facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خذلان العالم لغزة


سالم البادي
28-05-2024 12:28 PM

بادي ذي بدء لا بد من تعريف الخذلان لغة واصطلاحا كي نعي وندرك أهمية الخذلان وما يترتب عليه من أثار على الإنسان.

الخِذْلَان لغةً:
الخِذلان (بكسر الخاء لا بضمها كما يُخطئ بها الكثيرون) مصدر خَذَل يَخْذُل خَذْلًا وخِذْلَانًا، وهو تركك نُصْرة أخيك وعَوْنَه ، والخَاذِل: ضدُّ النَّاصر .
والتَّخْذِيل: حَمْل الرَّجل على خِذْلَان صاحبه، وتَثْبِيطُه عن نُصْرَته، وأصل هذه المادة يدلُّ على تَرْك الشَّيء والقُعود عنه.

وخِذْلَان الله تعالى للعبد: ألَّا يعصمه مِن السَّيِّئة، فيقع فيها.

والخِذْلَان اصطلاحًا:
( ترك مَن يُظنُّ به أن ينصرَ نصرَتَه).

ذمُّ الخِذْلَان في القرآن الكريم:
قال تعالى: ﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ٢٢﴾ (الإسراء:22).

قال ابن كثير: (مَّخْذُولاً لأنَّ الرَّبَّ تعالى لا ينصرك، بل يَكِلُك إلى الذي عبدت معه، وهو لا يملك لك ضرًّا ولا نفعًا؛ لأنَّ مالك الضرِّ والنَّفع هو الله وحده لا شريك له).
وقال تعالى : ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ (الفرقان:٢٧–٢٩).
قال ابن كثير: (يخذله عن الحقِّ، ويصرفه عنه، ويستعمله في الباطل، ويدعوه إليه).

ذمُّ الخِذْلَان والنهي عنه في السُّنَّة النبوية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره).
وقال النَّوويُّ: (وأمَّا: لا يَخْذُله. فقال العلماء: الخَذْل: ترك الإعانة والنَّصر، ومعناه إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه، لزمه إعانته إذا أمكنه، ولم يكن له عذر شرعيٌّ).

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا ). قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالـمًا؟ قال: (تأخذ فوق يديه).

خِذْلَان المسلمين في الجهاد وعدم نصرتهم صفة مِن صفات المنافقين، قال الله تعالى فيهم: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ (آل عمران:١٦٧–١٦٨).


تعالت صيحة الخذلان على مسامع العالم قاطبة، وانتشرت في جميع مفاصله، وتمدّد الصمت في مساحاته الفارغه من المشاعر والعواطف، واصبح الخذلان سيّد المشهد العالمي في هذا العصر ،بينما داخل قطاع غزة شعب مكبل منذ سنين، لا آذان صاغيه ولا عيون شاهده ولا افئدة واعيه .

بات العالم يكتفي بمشاهدة تحوّل غزّة إلى مقبرة مفتوحة لأهلها .
سئمت شعوب العالم الحر مشاهد تنقلها شاشات التلفزة وتظهر انغماس الاحتلال الصهيوني في إبادة إنسانيه ومجازر يوميه تاريخيه لم يشهدها العالم من قبل لقطاع غزة المحاصر وبغطاء أميركي وغربي واقليمي عريض.

ما يعيشه القطاع اليوم هي معاناة ممتدة منذ سنوات وقد تكثفت وانفجرت دفعة واحدة خلال هذه الحرب الصهيونيه العبثيه الوحشيه الشعواء.

لم يحدث سابقا في العالم أن تمت مجازر واباده إنسانيه منقولة على الهواء مباشرة على القنوات المتلفزه، وهذا ما يؤكد عجز وخذلان دول العالم والمنظمات والهيئات والمؤسسات الأمميه والدوليه ،بما فيها المحكمة الجنائيه الدولية ومحكمة العدل الدولية لم تستطيعا حتى الان إجبار العدو الصهيوني المتجرد من كل القيم والمبادىء والاخلاق والسلوكيات الإنسانيه من وقف عملياته العسكرية الاجراميه ومذابحه الوحشيه بحق المدنيين والابرياء العزل .

اصبح مدنيون عزّل تحت رحمة وحوش الكيان الصهيوني المحتل باسم الانتقام والثأر لـ" السابع من أكتوبر"، يقتلون،ويهجرون ويجوعون ويشردون وبالأحرى يبادون، وفي الحقيقة هم في مشهد سينمائيٍّ صهيوني أمريكي غربي يحدث مباشرةً وباتت تنقلها عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعه، وبكل بشاعة وقذارة، والمجرم هو أنجس خلق الله على الارض وهم اليهود الصهاينه لعنة الله عليهم أجمعين، ولكن هيهات هيهات فالله تعالى لهم بالمرصاد فقال تعالى:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾

فالصهاينة تجاوزوا كل الخطوط الحمراء وانتهكوا كافة المبادئ والقواعد الدولية بجرائمهم الشنيعه ومجازرهم الإنسانيه ، وقد قال تعالى:{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} (المائده: 33).

ولن ينسى التاريخ هذه الجرائم والمجازر التي ما زالت ترتكبها الصهاينه وأمريكا في حق أطفال ونساء وشيوخ فلسطين المحتله.

وإن تم التخطيط من قبل الاعداء الصهاينه وأمريكا والغرب للقضاء على كل من في قطاع غزة، وباعتراف ما جاء في تصريح وزير التراث الصهيوني اللعين عميحاي إلياهو الذي اقترح إلقاء القنبلة النووية على القطاع، وبلا شك أن هناك إجماع وتشجيع من بعض المسؤولين في حكومة المتغطرس المجنون بنيامين نتنياهو، وان لم يكونوا بغبائه ووقاحته وصراحته ليتحدّثوا عنه علانية،فما زالت هذه الحكومة الصهيونيه الوحشيه العبثيه المتجردة من كل القيم الإنسانيه يتملكها الغباء والخوف والارتباك وقد فقدت مصداقيتها وسمعتها الدوليه وكشفت وجهها الحقيقي الوحشي المجرم للعالم على جميع الاصعدة، وبإذن الله تعالى لن يتحقق لها اي من أهدافها المعلنه بالقضاء على القطاع أو محو المقاومة الفلسطينية من غزة الأبيه الشامخه الصامدة.

لقد خذل العالم قطاع غزة وسوف يكتب التاريخ في صفحاته أنه ذات يوم كان هناك شعبا عزيزا محتلا محاصرا وتحت وطأة الفقر والتجويع والتعذيب والدمار والتهجير والاضطهاد وقد اعتدى عليه العدو الصهيوني أمام مرأى ومسمع العالم أجمع وتحت غطاء وحماية ودعم من قوى الشر والطغيان والاستبداد امريكا والغرب وشركائهم وعملائهم، وقد حرموا شعب غزة من أبسط حقوقه الإنسانيه.

سيكتب التاريخ ما اقترفته الترسانه الحربيه والامنيه والعسكريه في حق أبناء شعب غزة وفلسطين.

سيكتب التاريخ خذلان الأمة العربيه والإسلامية والاقليميه والدوليه لاغاثة شعب غزة ، وعدم قدرتها لفك حصار الظالم الجائر الذي جعل مليونا إنسان تحت وطأة الجوع والعطش وتفشي الأمراض المعدية بلا مسكن ولا مأوى ولا غذاء ولا دواء ولا ماء.

سيكتب التاريخ أنه تم محاصرة وتجويع وقتل وذبح وحرق الأطفال والنساء وإذلالهم امام مرأى ومسمع العالم أجمع بمعرفة المنظمات والجمعيات والهيئات الأمميه والدوليه.

سيكتب التاريخ وتسطر الاقلام لشعب علم العالم معنى الصمود والرباط والثبات والعزة والشموخ والكفاح والمقاومة.

سيكتب التاريخ دروسا لشعوب العالم في معنى الإنسانية والحريه والدفاع عن الارض والعرض والانتماء للوطن .

سيكتب التاريخ كل هذا وذاك، وستعلم غزة الأجيال القادمة أن العالم قد خذلها وجعل شعبها وحيدا مريضا مصابا جريحا جائعا عطشانا محاصرا يصارع ويلات القتل والذبح والحرق والتعذيب والدمار والتهجير الممنهج.
ولن يرحم التاريخ أحد خذل أهل غزة ولم يحرك ساكنا وهو قادرا على نصرة شعب اعزل فقير محاصر جائع جريح وأسير ، قال تعالى:﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النّاس لَا يَعْلَمُونَ﴾(يوسف: ٢١).


الخذلان له آثار إنسانيه وأمنية وسياسيه واجتماعيه واقتصاديه على المدى القريب والبعيد في مجتمعنا الإسلامي فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:(مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ)

وأخيرا قال الشاعر :
فلو أنَّ نصرًا أصلحتْ ذاتَ بيننا
لضحَّت رويدًا عن مطالبِها عمرُو
ولكن نصرًا أرتعتْ وتخاذلتْ
وكانت قديمًا مِن خلائقها الغَفْرُ

وقال شَّاعر آخر :
مَن يتَّقِ الله يُحْمَدْ في عواقبِه
ويَكفِه شرَّ مَن عزُّوا ومَن هانوا
مَن استعان بغيرِ اللهِ في طلبٍ
فإنَّ ناصرَه عجزٌ وخِذْلانُ





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :