facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التهجير أو الترانسفير


اللواء محمد البدارين
09-11-2023 07:10 AM

لم يعد الامر ظنونا ولا فزّاعة، بل بات حركة عند الباب، انها قصة ذات فصول وفصول، غير أن ما هو مهم الان هو ضرورة التأكد من أن مستويات القرار الرسمي وغير الرسمي في الاردن، خالية من وكلاء مراكز الدراسات الاستشراقية، وبالتحديد فلاسفة العقد الاجتماعي الجديد والهوية المعوّمة، وكل المتأثرين بهذه الطروحات ومشتقاتها الصغيرة والمتناهية الصغر، فلا يجوز أن يبقى في مستويات القرار في هذه البلاد إلا المؤمنين ايمانا نهائيا، بحقيقة الوجود الاردني ترابا ونظاما وشعبا، والمستعدين للدفاع عنها، والمتحررين من كل مركبات الجهل والانتهازية والدونية، المتغطية بمظاهر استقوائية ادعائية، سريعة الانكشاف تحت الضغط.

ففي هذه الدولة المحفوفة بالمخاطر والمصابة بالاختلالات المعترف بها رسميا وعلى رأسها الاختلالات الاقتصادية، والتي يصرح أحد رؤساء حكوماتها منذ عشرين سنة أن اقتصادها في غرفة الإنعاش، هذه الدولة التي لا تزال تبحث عن مخارج اصلاحية في كل المجالات ، والتي يصرح فيها أيضا رئيس حكومة آخر أنه ضد الإصلاح لأن لا شيء يحتاج إلى إصلاح، يبدو ان لا احد يمكنه ان يكون جادا في النظر بتناقضات تصريحاتها الحكومية وهو يجمع كل البيانات، ليكتشف جملة من اللااتجاهات والارتجاليات والمنسوخات ( الكوبي بيستات ) التي لا تحفز على البحث الجاد ، وفي هذه المعلنات من منا لا يتذكر التصريح الرسمي المكرور بان قيام الدولة الفلسطينية المتصلة القابلة للحياة ، هي مصلحة اردنية عليا ، دون ان يسأل الوزير المختص نفسه، وهو يكرر التصريح كل يوم تقريبا، السؤال البسيط الكامن في تصريحه، وهو ماذا لو لم تتحقق هذه المصلحة الوطنية العليا ؟..

وبالرغم من كل ذلك ، وقبل ذلك وبعده ، فهذا هو الاردن ، ودولته هي المملكة الاردنية الهاشمية ، التي ما كانت لتبقى وتتقدم وتنجو من المحن ، الا بالتعب والجدية ، وبالدم كلما دعت الحاجة ، فالناس في هذه البلاد كانوا دائما هنا ، كانوا هنا قبل الأتراك وبعدهم ، وقبل الانجليز وبعدهم ، وقبل اسرائيل وسيظلون بعدها بالطبع ، فالصقر المتحفز للانقضاض الذي وجده قنصل بريطانيا في البلقاء عام 1855 ، تكاثرت سلالاته ولا تزال تتكاثر ، وفي ساعات الضيق ، لا تضيق المطارات إلا بالضائعين ، ويبقى في البلاد كل الذين يحبونها صباحا مساء ويوم الاحد.

وفي الحكومة ، يقولون ، نحن نجتهد فقد نصيب وقد نخطىء ، ظنا منهم ان هذه المسحة المأثوراتية تعفيهم من الأخطاء مهما تكاثرت ، لكننا لسنا بحاجة للتأكيد بأن السياسات والقرارات العمومية ليست عمليات تجريبية تحتمل الصواب والخطأ او الاختيار بالقرعة ، فذلك منطق يقع خارج السياسات العمومية وعمل الحكومات والإدارات والمؤسسات ، ولا مكان له الا في التجارب المخبرية على الفئران.

ويقولون ما يقولون، في معرض التبرير ، ويقارنون بدول المحيط ، للتخلص من كل مظاهر القصور ، وهذا تبرير يقدم دعوة مفتوحة للاستمرار في التقصير والإهمال واللامبالاة ، ذلك أنه لم تعد هناك دول حقيقية في المحيط للمقارنة معها ، وبمثل هذه المقارنة ، ستظل النتيجة مشرّفة فعلا بالتفوق على اللاأحد.

لا جديد ان يواجه الاردن التحديات والمخاطر ، لكن المخاطر الماثلة الان هي مخاطر التهجير بما تشكله من تهديدات وجودية على الأردن وفلسطين ، وهي مخاطر لم يتم التعامل معها بما تستحق من اهتمام طوال الوقت ، لا من قبل الجانب الأردني ولا من قبل الجانب الفلسطيني ، رغم مرور أربعين عاما على جلسات ما كان يسمى الحوار الأردني الفلسطيني الذي استمر سنوات طوال ، ورغم التنسيق المستمر بين السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية لاحقا ، ورغم ما تتيحه معاهدة السلام مع إسرائيل من امكانيات دبلوماسية للاعتراض والضغط.

نحن حاليا أمام حالة هيجان استيطاني شديدة التطرف في الضفة الغربية المحتلة، ومن المعروف ان عمليات الاستيطان و الاحلال والتبديل ، حدثت سابقا وهي قابلة للحدوث من جديد ، وحركة الاستيطان اصلا جاءت الينا مع المهاجرين الصهاينة الأوروبيين ، وهي حركة بالأساس ابتدعتها الحضارة الغربية في عصرها الاستعماري الذي لم ينته حتى الآن ، حيث حققت نجاحات كاسحة في امريكا واستراليا ونيوزيلندا وجنوب افريقيا ، وتحاول استكمال نجاحها في فلسطين ، سواء بواسطة القوة المسلحة ، او باي شكل اخر من اشكال القوة ، لقد حل المهاجرون دائما محل السكان الأصليين ، الذين تم قتلهم او ازاحتهم أو استعبادهم ، وفي وقت لاحق جرت إعادة تدويرهم ، لاستغلالهم في مجالات العمل الدنيا والسياحة والفن والرياضة ، واحيانا في التجارب العلمية في حقول علم الاجناس والانثروبولوجيا ، ومن الضروري فهم كل ما يعنيه نتنياهو حين يقول بان حربه في غزة هي حرب العالم المتحضر ضد البرابرة ، انها الصورة المرسومة مسبقا للعدو لتبرير ابادته.

ولم يكن ظهور مفاهيم العولمة والقرية الكونية ، الا فائضا من الهيمنة الاستعمارية ، وكان هذا الفائض يفتح كل الحدود وبصورة مرغوبة من قبل المجتمعات المستهدفة في كثير من الاحيان ، ولولا اختلالات في بنية النظام الراسمالي نفسه عام 2008 ، لكان النجاح شاملا على المستوى الكوني ، لكن هذه الاختلالات هي التي تسببت في إرباك النظام وحفزت كوابحه ومقاومته ، وكشفت عن عيوبه الأخلاقية واحتياجاته الاستغلالية التي لا يمكن اشباعها ، وهي احتياجات لا تنتهي ، ولا تترك اية مساحات لبقاء الاخرين الا على شكل هوامش خدماتية واستهلاكية مسيّرة.

بالتاكيد، كان العامل الفلسطيني في السياسات الاردنية حساسا ومعقدا طوال الوقت بسبب مجرياته التاريخية المعروفة، لكن هذا الوضع المعقد لا يحل بمزيد من التأجيل، وهو تأجيل بني على مواعيد أوسلو التي انتهت في القرن الماضي.

وحين نصل الى اللحظة الراهنة للأمور، فإننا بحاجة أن نعيد قراءة خطابات وتصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني خلال السنوات الماضية ، وأن نتذكر التمرين العسكري للقوات المسلحة الاردنية ( سيوف الكرامة ) ، وسنجد ايضا شرحا يقدمه المرحوم معروف البخيت في مقاله (فرضية نهاية حل الدولتين) المنشور عام 2020 ، ففي كل هذه المعطيات ما يجعلنا متيقنين بأن الاردن مستعد للدفاع عن مصالحه الوطنية، وفي هذه الاحوال فان على كل المشتبه بهم أن يخرجوا من بين الصفوف.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :