facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نظرية المؤامرة والكراهية عند الأنسان: من الطاعون إلى كورونا


عبدالله ابوعلي
19-12-2023 07:19 AM

في سنة 1347م في فترة القرون الوسطى وخلال حصار جيوش المغول مدينة كافا وجد القائد الماغولي جان بيك خان التعب الشديد على الجنود و أعراض غريبة تظهر عليهم مثل الدمامل الكبيرة التي يتحول لونها إلى اللون الأسود وغيرها من الأعراض وبعد فترة قصيرة جداً يموت الجنود !! علم القائد المغولي بأن المرض معدي فقام بقذف الجنود الموتى على مدينة كافا حتى يتم نقل المرض إليهم وموتهم تحت الحصار بما يعرف في أول حرب بيولوجية في التاريخ و المتوج باللقب الأول هو " الطاعون الأسود ".

اجتاح الطاهون العالم بشكل مدمرٌ غير مسبوق ألقى بظلاله المظلمة على حضارات كثيرة وأثر بشكل كبير في مسار التاريخ وكانت ذروته في منتصف القرن الرابع عشر حيث أودى بحياة ملايين البشر وشكل تحديًا هائلاً للبشرية.

بدأ الطاعون الأسود في وسط آسيا وانتشر بسرعة هائلة عبر خطوط التجارة والرحلات البحرية ويصيب المدن والقرى التي لم تكن مستعدة لمواجهة هذا الوباء الفتاك كانت الأعراض قاسية وسريعة مع ظهور بثور سوداء تحمل الموت في كل مكان.

تأثيرات الطاعون الأسود لم يقتصر على الجوانب الصحية فقط بل تجاوزت ذلك إلى النواحي الاقتصادية والاجتماعية و إنهارت الأسواق وتوقفت عجلة الإنتاج مما أدى إلى انهيار اقتصادي كبير، كما تغيرت القيم المجتمعية وتراجعت الثقة في المؤسسات.

البشر حتى هذه اللحظة لم يكن هناك من يوجهون له أصابع الأتهام و بدأ الأوروبيون بالتحدث عن نظرية المؤامرة ومن هنا يتم إتهام الأقليات في أوروبا أنهم هم السبب في إنتشار الوباء و قتل الملايين من البشر مثل الأقليات اليهودية و الغجر والرومان وعلى هذا تم قتل الألاف منهم في ألمانيا و من نجى منهم هاجر إلى روسيا و بولندا.
كل الحلول الأوروبية كانت تزيد من إنتشار الوباء بشكل أكبر لأنه في هذا التوقيت من الزمن لم تكن البكتيريا مكتشفة و لا يعلمون كيف تنتقل العدوى ، في نهاية القرن التاسع عشر كان العالم يعيش مع الموجة الثالثة من الوباء وتم إكتشاف البكتيريا سنة 1894 وتم حل اللغز .

الطاعون كان عبارة عن كارثة هاجم الأنسان في زمن كان يمتلك من العلم الشيء القليل و إرتباك ليس له حدود، فأصبح الأنسان كتلة من العجز و الجهل جعل البشر لمدة " خمسة قرون " يهربون من الطاعون الذي يحصد الأرواح دون رحمة وهذا الهروب و الخوف أدى إلى إرتكابهم العديد من المذابح و الجرائم بحق أشخاص أبرياء كانوا هم الواجهة الوحيدة لتحقيق نظرية المؤامرة وإتهامهم أنهم السبب في كل ما يحدث، إن هذا الأنسان هو أخطر الكائنات على الأرض .

بعد سبع قرون من مأساة الطاعون كانت البشرية المسلحة بالعلم و التطور التكنولوجي الكبير أمام مواجهة وباء جديد وهو جائحة كورونا بدأ في ديسمبر ٢٠١٩ وتم أكتشاف تسلسل المرض في يناير ٢٠٢٠ وبعد عام واحد فقط من إنتشار الوباء تم إكتشاف أول لقاح فعال في ديسمبر ٢٠٢٠ وتطور العلم أدى إلى إختصار ٧ قرون من الطاعون لسنة واحدة من الكورونا .

ولكن رغم كل هذا العلم و التطور العجيب ما زالت الكراهية و نظرية المؤامرة لدى الأنسان لم تختلف بين كل هذه الأجيال فالعديد من الأجيال الحالية ما زالت على نهج أجدادها المعاصرين للطاعون فمثل ما تمت الجرائم ضد الأقليات في القرون الغابرة في أوروبا تمت جرائم ضد الأسيوين في أمريكا من قتل و حرق وتحميلهم المسؤولية في نشر الوباء في كل العالم، ومثل ما نتقل الأوروبيين بين المدن ونقل الأخبار عن الطاعون و المؤامرة، فإن السوشيال ميديا هي السبب الرئيسي في نشر نظريات المؤامرة عن الكورونا والتي للأسف إتبعها العديد من البشر .

المشكلة ليست في العلم و إنما في الأنسان بذاته ، معركة الأنسان مع نفسه هي المحرك التي ينتج عنه ما لا يتوقعه من خوف أو مواجهة، الكراهية ما هي إلا محرك الشر في الأرض و تفريغ غضبك على الأبرياء لن يزيد إلا من عدد القتلى ، مثل ما يفعل الأحتلال الاسرائيلي الأن في غزة فالأحتلال مثل الطاعون الذي يحصد ألأرواح دون رحمة وإذ تنظر للعالم في هذه اللحظات تعتقد أنك تعيش في القرون الوسطى .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :