facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السودان تنزف .. وأطماع الدول العظمى


علي سليمان الحديثات
02-05-2023 11:43 PM

في خريف عام 2018 كانت رحلتي الى جمهورية السودان الشقيقة مكلفاً بمهمة مراقب دولي ضمن بعثة الأمم المتحدة police advisorفي غرب دارفور حيث منابع الخيرات ومساحات الأراضي الخصبة ومناجم الذهب والنحاس والمعادن المتمركزة في منطقة جبل مرة من جهة وحيث مخيمات السودانيين العزل التي استباحتها قوات الدعم السريع بدعم النظام السابق للسيطرة على حركات التمرد كما يسمونها، فكانت معاناة سكان دارفور من غير العرب من الاضطهاد والتمييز العرقي والعنصري والذين يتبعون لحركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، معاناة لا يمكن وصفها بالكلمات من عمليات القتل والتشريد وعمليات السلب والنهب وانتهاك المحرمات حيث نتج عن تلك العمليات قتل ما يزيد عن 100 الف من المدنيين العُزل والتي بسببها اُتهم الرئيس السابق بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية من قبل محكمة العدل الدولية، الا ان افضت المفاوضات بين الحكومة السودانية وحركة التحرير وحركة العدل والمساواة الى توقيع اتفاق وقف اطلاق النار برعاية دولة تشاد المجاورة للسودان للسعي نحو السلام بإشراف ورقابة قوات الأمم المتحدة...

مع بزوغ شمس يوم 15 ابريل انتفض الشعب السوداني على دوي الانفجارات والاشتباك المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع التي أسسها الرئيس السابق عمر البشير عام 2013 بقيادة العقيد محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي" الذي استطاع أن يجنى ثروة كبيرة من تجارة الإبل في البلاد في التسعينيات من القرن الماضي، الأمر الذي دفع البشير إلى تقريبه، وخاصة أنه كان يقود مليشيات كبيرة لحماية القوافل التجارية وسيطرته على عدد من مناجم الذهب في دارفور، مما دفع البشير إلى منح العقيد حميدتي امتيازات كبيرة، فمنذ تأسيس قوات الدعم السريع كان للجيش تحفظاته ورفع هذه التحفظات للرئيس السابق عمر البشير الذي قرر تكوين قوات مساندة لتقوم بواجبات أمنية وعسكرية محددة في إطار أسلوب الحرب الخفيفة لمواجهة حركات التمرد بغربي السودان في دارفور وجنوب كردفان، وكانت تحفظات الجيش حول طبيعة هذه القوات وانضباطها وانغماس أفرادها في الصراعات المحلية خاصة القبلية. ونتيجة لتحفظات الجيش لهذه القوات الجديدة المساندة له، أصدر البشير قرارا بإلحاق هذه القوات لإدارة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات، ثم صدر قانون خاص بهذه القوات في 2017، وصار للدعم السريع كيان خاص به رغم تبعيته في القانون كفصيل للقوات المسلحة، لكنه يأتمر فقط بأمر القائد الأعلى للجيش وهو الرئيس البشير، وألحقوا بمكتبه. لكن تحفظات الجيش وخلافاته ظلت قائمة، فارتفع عدد الميليشيات التي يقودها والتي تقدر حالياً بنحو 100 ألف عنصر، مع تمتيعه بصلاحيات لا تُمنح إلا للجيش، قبل أن يطلق تسمية "قوات الدعم السريع" على المليشيات التابعة له التي ينحدر معظم عناصرها من قبائل دارفور، مع تزويدها بالأسلحة الخفيفة وسيارات الدفع الرباعي، للقضاء على حركات التمرد في إقليم دارفور وجنوب كردفان وولاية النيل الأزرق، قبل أن تنتقل تبعيتها للقوات المسلحة بموجب قانون 2017.

يعود تاريخ الخلافات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني لعدة سنوات مضت، مع الحديث عن دمج تلك القوات تحت مظلة الجيش، والذي رفضه حميدتي متذرعاً بأن الحديث عن الاندماح في الجيش يمكن أن يفكك البلاد ويوسع الهوة بين شمال السودان وغربها إلا أن تصاعد الخلاف بين المكونين مع قرار البرهان بحل مجلس السيادة الانتقالي بقيادة حمدوك، فتجلى الخلاف بعد خطاب البرهان في الرابع من تموز عام 2022 الذي التزم فيه بخروج المؤسسة العسكرية من السياسة، ومن الجدير بالذكر لم تكن طموحات الدعم السريع هو الخروج المتعجل من العملية السياسية والاندماج سريعا في الجيش، فاختار قائد الدعم السريع التحالف مع تحالف الحرية والتغيير-المجلس المركزي، وهو التحالف المدني المؤيد لغرب السودان / إقليم دارفور، وتدعمه الإمارات العربية المتحدة، ولهذا التحالف أهدافه كإعادة هيكلة الجيش وفق الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه بين المكونين نهاية عام 2022، ولذلك تباعدت الخطى بينه وبين الجيش واتسعت الفجوة لتدخلات الدعم السريع في شؤون القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى، وظهر للعلن الخلاف الذي ظل مكتوما لسنوات، بسبب عدم التوصل إلى اتفاق لدمج قوات الدعم السريع التي يبلغ عددها أكثر من 100 ألف عنصر في الجيش السوداني، إضافة إلى الخلاف حول الاستقرار على الشخصية التي سيتقلد منصب القائد العام للجيش خلال فترة الاندماج التي ستمتد عدة سنوات، فهاجمت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، مقرات ووحدات الجيش السوداني مما أذن ببدء شارة الحرب بين الطرفين على عدة جبهات مختلفة في البلاد، كمطار مروي العسكري والسيطرة على مقر القيادة العامة للجيش السوداني.

نتيجة لهذا الخلاف المتجذر بين المكونين ولموقع السودان الاستراتيجي المتميز وثروتها بالموارد الطبيعية المتمثلة بالمياه والأراضي الزراعية الخصبة والثروة الحيوانية ومناجم الذهب الضخمة والبترول والغاز الطبيعي أضحت السودان ساحة خصبة للصراع الدولي والتنافس للهيمنة والسيطرة على تلك البقعة في افريقيا، في الوقت الذي أصبح فيه أمن واستقرار الشعب السوداني على المحك، وبلا شك ان هناك بعض الأطراف العربية تدعم قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي بالوكالة عن بعض الدول العظمى كونه المسيطر على مناجم الذهب الضخمة وحدود السودان البرية والبحرية.....

للأسف اليوم نشهد نزيف وألم يعيشه السودان الشقيق سلة غذاء العالم العربي كما سوريا واليمن والعراق بسبب الغطرسة والأطماع الغربية لإفراز الشرق الأوسط الجديد...

حمى الله السودان الشقيق وأهلها من الفتن...

علي سليمان حديثات / خبير عسكري وأمني





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :