هناك نقص عالمي بالكوادر الصحية وقد نشرت مجلة اللانسيت (the lancet.com Vol 399 June 4, 2022) دراسة علمية حول توفر الكوادر الصحية وعلاقتها بالتغطية الصحية في 204 بلد بالعالم ، إذ يوجد 104 مليون عامل بالحقل الصحي : 12.8 مليون طبيب ،30 مليون ممرض ، 4.6 مليون طبيب أسنان و5.2 مليون صيدلي.

وبحساب عدد الكوادر الصحية لكل 10,000 نسمة فإن هناك 16.7 طبيب لكل 10,000 نسمة ، 38.6 ممرض ، 8.2 طبيب اسنان و 9.4 صيدلي . وهذا العدد غير كاف لتقديم الرعاية الصحية المقبولة للسكان بهذه الدول وللوصول الى تغطية صحية شاملة مقبولة (80 من 100) فإن الحد الأدنى لعدد الكوادر الصحية المطلوبة لكل 10,000 نسمة هو كما يوضح بالجدول التالي:



هذا وللوصول الى رعاية أعلى (90/100) يجب أن يكون المستوى بحده الادنى لكل 10,000 نسمة : 35.4 طبيب / 114.5 ممرض / 14.5 طبيب اسنان / 15.8 صيدلي وهذا مايزيد عدد الكوادر الصحية المطلوبة بجميع الدول حتى ذات الدخل المرتفع مثل الولايات المتحدة ، كندا ، المملكة المتحدة ، اوروبا الغربية واستراليا الخ ... ففي الولايات المتحدة هناك قلق متزايد من نقص الأطباء . فبحسب الكلية الامريكية للأطباء تواجه الولايات المتحدة نقص يصل 124,000 طبيب بحلول عام 2034 موزعين بين الرعاية الأولية والتخصصات الطبية ، وهذا نتيجة زيادة العمر فوق 65 سنة بمقدار 42% وكذلك زيادة نسبة تقاعد الأطباء 40% .. ومن الحلول الموضوعه زيادة تمويل التعليم الطبي وبرامج الاقامة واستخدام الأطباء المتخرجين من الدول الأجنبية وتسهيل انتقال عملهم وإقامتهم ، وقامت أحد الجامعات الامريكية المرموقة بتوظيف اختصاصيين في بعض التخصصات المطلوبة دون التقدم لأي من الامتحانات الامريكية المعهودة .

من ناحية اخرى ، هناك دول تخرج عدد كبير من الاطباء بوجود كليات طبية قادرة مثل الهند والفلبين وتقوم بتصدير الالاف من الكوادر الصحية وتسهم بعلاج النقص العالمي في الدول الاخرى .

أما بالنسبة للأردن فإن إحصائيات وزارة الصحة بالنسبة للكوادر الصحية لكل 10,000 نسمة (عام 2023) نشير الى أنه يوجد (31.6 طبيب) (8.4 طبيب أسنان) (38.4 ممرض) (20 صيدلي) وهذه الأعداد بإزدياد سنوياً.

ويمكن للأردن أن يستثمر الفرصة ويستمر كمصدر للأطباء لتوفير احتياجاته ومساعدة الدول الأخرى مع تخريج أعداد كبيرة من الأطباء سنوياً وبحسب احصائيات نقابة الأطباء الأردنية فإن عدد الأطباء الممارسين في دول خارج الأردن لايقل عن 40% من عدد الأطباء المنتسبين للنقابة.وحسب دراسة اجرتها وكالة الإنماء الأمريكية على خريجي الجامعة الأردنية لخمس سنوات متتالية فإن هناك نسبة كبيرة 40% يذهبون للخارج بقصد التخصص او العمل ولايعودون خاصة الولايات المتحدة الأمريكية (13%) وكذلك ألمانيا ، المملكة المتحدة ، كندا ، استراليا ودول الخليج وغيرها.

إن ماحققه الأرردن من ريادة في مجال التعليم والصحة كان بفضل الكوادر المدربة والمؤهلة والمؤسسات الحديثة المدعمة بالتقنيات الحديثة .

ففي مجال الطب العام : وفرت كليات الطب الاردنية الرسمية نوعية ممتازة من الخريجين كما يشهد على ذلك المجلس التعليمي الامريكي للخريجين الأجانب (ECFMG) حيث حققوا نتائج ممتازة بامتحان USMLE ، ولكن مع ازدياد الطلب على دارسة الطب تم قبول اعداد كبيرة تفوق الطاقة الاستيعابية والبنية التحتية وكذلك توجهت أعداد كبيرة من الطلاب للدراسة خارج الأردن في ضوء عدم وجود الفرص للدراسة داخل الأردن بجامعات قد لاتوفر المستوى العلمي المطلوب وهؤلاء شكلوا حسب احصائيات نقابة الأطباء الأردنية نسبة لاتقل عن 50% من المنتسبين للنقابة في السنوات الأخيرة ومما يؤدي الى تراجع بالمستوى المطلوب .

أما في مجال التعليم والتدريب لتوفير أطباء الإختصاص

هناك تناقص بأعداد ونوعية أطباء الاختصاص وخاصة في القطاع العام كما يوجد نقص في فرص التدريب والاختصاص لأعداد الخريجين الكبيرة .

هناك مصدران لتوفير أطباء الاختصاص:

1. التدريب المحلي والحصول على شهادة المجلس الطبي الأردني بالاختصاص فلقد كان إنشاء المجلس الطبي الأردني عام 1982 نقلة نوعية لتوفير كوادر الاختصاص وقد بلغ عدد الحاصلين على شهادة البورد الاردني منذ ذلك التاريخ حوالي 18,938 طبيب اختصاصي يخدمون الأردن والدول الاخرى ، وكذلك كان قرار المجلس الطبي منذ ثلاث سنوات بالاعتراف بالتخصصات الفرعية نقلة جوهرية اخرى لإنشاء برامج الاختصاص بهذه التخصصات الفرعية والدقيقة الغير متوفرة وبلغ عدد المعترف بهم 727 طبيبا اختصاصياً ومطلوب الآن تشكيل لجان وبرامج الاختصاص لتوفير فرص التدريب ببرامج الاختصاص للحصول على الاختصاصيين المطلوبين.

2. عودة الاختصاصيين الدارسين بالخارج والحاصلين على شهادات الاختصاص وكان تعديل قانون المجلس الطبي الاخير بالاعتراف بشهاداتهم أمراً مطلوباً لعودتهم للأردن وتم الاعتراف بحوالي 200 اختصاصي لتاريخه وهم في طور عودتهم للأردن .

3. وكذلك فإن المجلس الطبي الاردني يشرف على برامج الاختصاص في الامارات المتحدة وكردستان العراق وكذلك فإن خريجي الهيئة السعودية للتخصصات الطبية يتقدموا للحصول على شهادة المجلس الطبي الأردني بأعداد كبيرة .

إشراك القطاع الطبي الخاص بالتعليم الطبي وإنشاء مؤسساته : وفرت الجامعات الطبية الخاصة الحديثة وكذلك المستشفيات الخاصة التعليمية فرصاً للتعليم وللتدريب وفق الانظمة المطلوبة . فمثلاً مستشفى الأردن المعترف به من المجالس الطبية يوفر فرصاً للتدريب والاختصاص بفروع الطب المختلفة وتمكن من تخريج حوالي 700 طبيب اختصاصي خلال الخمسة وعشرون سنة ماضية يعملون الآن بالأردن والخارج كسفراء للأردن ومستشفى الأردن .

الخلاصة :

1) نقص الكوادر الصحية يتزايد عالمياً حتى قي الدول ذات الدخل المرتفع مما يوفر فرصاً للعمل والتدريب والتعليم للدول المؤهلة لذلك .

2) تشجيع التعليم الطبي مع الاستمرار بالحفاظ على نوعية تعليم طبي عالية لتخريج كوادر قادرة ومتعلمة وذلك لاستثمار فرصة تزايد اعداد الخريجين من كليات الطب الاردنية وايجاد فرص العمل بالخارج والمساهمة في سد النقص العالمي بالكوادر الطبية .

3) القطاع الطبي الخاص كما القطاع العام قادر على توفير برامج اختصاص نوعية وخلق فرص للتدريب والتعليم حسب متطلبات المجالس الطبية .

4) أثبتت الجامعات الطبية الخاصة خلال فترة قصيرة على قدرتها تقديم نوعية عالية من التعليم الطبي وكذلك إنشاء بنية تحتية حديثة مع الحصول على الدعم الاكاديمي من الجامعات العالمية المرموقة والالتزام بالطاقة الاستيعابية حسب الأنظمة مع التأكيد أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي تشـــاركـية وليست تنافسية.