facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سجين فكرتي


د. ثابت النابلسي
27-02-2024 12:09 PM

الأشياء كلّها في حياتنا هي نتاج أفكارنا، وعندما تتصارع الأفكار في داخلنا تتولّد منها الكثير من الأشياء السّلبيّة أو الإيجابيّة.

إنّنا نعبّر عن مشاعرنا بتصرفات مختلفة ناتجة عن طريقة تفكيرنا ، إنّنا إذ نعبّر عن وجودنا بأسلوب تفكيرنا حيث تظهر علينا مشاعر الحبّ والاحترام والتّقدير أو القلق والحزن وعدم الثّقة بالآخرين أو عدم احترام الذات، في الواقع نحن نعيش حالة نفسيّة صعبة جدًا يسميها علماء السّلوك ( الاضطراب الانفعاليّ السّلوكيّ) فعندما نفكّر بشكل غير منطقيّ وغير واقعيّ نتصرف بدون وعي بكلّ بساطة ، لذلك يجب علينا أن نسيطر على حياتنا اليوميّة من خلال التّركيز في طريقة التفكير التي يجب اتباعها ، من خلال تدريب النّفس والتّفكير على طريقة متّزنة وفعّالة للتّعامل مع الآخرين ومع أنفسنا ، لأنّنا في الوقت الذي نسعى فيه لحرية التّعبير نضع الأغلال في أيدينا ونكبّل أنفسنا بسلاسل من الكذب والنّفاق والتّعاطف والخوف والقلق والتّوتر وعدم القدرة على الخروج من متاهة التّعبير عن الذّات.

كم سجينٍ في هذه الدّنيا دون أن يسجن وراء القضبان ، فهو سجين تفكيره الذي أقفل عليه باب السّجن وألقى باللّوم على الحياة وأضاع مفتاح النّجاة والحرّية، لأنّ التّفكير في الحياة إمّا أن يكون إيجابيّاً فيفتح المجال أمام العقل للتّحليق والتّغيير للأفضل والخروج عن المألوف ، وإمّا أن يكون سلبيًّا أحاديّ النّظرة يسوده التّشاؤم الذي يغلق الأبواب ويزيد عدد القضبان الوهميّة من حول صاحبه فيسجن نفسه دون إدراك للواقع الذي صنعه بنفسه، هذا ما أشار إليه علم النّفس الإيجابيّ الذي انطلق منذ تسعينات القرن الماضي وكان عالم النّفس سيلجمان يعبّر عنه بشكل ٍمباشر من خلال أهميّة التّواصل الاجتماعيّ الإيجابيّ وتوفير بيئة ملائمة للحياة اليوميّة يسودها الشّعور بالإيجابيّة تجاه الآخرين وإتاحة الفرصة للنّفس في التّعبير عما يدور في خاطرها من أفكار وتطبيقها بشكلٍ مباشر بما يحقّق التّوازن النّفسيّ والاجتماعيّ والرّوحيّ.

لقد ذكر سليجمان في كتابه عن علم النّفس الإيجابيّ ، قصّة السّحلية الأليفة التي كان يربيها في منزله ويدلّلها ويضع لها الطّعام والشّراب، إلّا أنّها فجأة امتنعت عن الطّعام والشّراب وعاشت بطريقة كئيبة لدرجة أنه بدأ يقلق عليها حيث كانت على وشك أن تفارق الحياة، إلّا أنّها في أحد الأيام وبينما هو يتناول البيتزا ، قفزت السّحلية الأليفة مسافة أكثر من متر في الهواء وانقضت على قطعة البيتزا الصّغيرة التي كانت في يده لتأخذها مسرعةً وتلتهمها.

هنا أدرك سليجمان أن هذا الحدث ما هو إلًا نتيجة لطبيعة هذا المخلوق الذي رفض فكرة وجوده مدلّلا ، وانطلقت بدافع الأمل والمتعة للشّعور بالحياة من خلال تنفيذ عمليّة الصّيد لتنطلق بأفكارها الحقيقيّة إلى واقع الحياة الذي تنتمي إليه ، نحن نعيش حياة السّحلية الأليفة في أقفاص مختلفة يصنعها كلّ شخص من مجموعة أفكاره الخاصّة التي تصبح سجنه ومنطقة الرّاحة في العالم الذي يعيش فيه معتقدًا أن هذه هي الحياة المنشودة ، فقد رضخت نفسه لواقع الحال مقتنعًا بما هو عليه .

وقد ذكرت في كتابي قرارات 365يوم، قرار رقم 232

"الجوع وباء يمكن التّصدي له بإطعام النّاس، ولكّن جـوع العقـول يكلّـف حيـاة الناس"

مجاعة الفكر أصبحت ترتدي قناعاً مبتسماً .

منذ عصور سيطر المفهوم الإقطاعيّ على الدّول والمجتمعات وانقـسم النّـاس إلى سـادة وعبيـد، ّ

عاش النّاس البسطاء حياتهم يسعون للحـصول عـلى رغيـف الخبـز للبقـاء، ومـع مـرور الزّمن .

جاعت البطون لدرجة أنّها إذا ما ارتفع صوتها أسكتها السّيد بالطّعام، لم يدرك كـلا الطّرفين أ ّن ّالجوع الحقيقي هو جوع عقول هؤلاء الّناس، فعندما تجـوع يغـذيها الجهـل، فتقتـل وتنهـب ّوتخرب .ما من شيء أصعب من مجابهة مجاعة الفكر .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :