facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




محطات رمضانية قبل النسيان


د. كميل موسى فرام
30-04-2023 12:57 AM

انتهىت أيام شهر رمضان المبارك، الشهر الفضيل الذي نودعه كل عام وننتظر أيامه القادمة؛ عبادة ربانية، وحافل بالطقوس الإجتماعية والعائلية، وربما واحد من ركائزه المميزة تغيرات طبيعية بسلوكيات الأفراد بتناول الطعام والشراب بواقع الصيام مع ما يرافقها من حلويات ذات نكهة خاصة في هذا الشهر الفضيل، حراك ايجابي بالعادات الإجتماعية ذات الصفة التقاربية وصلة الأرحام التي تؤسس لتجانس عائلي، يغلفه ثوب الإيمان الرباني الذي يحمله هذا الشهر، وربما مشاهدة البرامج التلفزيونية وبعض المسلسلات التي تحضر سنويا خصيصا لهذا الشهر ولياليه، بل ارتباط بعضها حصريا من حيث العرض وعدد الحلقات، جعلني كمشاهد هذا العام ملاحظ وناقد، يؤهلني لإبداء الرأي، بالتزامن لمزاحمة شديدة مع تصفح وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت منافسا شديدا وقويا، بالرغم من تحفظي على المستوى الهابط والسلبي لمعظمها؛ سرقت الوقت والانتباه والتركيز، بدون أية فوائد ايجابية تعكس الثروة المكتسبة أو تساهم ببناء الفكر الايجابي، ناهيك عن الدعايات عبر المنصات للتسويق ويمكنني الجزم بالقول أنها وسائل اصطياد وإغراء؛ واقعها عكس محتواها وحقيقتها.

تميزت البرامج التلفزيونية بمعظم محطاتها خلال أيام الشهر الفضيل وخصوصا المحطات المحلية بغزارة برامج الطبخ المكررة والمليئة بالاعلانات التجارية يُسّوّق لها بثمن، والكفيلة بتطفيش المشاهد والعودة للبدايات ومشاهدة حلقات ميكي ماوس أو مسلسل الأصدقاء، ففي نفس البرنامج دعاية لنوعين من الأرز أو السمنة أو الزبدة أو الحليب مثلا بصفات ذات أبعاد حياتية، ونحن على ثقة برداءتها نتيجة سقوطنا سابقا عطفا على مشاهدة وتجربة، مقدرين لمقدم البرنامج ومنفذ مشاريع التحضير سبب تكراره وتركيزه على الراعي للبرنامج بهدف فرض تسويق منتجه على مسامعنا مقابل مبالغ مادية، ولكنني أرى أن كثر المديح وتكراره لصنف معين أو لشخصية معينة سيجعل الشك حاضرا ورادعا للصدق، بل سببا كفيلا لتحاشي التعامل مع هذه الأصناف حيث عاهدت نفسي على ذلك، فقد وقعت بالمصيدة ولا يجوز أن لا أعتبر، والتي يرافقها خفة كلام وتغير باللهجات بلبننة مقلدة لا تناسبنا، ليقفز السؤال الأهم عن مبرر منح هذه المساحة الزمنية من البث التلفزيوني يوميا لمثل هذه المواضيع التي تعكس زيادة مضطردة بزيادة عدد الحالات المرضية المزمنة وخصوصا أمراض السمنة والمتعلقة قيها، السكري وضغط الدم، أمراض القلب والمفاصل وعسر الهضم وغيرها، ليقفز السؤال الأهم إن كنا شعب نقدس الأكل ونعشقه بأولوية.

معظم المسلسلات التفزيونية بغزارة الانتاج المصري والسوري والتي تخصص لليالي الشهر الفضيل، كانت تتقاطع محتوياتها على القتل والعنف والتخلف الذي قد يكون سيطر على بعض المجتمعات في حقبات زمنية سابقة، ولكنه انتفى من الوجود اليوم بحضور قوي لدولة القانون التي يمكنها عبر سلطاتها تحقيق العدالة ورعاية الحقوق، فلم يعد العمدة أو المختار صاحب قول وهيبة تمكنه من التحكم بالعباد وتفرض سطوته وإطاعته العميانية باعتباره صاحب الرأي السديد؛ يتزوج ويطلق من يريد حسب مزاجيته وأهوائه، ينفي ويحكم ويعاقب ويعدم بسلطات مطلقة، يفرض العقوبات، فصورة المجتمع تخلفية لتجعله الناصح والمتنفذ؛ واقع هلامي خيالي ليس من عادات مجتمعاتنا أو واقعها، ليصورنا بهذه الصورة السالبة بأننا مجتمع قتل وتخلف، بل لماذا نجعل من القاتل وفارض الأتاوات بطلا لمسلسل ونعطيه الفرصة لتسويق شخصيته المغامرتية في حكاوي وأحاجي جحا أو تطبيق عدالة حكم قراقوش بما سمعناه من ظلم ومبالغة وخرافة. كيف لنا أن نسمح للشخصية الأمية أن تكون ذات صلاحيات على مستوى العائلة والمنطقة لا تقيدها القوانين النافذة، بل تتمادى على دولة القانون، وكيف لنا أن نتصور بمكانة مرموقة للعربجي في مجتمعاتنا المتحضرة، ونمنحه صكوكا مطلقة لفرض الرأي بالفوضى والتهديد والقتل، وكيف لنا أن نسمح لشخصيات بهلوانية متواضعة أن تمثل واقع الرجل العربي الشرقي، فنقبل يداها ونسمع قولها وننفذ أمرها لنحميها، في الوقت الذي تغرق فيها هذه الشخصيات ببحر الزوجات والتمادي وتصوير الرجل الشرقي بحصرية الاهتمام الجنسي؟ كيف لنا وكيف لنا؛ أمر محير يدعو للأسف والتوقف.

تاريخ مصر العظيمة وحضارتها وما تمثله من أيقونة القوة والثقافة والتقدم، لا يمكن تلخيصه بمسلسل العمدة وأمثاله، وذات الحال على الواقع السوري القريب منا والشبيه معنا، فحضور المرأة ودورها وتأثيرها يتعدى حقوق السلب والفرض، خصوصا بالنماذج المكررة والمملة لباب الحارة والعربجي والعمدة وأشباههم.

ربما هناك معادلة ذات مدخلات ومنتجات؛ تتمثل بفرض برامج ومشاهدات تلفزيونة مملة للابتعاد عن الواقع، يقابلها لجوء وإدمان لوسائل التواصل الإجتماعي لإكمال الدور السلبي الذي يضمن تسويقها ضمن مفاصل الحرية بمقاسات جديدة تعتمد على فنون التسويق، وللحديث بقية.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :