بصورتها الحقيقية والتي تدل على نظام إعلامي رسمي شمولي بإمتياز. وزارة إعلام على الطريقة الصحيحة تراقب المضمون الإعلامي وتعطي المؤشر الواضح على وجود ذهنية غير متحررة والإنتهاء من حالة إنفصام الشخصية التي نعانيها ما بين خطاب رسمي تنظيري حول حرية الإعلام وممارسات مختلفة تماما على أرض الواقع.

بالنسبة للإعلامي في ظل الإطار الشمولي فإن وجود مرجعية رسمية واحدة وهي وزارة الإعلام أفضل من المجلس الأعلى وإعلام رئاسة الوزراء والمركز الأردني ودائرة المطبوعات والنشر وكل هذه المؤسسات المتنافسة على السلطة والتي لا تؤدي في النهاية إلا إلى ترسيخ حالة الفوضى الإعلامية.

ما يحدث حاليا هو استمرار الفوضى. تنصلت الحكومة من تصريحات وزير تطوير القطاع العام، وفي لقائه مع المجلس الأعلى للإعلام أكد رئيس الوزراء أن المجلس هو "المرجعية المهنية والمظلة الاخلاقية والهيئة الناظمة لوسائل الاعلام وأداة تنميتها" وهذا وصف بالغ الرقة والإعجاب ويصلح لأبيات الشعر ولكن لا أعرف إذا كان يعني الطمأنينة للمجلس من مغبة الدراسات الموجودة في أدراج وزارة تطوير القطاع العام. ولكن حديث الرئيس للمجلس كان يتضمن ايضا وصفا أكثر مهنية ودقة لوظيفة المجلس وهو "المساهمة في وضع السياسات والتشريعات والاستراتيجيات الاعلامية والتنظيم والمتابعة وتنمية الموارد البشرية واجراء الدراسات والبحوث الاعلامية" وهذا ما يعني أن المجلس هو بيت خبرة ودراسات ومعرفة ومقترحات ولكنه ليس مؤسسة تنفيذية ولا جهة معنية بفرض رقابة أو تصورات مسبقة على المضمون الإعلامي.

من هذا التعريف الدقيق لرئيس الوزراء يتأكد لنا بأن المجلس الأعلى للإعلام ووزارة الإعلام ليسا طرفين في معادلة واحدة يمكن إلغاء أحدهما لصالح الآخر. المجلس الأعلى هو مؤسسة بحث وتشريعات وإستشارات إعلامية أما وزارة الإعلام فهي بالضرورة صاحبة سلطة تنفيذية تتضمن مراقبة المضمون الإعلامي مسبقا أو لاحقا والسيطرة على مصادر المعلومات.

أقول للزملاء المطالبين بعودة وزارة الإعلام أن يقرنوا دعوتهم هذه بدعوة للحكومة أن تعلن على الملأ بأنها قد تخلت نهائيا عن مشروع تحرير الإعلام وتحديثه وأن الهدف هو الإمساك من جديد بزمام النشر الإعلامي في كل اشكاله. وزارة الإعلام لا يمكن أن تكون عنصرا في مشروع ديمقراطي ولا يمكن أن نستمر في الضحك على أنفسنا والعالم بهذه الثنائية في الخطاب وحالة إنفصام الشخصية الإعلامية. وزارة الإعلام تعني عودة الرقيب الإعلامي المسبق والذين يطالبون بها عليهم إما أن يعلنوا موقفا واضحا من تأييدهم لعودة الرقابة المسبقة المؤسسية والتدخل في المضمون الإعلامي أو أن يصروا على الاستمرار في إلغاء الوزارة والدعوة إلى مؤسسة رسمية واحدة هدفها الوحيد هو "تنظيم" وليس "إدارة" قطاع الإعلام الأردني وهي هيئة تنظيم قطاع الإعلام وهي معنية فقط بالتراخيص والشؤون التنظيمية.

كل ما نتحدث به حول الوزارة والمجلس ليس إلا جزئيات غير مهمة لأن كلمة السر هي الإرادة السياسية في تحرير قطاع الإعلام والتي لا تتطلب إلا الإنسحاب التدريجي للحكومة من الإعلام ودخول الإعلام عصر القطاع الخاص والذي يعني أن وزير تطوير القطاع العام لن يكون معنيا بترشيق الإعلام بنفس الطريقة التي لا يكون فيها معنيا بتشجيع الإستثمار، لأن الإعلام وببساطة لن يكون مرتبطا بالقطاع العام اساسا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :