facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




احزاب اللحظة الراهنة .. وجدلية المستقبل الموعود


فيصل تايه
13-01-2024 10:54 PM

في صورة لطالما تابعنا مجرياتها، بعض الاحزاب "الناشئة" والتي بدأت على نحو تصاعدي وتخفِّت بأقنعة شعبويّة وراء إيقاعٍ رتيبٍ لبرامجها، أصابتها حالة من التشظى والانشقاق وأنقسمت على نفسهِا بأجنحة وتفرعات متباينة متباعدة المسافات؛ ذلك وفقاً للتباعد الحاصل في قلوب قادتها وتفكيرهم وأجنداتهم ومصالحهم، في حين أن البعض منها بقي صاحب "الأغلبية" الشعبوية وتموضع بثقل قيادي متذبذب في توجهه وانتمائه ، محتفظاً بكم عددي متأرجح من المنتسبين ، ومنها ايضاً ما انصهر مع احزاب "مغمورة" ناشئة ليجد لنفسه مقعداً متقدماً سعيا للشهرة والجاه والمنصب .

اننا ونحن نمر في مرحلة مهمة من تاريخ بلدنا ، وفقاً للظروف الإقليمية والدولية ، والتي تتطلب مواقف وطنية ثابتة وواضحة ، نرى بعضاً من الاحزاب تمر بمنعطف حاسم في تاريخها التنظيمي ، فهي اضافة انها غاطسة في أزمةٍ قياديةٍ داخلية ، فانها باتت تقف أمام مفترق طرق من حيث خياراتها الاستراتيجية ذات العلاقة بهويتها ودورها الوطني ، وعدم استطاعتها تدارك ما اصابها من انقسامات وتصدعات داخلية ، اضافة لعدم قدرتها اتخاذ خطوات ايجابية لتظفر بمساحة على خارطة الوطن ، فكل فرد من قادتها منشغل "بالظهور والتباهي" ينظر إلى نفسه أنه هو الأولى بقيادة الحزب للمرحلة القادمة ، وأنه "الكل في الكل" ، وهذا نتيجة للتعبئة الداخلية الخاطئة ، والتي تلعب دورا سلبيا في تنامي "الشعور بالحذر " من طرف ضد الآخر .

في حين أن المتتبع للحالة العامة لتلك الاحزاب يجد انها تعيش أزمة وعي ، فهي لا تمتلك خبرة كافيه في العمل التنظيمي ، اذ تنطلق ادبياتها من لغة كلاسيكية وشعارات دعائية مصلحية متمثلة بتقديم الذات ، وتراهن على مناخ الاستقطاب وجاذبية المُزايدة ، فلا وضوح لرؤية مستقبلية واضحة لعملها الوطني سوى التحشيد والتهيؤ والاستعداد للانتخابات البرلمانية القادمة ، وكانها وجدت لتجاوز هذه المرحلة وحمل قادتها الى كرسي النيابة باي ثمن ، ما ادى الى تراجع دوراها ومكانتها على المستوى المحلي ، وخلق صراعات بين قياداتها لتصل فيما بينها مستوى "أزمة ثقة" ، واتسع الشرخ ، فباتت تخشى من ان ذلك أوسع من القدرة على المعالجة ، بعكس الاحزاب العتيدة صاحبة الاتجاهات الفكرية السياسية التي تحمل ايديولوجية فكرية وسياسية وتنظيمية ومفاهيمية اجتماعية .

انا "شخصيا" أُلخص أزمة تلك الاحزاب في هذه المرحلة إلى مشكلة "الشتات النفسي" بين قيادات الحزب الواحد من جهة وبين اعضائها من جهة أخرى ، والتي تحولت إلى تفرعات " كلٌ يغني على ليلاه" فكل منهم يعمل على أن يتصدر المشهد للمرحلة القادمة دون مراعاة للوائح وأنظمة الحزب الداخلية التي بني الحزب على اساسها ، وبذلك فان هذا "البعد النفسي" ظهر جليا من خلال الاعتماد على الفزعات الشعبوية ، والتي قادت الى انتسابات عشوائية كبيرة للاعضاء بحكم "الكسب" القبلي او العشائري والمعارفي والشللي ، ذلك بامتلاك أدوات تحمل تصورات مزعومة قد تقود الى تصدر للمشهد القادم كما تعتقد .

ان تلك الأحزاب ، وان بقيت على هذا التشتت والضياع في ظل غياب الروح القيادية "الجماعية " وابتعادها في عملها عن أسس وبرامج الحزب الداخلية ، فستظل هائمة في زحمة الفوضى التي "وضعت نفسها بها" ، ذلك انها لم تتخذ من العمل الحزبي الجماعي "نهجاً" ، ولم تأخذ درسا من تجربة الكثير من الاحزاب التي تصدرت المشهد في بعض بلدان الجوار العربي ، والتي لم ينازعها احد صيتا وقوة ودعما ، لكنها استمدت قوتها من قوة "فرد" ، لذلك رأينا كيف كان سقوطها سريعا ولفظت أنفاسها الأخيرة بوقت غير متوقع .

ملخص القول ان مشكلة "الأزمات الداخلية" التي تتصاعد حاليا داخل أروقة بعض من الاحزاب "الصورية" التي تقدمت "كديكور" سياسي أمام الرأي المحلي من اجل الوصول الى "البرلمان" ، انها ولدت دون ايدولوجية فكرية واستراتيجية عمل واضحة ، وليس لديها رصيدٌ وافر من التاريخ والتنظيم والنضج ، فهي احزاب ضعيفة وهشة ، وسرعة تلاشيها من الواقع السياسي واضحة لارتباطها بأشخاص وليس بإستراتيجيات أو أهداف حزبية ، لذلك فنحن نحتاج الى احزاب تمتلك الكثير من مقومات البقاء ، احزاب ترتقي بوعي سياسي وشعبي إلى القادم في مستقبل الأردن ، والذي سيكون مرهونا بخيارات الشعب وكما اراده جلالة الملك ، مع التأكيد لقادة تلك الاحزاب أن قاموس العمل السياسي في الأردن متسع ، فالكل يتطلع أن يكون الجميع شركاء في صناعة المستقبل المشرق للاردن الجديد ، خاصة ونحن مقبلون على استحقاق وطني فما نأمله من القيادات العليا لهذه الاحزاب إزاحة الترسبات التي علقت بجسمها ، وفتح صفحة جديدة ، وعقد تحالفات سياسية جادة بعيدا عن ممارسات الإقصاء والتسلط .

مما سبق ، فاننا كاردنيين نمتلك من الوعي ما يمكننا ان نقرأ الفاتحةَ على روح اية احزاب تحمل سرديَّات "تقليدية" ، وسنضع الورود على مراقد البعض الآخر من الأحزاب الهشَّة؛ التي ما زالت تعجز عن الحشد، وتخفق أن تكون رقمًا فى المنافسة بين مختلف الاحزاب والقوى السياسية، على قاعدة الاشتباك الايجابي مع المواطنين والاتّصال المباشر بالقواعد، ويكون لها أثرٌ مُباشر على البيئة المدنيّة بكاملها بواقعية وديناميكية، لتتحسَّن قدراتها بتراكُم الخبرة، وليس بالشعارات وتقطيع المراحل وإدمان البداية من الصفر، وتلافي الخروج من المشهد قبل بدايته، على شرط انتزاع المكاسب بالمُثابرة والتراكُم واحترام الجمهور، وليس بتضليله بالشعارات البراقة، ولا توريطه فى مشاعر ساذجة أو نزوةٍ طائشة.

الله ولي التوفيق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :