غزة بلا أفق سياسي: هل يتحول القطاع إلى ساحة فوضى عارمة؟
م. وائل سامي السماعين
19-01-2025 11:41 PM
في ظل الانقسام الفلسطيني بين حماس والسلطة الفلسطينية، الذي يعد الأخطر في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يواصل اليمين المتطرف الإسرائيلي استغلال هذا الانقسام لصالح إسرائيل، مما يهدد بالقضاء على الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية. إذا استمرت هذه الحالة من الانقسام والجمود السياسي، فإن إمكانية تحول غزة إلى منطقة جغرافية معزولة ومسيّجة بالفوضى تصبح واقعًا يهدد مستقبل القطاع وشعبه.
تحول غزة إلى منطقة لا يحكمها قانون قد يعني انزلاق القطاع إلى حالة مشابهة لمناطق أخرى في العالم، حيث تنتشر المجموعات المسلحة، ويضعف النفوذ المركزي لأي جهة قادرة على فرض النظام. في هذا السيناريو، يمكن أن تتحول غزة إلى ساحة مفتوحة للفوضى والصراعات الداخلية تشبه هايتي او الصومال بسبب مجموعة من العوامل:
1-مع تزايد حالة الانقسام، والحرب على غزة بعد السابع من اكتوبر وتفكيك قدرة حماس العسكرية سيصبح هناك مجموعات صغيرة على شكل ميليشيات ذات ولاءات مختلفة، وقد تساهم اسرائيل في خلق هذا الواقع الجديد بتمويل مجموعات مسلحة خارجة عن القانون ، مما يخلق فراغًا أمنيًا خطيرًا.
2-استمرار الحصار الإسرائيلي وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتدمير البنية التحتية اثر الحرب على غزة أدى ذلك كله الى انهيار كامل للبنية التحتية والخدمات الحيوية مثل المياه والكهرباء والصحة.
3- غياب مشروع سياسي جامع للفصائل الفلسطينية تحت مظلة الشرعية الفلسطينية يجعل التنافس على السلطة والنفوذ أمرًا حتميًا ومستمرا ، مما قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة بين الأطراف المختلفة ، وتصبح غزة بلد المليشيات المسلحة تقاتل بعضها بعضا كما يجري في هايتي والصومال وليبيا وغيرها .
4-الوضع الهش في غزة قد يشجع قوى إقليمية ودولية على التدخل لخدمة أجنداتها الخاصة، مما يزيد من تعقيد المشهد وعلى رأسها اسرائيل التي قد تفضل بقاء القطاع مفككا يشبه حارات ولكل حارة مافيا تحكمها .
5-إسرائيل تعمل على تعميق الانقسام الفلسطيني واستغلاله لصالحها. فمن خلال سياسة "إدارة النزاع"، تسعى إسرائيل إلى إبقاء الوضع في غزة منفصلًا عن الضفة الغربية، مما يعطل أي جهود لإقامة دولة فلسطينية موحدة. استمرار هذا الوضع سيحول غزة إلى "سجن كبير"، ليس فقط من الناحية الجغرافية بل أيضًا من الناحية السياسية والاقتصادية. وفي نفس الوقت تعمل حماس على هذا الاتجاه بوعي كامل او بدون وعي ، ولكن عدم اعترافها بأن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني هي منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية يصب في مصلحة اسرائيل وتعميق معاناة الشعب الغزواي والفلسطيني بشكل عام .
ولهذا إنهاء الانقسام الفلسطيني والمصالحة المصالحة الوطنية أولوية قصوى، فبدون وحدة وطنية، لن يكون هناك أفق سياسي يمكن البناء عليه. ومن ثم يمكن اعادة بناء المؤسسات التي تكون قادرة على إدارة القطاع بعيدًا عن الفصائلية، وهذا سيؤدي الى تفعيل الدعم الدولي ، ليس فقط من خلال المساعدات الإنسانية، بل أيضًا عبر الضغط على إسرائيل لاقامة دولة فلسطينية.
إذا استمر الانقسام الفلسطيني الحالي دون حل، فإن غزة تواجه خطر التحول إلى نموذج للفوضى الشاملة يشبه هايتي وغيرها من الدول مما يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي ويقضي على حلم الدولة الفلسطينية.