facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




زيارة ولي العهد إلى حرثا


يحيى القيسي
17-05-2023 11:48 PM

بالصدفة المحضة، وأنا على بعد 3500 كلم، وأتجول في حديقة بقرية شمال بريطانيا، اكتشفت زيارة ولي العهد الأمير الحسين إلى مسقط رأسي "حرثا" القرية التي تقع في أقصى شمال الأردن وما بعدها نهر اليرموك وسوريا، ولمحت بالصدفة أيضا خالتين لي شيخة العمري وخولة العمري يجلسن في أقصى اليمين مع بقية نساء القرية من العشيرة الأكبر هناك "العبيدات" وهن يحتفين بالأمير الشاب الذي سيتزوج نهاية هذا الشهر.

بالنسبة للقرية فإن هبوط طائرة هيلوكبتر وعلى متنها أمير مسألة لا تحدث كل يوم، بل مرت سنوات طويلة على آخر زيارة ملكية للقرية من قبل الملك الراحل الحسين، لا أذكرها في الحقيقة فربما جرت في منتصف الستينيات وأنا طفل صغير، لكن سمعت الكثير عنها.

الحاجة ترفة عبيدات التي لبى الأمير دعوتها وقبل "السلك المهدب" أي الحطة الحمراء التي وضعها على كتفيه، ليست خبيرة في السياسة، ولا في الدروس الوطنية الفاقعة، وليست معنية بالمصطلحات التي تطفو على الساحة هذه الأيام مثل التسحيج أو غيرها، فهي ومن حولها تنتمي إلى طائفة من النساء المناضلات الحقيقيات اللواتي أعدهن اليوم "ثروة وطنية" ساهمن في تربية الأبناء والقيام بالأمور الزراعية من الألف إلى الياء عدا عن رعاية البيت، وربما لن يجود الزمان بمثلهن في قادم الأيام، في عصر الترويج للذكاء الاصطناعي والروبوتات واقناع المجتمعات بأن العائلات ليست بالضرورة تتكون من ذكر وأنثى.

سأفترض أنّ أمي كان من الممكن لو مدّ الله لها بالعمر ستكون جالسة أيضاً هناك، فهل ثمة احتمالية لأن انتقد حضورها ومهاهاتها وزغاريدها وأفسد فرحتها العفوية على أساس أنني "مثقف عضوي"؟! كلا بالطبع، فالمحب لا ينتقد، والقرية التي احتفت بالأمير الشاب ستظل فترة طويلة تروي في مضافاتها ولقاءات أهاليها مثل هذا اليوم بكل تفاصيله الدقيقة.

في بريطانيا يمكن للمرء أن يرى الأمير ويليام أو أحد أفراد العائلة الملكية يتجول في الشوارع ويسلم على المارة، أو يزور بشكل عفوي معرضا فنياً أو يذهب مع أطفاله إلى الحدائق، ويمكن للصحافة أن توجه انتقادات لهذه العائلة دون أن تخرب مالطا، ودون أن يتم استدعاء المنتقد إلى شارع الشعب، بتهمة قدح المقامات العليا، أنا اتحدث هنا عن الانتقادات البناءة والمحترمة وليست الشتائم والاتهامات المجانية فهذه أمور لا يقبلها أي انسان، وليست تدل على موقف سياسي بل على سوء الأخلاق.

ما أود قوله في النهاية إن الزيارة كانت موفقة وعفوية إلى حد كبير ولا تحتمل الكثير من التأويل والتحليلات، ولو كنت مستشاراً للأمير لأكثرت من مثل هذه الزيارات، فثمة قرى كثيرة تحتاج إلى تواصل رأس الحكم بكل أفراده معها، فماذا يمنع لو تناول أحدهم الافطار يوماً في كثربا مثلاً، أو زار مزرعة في القليعات، أوتحدث إلى راع للأغنام في بادية المفرق، أو حضر الطابور الصباحي لمدرسة في مخيم البقعة، وشارك في قلع العدس أو حصاد القمح مع فلاحين في الرمثا..!

أمور بسيطة لكنها مؤثرة، وغير مكلفة أساساً فبالتواصل يكتشف المسؤول الأمور على حقيقتها، ويعرف إن كان شعبه يعاني حقاً أو يعيش في النعيم بناء على تقارير الجهات المعنية والمستشارين الاقتصاديين الذين يرون كل ما يلمع ذهبا، وينقلون الصورة المشرقة فقط. شخصياً عشت حياتي مستقلاً، لم أكن يوماً مناضلاً شرساً ولا حزبياً، ولا مع الدولة أيضاً بتلك الصورة الضيقة للانتماء، فقد نجوت من كل ما يمكن أن يقيد المرء، وقد خلقه الله حرّاً، لكني مع نشر قيم الخير والجمال والمحبة، وأحاول دوماً إشعال الشموع مهما اشتدت العتمة، وكثر المتشائمون، وأنتصر أيضا لتلك الزغاريد النابعة من القلب بحب غير مشروط، لتلك النساء الأصيلات، اللواتي لا يبحثن عن منصب وزاري، ولا صرة من المال، بل يتصرفن بشكل طبيعي، وأنا أعرف ذلك حقاً، لأني كما قلت لكم من قبل، قد تكون أمي هناك، وأعرف حقاً أنها لا تستطيع التمثيل أبداً، ولا تعنيها البروتوكولات، ولا يمكن لحليبها الذي أرضعتني إياه لثلاث سنوات أن يتحول إلى ماء..!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :