facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السياسة المالية لعام 2024


يوسف منصور
23-01-2024 12:55 PM

وفقا لمنشور حديث للبنك الدولي، من المتوقع أن ينخفض النمو العالمي من 2.6% في عام 2023 إلى 2.4% في عام 2024. ومن المتوقع أيضا أن تنمو الاقتصادات النامية بنسبة 3.9% فقط، بينما ينبغي أن تنمو البلدان المنخفضة الدخل بنسبة 5.5%. وبالمقارنة من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأردني بنسبة 2.6 في المائة بالقيمة الحقيقية، وأن يصل معدل التضخم إلى 2.5 في المائة، مما يجعل معدل النمو الاسمي 5.1 في المائة. ومع ذلك، فإن العدوان الاسرائيلي على غزة قد يؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي في الأردن إلى 2 في المائة. مع هذه المعطيات، إذا كان للنمو أن يرتفع إلى مستوى أعلى من هذا المعدل الكئيب لابد من تجنب نصيحة صندوق النقد الدولي التي تتمثل أساساً في خفض الإنفاق الحكومي.

كثيراً ما تتبنى الحكومات في البلدان النامية سياسات مالية مسايرة للدورة الاقتصادية تبالغ في تضخيم فترات الذروة والانخفاض. في عموم الأمر، في الأوقات الجيدة، تميل السياسة المالية المسايرة للدورة الاقتصادية (زيادة الإنفاق أو انخفاض معدلات الضرائب) إلى فرط نشاط الاقتصاد؛ أي أنه يسبب ضغوطاً تضخمية، خاصة عندما يكون الاقتصاد عند طاقته الاستيعابية أو قريباً منها.

وفي الأوقات العصيبة، تؤدي سياسة مسايرة الدورة الاقتصادية إلى تعميق الركود من خلال انخفاض الطلب الكلي والذي يمثل الانفاق الحكومي جزء هام منه، وبالتالي تفاقم الإنتاج وزيادة البطالة. ومن المفهوم أن مسايرة التقلبات الدورية أقوى بنسبة 30 في المائة وأكثر تفجرا بنسبة 40 في المائة في البلدان النامية المصدرة للسلع الأساسية مقارنة بالاقتصادات النامية الأخرى.

ورغم سوء هذه السياسة، يواصل الأردن تبنيها. أحد التفسيرات هو أن الاقتصاد الأردني هو اقتصاد ريعي أو شبه ريعي لأنه غدا على مر السنين واحدا من أعلى الدول المتلقية للمساعدات من حيث نصيب الفرد في العالم، ليصبح معتمدا على المساعدات الخارجية والقروض الميسرة وغير الميسرة.

أحد التفسيرات المحتملة لتبني مثل هذه السياسة الخاطئة هو النزعة الريعية، حيث تشتري الحكومات ولاء مجموعات المصالح أو الأفراد من خلال الإيجارات الاقتصادية. فالبلدان التي تبيع الخامات والمواد الأساسية كالأخشاب والنفط هي، بحكم تعريفها، ريعية أيضا. وفي تلك البلدان، تتدفق الإيجارات من أعلى الهرم الاقتصادي إلى أسفله، وهو ما يؤدي إلى عرقلة التقلبات الدورية للاقتصاد وإبطاء عملية تحول الاقتصاد من اقتصاد بسيط أو بدائي في البداية إلى اقتصاد أكثر تقدماً وتنافسية وتطوراً.

وفي حين ترتبط السياسات المالية المسايرة للدورة الاقتصادية بالبلدان المصدرة للسلع الأساسية، فإن صادرات الأردن من السلع الأساسية بالكاد تؤهلها لأن تتبع سياسة مسايرة الدورة الاقتصادية حيث أن وارد هذه الصادرات قليل جدا بالمقارنة مع دخولات الدول النفطية. ومع ذلك، يواصل الأردن تبني سياسة المسايرة للدورة الاقتصادية.

أحد التفسيرات هو أن الاقتصاد الأردني هو اقتصاد ريعي أو شبه ريعي لأنه، على مر السنين، كان واحدا من أعلى الدول المتلقية للمساعدات من حيث نصيب الفرد في العالم، وأصبح بعد ذلك، على مر السنين، معتمدا على المساعدات. وفي أغلب الأحيان، لا تعتمد المساعدات على أسعار السلع الأساسية العالمية، بل على العلاقات السياسية. ومن ثم، فإن الحفاظ على الوضع الراهن جزء لا يتجزأ من المشهد الاقتصادي، والذي يمكن وصفه على أفضل وجه بأنه يهدف إلى الحفاظ على الوضع الراهن.

ومع ذلك فإن الحفاظ على الوضع الراهن (سياسة مالية مسايرة للدورة الاقتصادية) له ثمن. الحكومة، أي حكومة في هذه الحالة، في مثل هذه الحالة، لا داعي للقلق بشأن النمو الاقتصادي لأن المساعدات يمكن أن تعوض عن النقص والعجز. وكل ما هو مطلوب هو استمرار المساعدات أو المزيد من المساعدات. ولكن هذا في حد ذاته يعتبر توجه قصير الأجل، لأن المساعدات عادة ما تصبح ضحية لاقتصاد عالمي معقّد حيث تحول السياسة ولاءاتها وتحول الصديق إلى عدو، مما يترك الاقتصاد المعتمد على المساعدات تحت رحمة بلدان واقتصادات أخرى.

علاوة على ذلك، يأتي الحفاظ على الوضع الراهن على حساب عدم استهداف الإنتاجية (المعدل الذي تنتج به الدولة السلع أو الخدمات)، والتي تنشأ عادة من الإبداع والإبداع. وتعاني مثل هذه الدول من عدم المرونة المالية حيث تصبح ميزانياتها المدعومة بالمساعدات غير كافية لإرضاء السكان الريعيين.

ومع ذلك، لا يجوز للحكومة الأردنية أن تقف مكتوفة الأيدي بينما يتفاقم تدني معدل النمو الاقتصادي؛ إن معدل البطالة الذي يبلغ 22% يستدعي اتباع سياسة مالية معاكسة للتقلبات الدورية (وليس مسايرة للتقلبات الدورية). وبدون الدور النشط للدولة، لن يصاب الاقتصاد بالركود فحسب، بل لن يتطور.

وخلافاً لوجهات النظر التي يتبناها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فإن الأمر يتطلب دوراً استباقياً قوياً للدولة يعتمد على سياسة صناعية انتقائية، خاصة في ضوء موجة المقاطعة الحالية (التي تمنح مجالاً للصناعة المحلية للتعويض عن السلع الأجنبية).

إن ترك الاقتصاد ليكون تحت رحمة العوامل الخارجية يُضعف الإمكانات الاقتصادية للدولة ويبدد احتمالات للنمو. لذا فإن المطالبة بسياسة مالية مسايرة للدورة الاقتصادية وخاصة في عام 2024 يعتبر وصفة خاطئة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :