facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من يتحمل مسؤولية الكارثة في غزة؟


سامي شريم
18-01-2025 08:53 AM

مع اقتراب نهاية الحرب على غزة، يبرز سؤال ملح في الأوساط السياسية والشعبية: من يتحمل مسؤولية هذا الدمار الكبير، الذي أودى بحياة الآلاف وشرد الملايين وأدى إلى تدمير بنية القطاع بالكامل؟ الإجابة عن هذا السؤال لا تقتصر على طرف واحد، بل ترتبط بمسؤوليات متعددة تقع على عاتق أربع جهات رئيسية، لعبت كل منها دورًا مباشرًا أو غير مباشر في هذه المأساة.

أولاً، الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول الرئيسي عن هذه الجرائم، كونه الجهة المنفذة للعمليات العسكرية التي استهدفت المدنيين والبنية التحتية على حد سواء. أعمال القصف المستمرة والحصار الطويل الأمد لا تترك مجالًا للشك بأن الهدف كان يتجاوز مواجهة المقاومة إلى محاولة تدمير حياة الفلسطينيين بالكامل. لا يمكن فصل أفعال الاحتلال عن سياق الإبادة الجماعية التي تخالف القوانين الدولية، ما يجعله مسؤولًا أمام المحاكم والضمير الإنساني عن هذه الكارثة.

ثانيًا، الدعم الدولي للاحتلال، بقيادة الولايات المتحدة وحلف الناتو، يضع هذه الأطراف في دائرة المسؤولية. فالأسلحة التي زُود بها الاحتلال، والتي فاقت مئات الآلاف من الأطنان، لم تُستخدم إلا لزيادة معاناة سكان القطاع. إلى جانب الدعم العسكري، قدمت هذه الدول غطاءً سياسيًا وإعلاميًا مكّن الاحتلال من المضي في عدوانه دون أي خوف من المحاسبة، ما حولها إلى شريكة في الجريمة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

ثالثًا، الأيديولوجيا الصهيونية العالمية ساهمت في تأجيج الصراع من خلال توفير الأساس الفكري والعقائدي الذي يدعم الاحتلال ويبرر جرائمه. هذه الأيديولوجيا لا تعترف بحقوق الآخرين، بل تعزز منطق الاستعلاء والتوسع، ما يجعلها مسؤولة عن تغذية التطرف الإسرائيلي وشرعنة العنف الممارس ضد الفلسطينيين.

رابعًا، بعض الأصوات العربية التي وقفت إلى جانب الاحتلال، سواء بتبرير جرائمه أو مهاجمة الضحية. هذه المواقف لم تكن مجرد خيانة للقضية الفلسطينية، بل أسهمت في تضليل الرأي العام العربي وشرعنة الاحتلال. دورهم لم يقتصر على التبرير، بل تجاوز إلى تزييف الوعي الجماعي وإضعاف التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية.

في هذا السياق، لا يمكن اعتبار الفلسطينيين سوى ضحايا لعدوان متعدد الأوجه. سكان غزة هم من يدفعون الثمن الأكبر، حيث يعانون يوميًا من القتل والتشريد والحصار. أما المقاومة، فهي تعبير طبيعي عن حق الشعوب في الدفاع عن نفسها، وهو حق مشروع تكفله كافة الشرائع والقوانين. توجيه اللوم للمقاومة هو شكل من أشكال الانحياز ضد الضحية ومحاولة لتبرئة الجناة الحقيقيين.

ما ينبغي التركيز عليه الآن هو دعم الفلسطينيين ومحاسبة المتورطين في هذا العدوان. لا بد من تقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة الدولية وتعويض المتضررين عن خسائرهم المادية والمعنوية. ولكن الأهم من ذلك، أن يتم ذلك دون المساس بحقوق الفلسطينيين التاريخية أو التفريط في أرضهم وقضيتهم.

المأساة في غزة ليست مجرد حدث عابر، بل تعبير عن فشل دولي وأخلاقي يحتاج إلى مواجهة جادة وشاملة. المسؤولية الآن تقع على الجميع للعمل من أجل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وضمان عدم تكرار هذه الجرائم في المستقبل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :