facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأمير الشاب .. أفراح ديرتنا الأردنية


طارق الدهيسات
07-05-2023 07:52 AM

كان الثامن والعشرون من حزيران سنة 1994 خميسا صيفيا عاديا الى أن استقبل الأردنيون خبر ميلاد الحسين الحفيد، ولعل صورته بين يدي جده الراحل الكبير والبشاشة والسرور تغمران وجهه قد رُسِّخَت في أرشيف وسردية الأردن الخالدة، كنت حينها في مرحلة انتقالية للصف التاسع، لا شك أن اقصى هموم ابناء جيلي في أيامنا لم تتعدَ معضلة الإختيار بين مساقَيْ العلمي والأدبي في الوقت الذي كان الملك الحسين طيّب الله ثراه يَعبُرُ فينا من خلال حقبة ازدحمت بسلسلة متتابعة من الأزمات الإقليمية والتحديات الوجودية لِيرسو بسفينة الأردن على شاطئ من السلام والاستقرار مؤكدا بذلك على ملامح الهوية الأردنية ذات الرسالة الجامعة والتي نادت عبر تعاقب الحضارات على أرضه لِتَغليب لغة التَحَضُّر وصون كرامة الإنسان... وسِراعاً، مرت السنوات، حتى شهِدْتُ ومعي المليارات على طول الأرض وعرضها وداع المغفور له الملك الحسين في أواخر التسعينيات، وفي بثٍ حيّ راقب العالم أجمع اعتلاء الملك عبدالله الثاني سدّة العرش حاملا للراية الهاشمية ومواصلاً للمسيرة المباركة في مشهد مهيب لانتقال السلطات ليس له نضير...

كان الحسين الأمير يكبر في ردهات القصر الهاشمي ويبدو أن المسؤولية هي الأخرى كانت تكبر معه، وكما بالأمس خاطب الراحل الكبير شعبه أن "قد وهبت عبدالله للاردن" ،ففي الثاني من تموز لعام ٢٠٠٩ يهب الأب ابنه للأردن وليا للعهد في رحلة الحاملين من الامانة ثقلها لا مصعرين ولا اصاغر ميلا، في كتابه "فرصتنا الأخيرة" الصادر سنة 2011 يعلق جلالة الملك على ذلك الحدث واصفا اياه بالقرار الصعب وذلك لما سيترتب عليه من ثقل المسؤولية التي سَتُلقى على كاهل الأمير، ولكنه يستطرد موضِّحا "في النهاية رأيت من الأفضل للبلاد، وكذلك لابني، أن يكون واضحاً للجميع كيف يبدو لي مستقبل المملكة الأردنية الهاشمية."

إزداد معدنه الهاشمي بريقا ما إن تسلم الأمير مهامه الجديدة، وذلك بدا جليا حين رأيناه حاضرا جنبا إلى جنب مؤازرا ومرافقا لجلالة الملك في كل المحافل محلية كانت او دولية، كانت نظرات الملك نحوه تخبر الكثير عن غِبطة الوالد بولده حين يرى فيه امتدادا جميلا لرسالة الآباء والأجداد، لم تكن أولى تلك النظرات حين وقف الأمير مندوبا عنه ملقيا كلمة الأردن أمام الجمعية العامة  للأمم المتحدة في العام ٢٠١٧ ولن تكون آخرها في اجتماعهم مع الأهل في جرش قبل أيام، ففي سياق حديثه عن اهمية التنمية الزراعية والسياحية في المحافظة أشار جلالته إلى يمينه مؤكدا على مكانة وأولوية ملف التنمية الشاملة والمستدامة لجميع محافظات المملكة عند ولي عهده الأمين قائلا " أنا بعرف انه حسين كمان مهتم جدا بالنسبة لجرش"..

وبالعودة الى أيار من العام 2015  كان الأمير ممثلا للمملكة في أروقة مجلس الأمن الدولي، ناقلا عبر كلمته خطاب الأردن الداعي إلى نبذ العنف والتطرف والتصدي لكل مظاهر الإرهاب في العالم. وفي محور آخر من خطابه أكد سُموُّه على تغيير مفهوم مغلوط عن فئة الشباب وذلك أن "فئة الشباب عبر العالم ليست مهمشة بقدر ما هي شريحة مستهدفة"، وواجب على المجتمع الدولي قطع الطريق على من وصفهم ب" دعاة التطرف أعداء الإنسانية والحياة" قبل النفوذ الى عقول شبابنا، لم يقف الأمير عند تشخيص المعضلة، فضمّن طرحه المتوازن مجموعة من الحلول كان أبرزها مخاطبة تلك الشرائح بلغة جيلهم التي يفهمونها، وللإجابة على 'كيف نفعل؟' أشار الى أنهم الفئة الأكثر تواجدا واستخداما لمنصات الشبكة العنكبوتية، فهنالك تحديدا تتمثل ساحة المعركة الحقيقية لنشر الوعي ونور المعرفة ودحر قوى التجهيل والظلام.

إن الحديث في أبرز ملامح و فلسفة الأمير الشاب ليطول، وإني ومن صميم اختصاصي في الترجمة وتحليل الخطاب الناقد " Translation Studies and Critical Discourse Analysis " قد باشرت في الاستفاضة اكثر وتسليط الضوء على الجوانب الفنية والإشارات اللغوية ذات الدلالة لخطابات ولي العهد المحلية والدولية، فعملية اختيار مصطلح دون غيره وتكراراته ومن ثمّ تقديمه أو تأخيره في سياقات الخطاب لكُلٍ منها دورٌ في استنباط ما بين السطور من رسائل تستدعي الوقوف عليها والتبصُّر فيها، راجيا في تحقيق ذلك أن تكون مساهمة بسيطة في توثيق الفكر الذي يمثِّلني وكل منصف في هذا البلد الطيب...

أسابيع قليلة تفصلنا عن زفاف أميرنا الوسيم ذو التسع وعشرين ربيعا والدعوة عامة لملايين الأردنيين أمهات وآباء وأخوة وأخوات العريس للإحتفال والتمام على خير يا رب..

اعتادت الأسرة الأردنية وبكل أطياف ثقافتها في مستهل أفراحها على تجاوز ونبذ كل ما قد يُشغلها عن استشعار روح اللّحظة، فترى الأحاديث قد تحولت من ساحات السياسة المظلمة وصالات الإقتصاد الصاخبة الى الزينة والألق والحياة، تعلو الابتسامة وتصير عنوان الوجوه، فلا وجود للتجهم ولا مكان للجِد، فهذا يوم ليس كسائر الأيام،، لعلنا لا نبالغ في أيامنا التي نعايشها اذا شبَّهنا هذه المناسبات بواحات تُظَلِّلنا في أكنافها وتُهدينا من بارد شرابها ما يعيننا على المضي قُدُماً ويجدد فينا الأمل بأنْ ما زال على هذه البسيطة ما يستحق الفرح...

في بيوت الأردنيين تختلط المشاعر في يوم الزفاف، ففي الوقت الذي يُدَقِّقُ فيه الجميع على تفاصيل البذلة والورود وتناسق باقاتها، ينظر من هناك والِدَيْ العريس على شريطِ ذكرياتٍ تسارَعَتْ منذ لحظة الولادة الأولى مروراً بسنوات الطفولة وألوانها الساطعة إلى تغَيُّر نبَرات الصوت وصولا لملامح الشباب والرجولة -كل ذلك يمر أمامهم في لحظات- .

في الأمس القريب شاركتنا الأسرة الهاشمية فرح زفاف سمو الأميرة إيمان، كان عرسا أردنيا بزغاريده وحِنَّاه، بألوانه وأثوابه وأزهار اللوز البيضاء، كان أقرب إلى مشهد من رواية رومانسية تحققت في نهاياتها كل الأماني الجميلة لأصحاب القلوب الصافية، ولكنه كسائر أعراس الأردن أيضا، اختُزِلَتْ قِصّتُه على مُحَيَّا الملك الوالد وفي دموع الملكة الأم.. يا لها من فرحةٍ لا ترقى الكلمات لوصفها فتفسح الطريق لتقاسيم وجْهِ وعَبَرَات الوالدَيْن لتنقلها من الروح إلى الروح..

اليوم، تتجهز عمّان القلب للبس زينتها والتباهي،، اليوم، تصدح في أرجائها مٌغَنّاةُ حيدر محمود بصوت نجاة " وازرع بالورد مداخلها باباً بابا" ويردد معها الراحل الجميل فارس عوض متغزلا "عمّان يا حلمٍ يجي بساعة هنا محروس بين عيوننا واهدابها"... ومن اطلالة جبل القلعة العالية يلقي عليها الراحل حبيب الزيودي تحية الصباح " ويا دارٍ بناها العز، لا هانت ولا هِنا... أهلها رجال فوق جبال، وبيها المجد يتغنى"...

ترافقنا ترانيم الوطن الخالدة، ونتجه بانظارنا نحو الأمير الشاب الحسين النابع من مدرسة الهاشميين.. في كل مرة يطل علينا بابتسامته المشرقة، وعفويته الأردنية، نزداد ثقتةً على ثقة بأن الله قد خصَّ هذا البلد بمن حرَصوا على صمود أركانه ومتانة نسيجه وتأصيل خطاب التسامح والرحمة فيه وكرامة الإنسان عبر الأجيال، أما المتصفح لمسيرة وخطى الأمير، فلا بد أن يستشرق في أولى ملامحها طاقات الشباب المتقدة والحث على بث روح الإيجابية والمبادرة والإبداع، كل ذلك يحاول أن يشق طريقه في زمان ومكان تحوّل في غضون سنوات الى عينٍ للعاصفة، عاصفةٍ جعلت من "البقاء" طموحا في بعض الأرجاء غير البعيدة..

أعود لما بدأت فيه مجددا، فهذا وقت للسرور وتبادل التهاني، ففي بيتنا الأردني فرح وعند أبناء العشيرة الواحدة عريس، فلنبارك لأنفسنا ونزف التهاني ودعوات الإزدهار إلى أركان القصر العامر في ظل عِمادِهِ وحامي حماه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والأسرة الهاشمية جمعاء، فاليبارك الله لهما وليجمع بينهما على الخير والمحبة دوما، اللهمّ آمين..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :