رثاء الأخت

في الذكرى الأربعين لوفاة الأخت

فريال الدهون

تتزاحم مفردات الأسى والمرارة، لحظة أنْ يتذكر الكاتبُ أختاً، ودّعت الدّنيا بسرطان، قد تكالب على جسدها الغضّ، كما تتكالب الأكلة على قصعتها، وردة في الثانية والعشرينَ من ربيع عمرها، ذبلت وهي تلهج بوحدانيّة الله، وتقرّ بالرسالة المحمّديّة رسوخاً وثبوتاً.

كلما بحثت في الماضي القريب، وجدت طالبة علمٍ تخرّجت في جامعة اليرموك، بنت آمالاً عظيمة، وشغلت طموحات عديدة، ونظرت لمرحلة ثانية من الدّرس والبحث الجادّين، لكن يد المرض أوقفتها وسط جسر الحياة، وجعلتها تنتظر فراق الوجود البشري، وأرض الإنسانيّة، إلى عالم فيه السّر الإلهي، والإبداع الرّباني.

أختاه،لا أخلدك بهذه الكلمات فحسب، بل هي إخوة إنسانيّة أولاً، وصلة رحم ثانياً، تململت بين ثنايا نفس حزينة، نفس طافحة بمشاعر الفقد واللوعة على غيابك.

أختاه، كم تمنيت أن أودّعك بكلمات صادقة، ولمسات دافئة عند رحيلك، عن هذه الدّنيا، بيد أنّ الغربة حالت دون ذلك، وغدت فاصلاً من التقارب والتواصل المؤثرين.

أختاه، إنَّ إحساسنا بالفقد والحزن لحظة نبأ وفاتك، لا يقف عند حد معين، أو زمن مقيد، وإنّما كان أكبر من ذلك، فالقلم تنحى عن الكتابة، والعين جفت دموعها؛ لأنّها صُعقت بالخبر الفاجع، لكنّ إيمان النّفس بالله، ومعرفتها الأكيدة بأحقية الموت على كلّ نفس، قادها إلى احتساب الأمر عند الله عزّ وجلّ الذي لا تضيع ودائعه.

أختاه، مهما رقمَ اليراعُ، وامتلأ القرطاسُ، يظلّ الألمُ موجوداً، والفراغُ صارخاً؛ لأنكِ تركتِ هوة واسعة في ذاتي، ورسمت لوحة مؤلمة بقلبي.

أختاه، بوركَ قبركِ، وأسكنك الخالق عزّ وجلّ فسيح جنانه، وجمعك مع الأبرار والمخلصين من عباده.

أخوك الدكتور إبراهيم الدهون

ibrahimdhoon@yahoo.com