في زمن أصبح فيه وعي الأردنيين وفكرهم الراقي هو الصورة المشرقة لكياننا الحضاري ، فمشهد تلاحمنا اليوم ، يفتك بكل من تخول له نفسه مس وحدتنا الوطنية ، فمهما يكن من أمر ، فلن نخضع لأهواء المنازعات والأفكار الخبيثة المأزومة والمماحكات والمكايدات والمناكفات بين هذا وذاك ، فإيماننا عميق متجذر بمبادئ ايدولوجية إنسانية عظيمة جعلت من الأردن أنموذجا مصغراً للوحدة العربية ، مجسدين هذا الفكر على أرض الواقع ، مقتسمين لقمة العيش ، معتصمين بحبل الله القوي المنيع ، ومتعاهدين على المضي قدماً في بناء الأردن ، وطن الجميع ، كخيار حتمي ، يعلي الهامات ، ويخفق الرايات ، وتسمو به المواطنة الحقّة .
إن وحدتنا الوطنية مكسبٌ حتمي رغم انف الحاقدين ، فهي كياننا ، وهي منجزنا التأريخي رغم كل التحولات الإقليمية والدولية ، فنحن من نتحمل أعباء بعضنا البعض ، ولا يمكن لأي وطني شريف أن يسمح بتلويث هذا المنجز من أيٍّ كان ، أو يسمح بأن يُحدِثَ أيٌّ كان صدعاً في هذا الجدار الشامخ والسد المنيع الذي أكرمنا الله تعالى به ، فهذا المنجز العظيم ، نحمل جميعاً أمانة الحفاظ عليه من كل ما يمكن أن يحرفه عن مساره الصحيح ، بل إن كل الأردنيين عامةً يعون قيمة هذا التلاحم المصيري ، الذي سيبقى ابد الدهر مفخرة لجميع الخييرين الشرفاء ، وأنموذجاً يقتدى به في كل المحافل التي ترقى إلى أسلوب حياة حضاري عصري مفعم بالأمل والمستقبل المشرق .
اننا كأردنيين من شتى المنابت والأصول ومن مختلف الألوان والمشارب والمنابع ، مطالبون اليوم أن نتصدى لكل من هو غوغائيٌّ رأى في تماسكنا مغرماً ، فرفع شعارات الفرقة وأعلام التشطير ، وأيقظ الفتنة وأشعل الحقد والضغينة ، ودعا بدعوة الجاهلية ، وارتمى في أحضان الحاقدين ، يتآمر معهم على وحدة وطنه وعزة أمته ، وهو إلى جانب ذلك لا يجد غضاضة في تخريب منجزات وطنية بناها الأردنيون الشرفاء بعرقهم وسواعدهم وجهدهم ، فالبعض المأزوم يصر على نبش العصبيات واختلاق الازمات وبناء المقارنات التي لاتنطلي على أحد من أبناء الاردن إلا من قبل على نفسه بالهوى الشيطاني ، وجعل من نفسه أداة تفريق وفرقة ، أما الأحرار من أبناء الاردن فإنهم أقوى من الإثارة وأعظم بأساً وصبراً في سبيل الاعتصام بحبل الله المتين.
إن بعض المراهقين الجهلة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يبثون خطاباً مسموماً بلغة مازومه لايقلون خطراً عن الإرهاب ، لأنهم يعبرون بوضوح عن الحقد الذي يحملونه في صدرهم وتجدهم قد تجردوا من الوطنية وحق الانتماء ، وتدرك أنهم قد فارقوا الولاء الوطني وقد جعلوا من ألسنتهم أدوات تخدم أعداء الاردن الذين لايرون لهم رؤية الاردن قوياً موحداً وقادراً ومقتدراً ، وأمثال هؤلاء يندرجون في خانة المنبوذين في نظر من يساعدونهم على تدمير الوطن والاعتداء على مقدراته وسيادته ، وهم في نهاية المطاف أذل خلق أمام الاعداء لأنهم يعرضون وطنهم للخطر ، ولأنهم كذلك فلا مكانة لهم لا في الوطن ولا في غيره ، الأمر الذي يجعلنا نؤكد أهمية اليقظة والتنبؤ بما يرمي إليه النافخون في الكير ، لهذا فعلى كافة ابناء البلد الواحد وحكمائه وعقلائه ونبلائه باليقظة الدائمة والعمل من أجل الحفاظ على وحدة الصف ومنع العبث الذي تروج له أقلام الشر ، والحفاظ على الوحدة الوطنية الى أبد الآبدين .
أن مشهد التآخي والتوافق والتكافل في أردننا يتناغم فيه الجميع ، ويتكامل فيه الجميع ، لإدراكنا أن هذا المشهد يغيظ أعداء الأردن ويقتل شرذمتهم فخيبة أملهم كبيرة ، هذه الخيبة نريد أن نؤكدها ونعمقها ، فتوقفوا أيها المتآمرون على وحدتنا الوطنية ، فوحدتنا أغلى منكم جميعاً ، ولتذهب ريحكم إلى جهنم ، وستبقى وحدتنا وتماسكنا وتعاضدنا شامخةً باسقةً كأي شجرةٍ طيبةٍ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، فنحن أقوياء ابد الدهر بمحبتنا واخوتنا وتماسكنا والتفافنا حول قيادتنا وحول بعضنا البعض .
اخيرا .. هذا هو الأردن وطن العشيرة الواحدة ، ومن لم يعجبه ذلك فلتذهب ريحة الى جهنم ، وليحفظ الله الاردن وقيادته ، وليدم علينا جميعا نعمة الأمن والاستقرار ليبقى بلدنا عزيزا غاليا تفيء بظله أبد الدهر ، ولنعي أن وحدتنا الوطنية أمانة في أعناق الجميع إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
والله والي التوفيق
ودمتم سالمين