facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كثُرت الألغام البشرية فاحذروها !


م. مدحت الخطيب
13-04-2023 12:42 PM

كثيرا من المفارقات التي عشتها في مراحل طفولتي ما زلت أذكرها كما أذكر الأمس، رغم أنها لم تكن وردية في كل حال، لكنّها كانت تضيف لنا على الأقل راحة البال وتعطي الأشياء من حولنا طابعاً من الرقة والجمال فيتحول الشيء الرتيب إلى شيء ذي معنى ،قد لا تتطابق هذه الحياة مع معجم ابناء هذا الجيل فلهم حياة غير حياتنا وما فيها.

نعم كانت حياتنا متشابهة فأمثالي من ابناء القرى قمة طموحهم أن يأخذ من والده نصف دينار ليشتري ما لذ وطاب من الطعام أو الشراب ، أو أن يجلس أمام التلفاز لساعة او ساعتين، وكبيرها أن يرافق والده الى السوق لعله يظفر بلعبة أو بوجبة من أحد المطاعم أو محلات الحلويات.

مرحلة فيها الكثير من الشقاوة المحببة والصدق والبساطة وحب الحياة معا، كنا صفحة بيضاء وقلوب صادقة وطاهرة لا تعرف الكره والحقد والخيانة والغدر.

كانت أُمّي عليها رحمة الله شديدة الخوف علينا جميعا ولكي لا نَغيب عن اعينها حتى وهي تقوم بتجهيز الطعام، كانت تنسج لنا الكثير من القصص والحكايات فلا نبتعد عن مجسات مراقبتها أو نختفي عن شاشات الرادار التي حدد لنا مداها والدي .

أذكر أن لها طقوس خاصة كانت تمارسها في وقت إعداد (الملفوف والكوسا) مثلا وخصوصا أن هكذا أكلات تحتاج الى دقة وهدوء ووقت كافي للتحضير ، ومن هذه القصص التي كانت تشاغلنا فيها تجربة حار(الدار وبارها).

والقصة بإختصار : أنها كانت تضع قطعة جزر صغيرة بداخل أحد حبات الكوسا وتقول من يأكل هذه فهو حار الدار، وتضع قطعة أخرى من البطاطا مع الحشوة وتقول من يأكل هذه الحبة فهو بار الدار، وتكرر العملية أكثر من مرة أثناء تجهيزها للطبخ، وعند سكب الطعام نلتف حول المائدة وكأننا نلتف حول حقل من الألغام، نتلمس الطعام بهدوء خوفا من الوقوع في لغم حار الدار، واذا ساق القدر لنا حبة البطاطا نرقص وكأننا فزنا بجائزة الأوسكار، وهكذا تتكرر القصص والحكايات طوال العام.

اليوم وفي زمن الوصفات الجاهزة والطبخات المزركشة حتى السياسية منها، أقول متى سنلتف حول أمنا الثانية الأردن بعد أن أكلنا من خيراتها وعشنا على بركاتها بحمدالله ؟، متى ستكون طبختنا صادقة كصدق الأم لكي نميز حار الدار وبارها؟، متى سيقتنع المسؤول قبل المواطن أن الاردن أكبر منا جميعا وأن التقصير في خدمته وخدمة المواطن كالخيانة لا بل أشد منها ؟.

متى سنقول للفاسد أنت فاسد، وللمقصر أنت مقصر، ونجد من يعاقبهم أو يحاسبهم بصدق؟

متى ستطال يد العدل ودون تشويش أو تأخير من نهبوا البلاد والعباد، وأن يتم عقابهم بأشد العقوبات لكي يكونوا عبرة لكل فاسد وخائن؟.

متى سنتخلص من اقزام السياسة والاقتصاد والإدارة، ويقود البلد رجال بحجم الوطن الأردن الأغلى والاحب الى قلوبنا جميعا؟.

كلامي موجه الى من يهمه الأمر الى صناع القرار في بلدي، أقولها بلسان حال المواطن بلغة واضحة كاشفة كافية قليلها كثير وكثيرها لا يحتاج الى شرح أو تفسير، إن كان الأردن يعنيكم ومهما كان موقعك ارجو منك ان تعد الطبخة بقوة عزمك وحبك لوطنك وشعبك وصدق مشاعرك، لأن الكثير مما يطبخ في الخفاء للأردن التراب والقيادة والشعب أصبح يزعجنا جميعا.

Medhat_505@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :