facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"غزة الجديدة": هل يقطع ترامب المساعدات عن الأردن؟


م. وائل سامي السماعين
27-01-2025 07:57 AM

في 20 يناير 2025، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بتعليق المساعدات الخارجية الأمريكية لمدة 90 يومًا، بهدف مراجعة شاملة لهذه المساعدات والتأكد من توافقها مع السياسة الخارجية للإدارة الحالية. وقد استثنى القرار مصر وإسرائيل، مما يعني أن ملف المساعدات للأردن، الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، سيخضع لمراجعة دقيقة خلال هذه الفترة.

لطالما كان الأردن لاعبًا محوريًا في محاربة الإرهاب والتطرف، محتفظًا بعلاقات دبلوماسية متوازنة مع مختلف دول المنطقة، بما في ذلك إسرائيل. وعلى مدار سبعين عامًا، فتح الأردن أبوابه ليكون ملاذًا آمنًا لموجات متتالية من اللاجئين، بما في ذلك الفلسطينيون والسوريون والعراقيون واللبنانيون، بالإضافة إلى الأرمن والشركس وغيرهم ممن فروا من الاضطهاد بسبب العرق أو الدين. فالأردن يتميز بكونه الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم تشهد أي اضطهاد عرقي أو ديني لمكوناته السكانية. فالحريات الدينية والشخصية في الأردن تعكس قيمًا إنسانية تتشابه إلى حد كبير مع نظيراتها في الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

هذا الدور الإنساني والدبلوماسي والتقارب في القيم الإنسانية يشكل أرضية مشتركة يعزز مكانة الأردن كشريك لا غنى عنه في تحقيق الاستقرار الإقليمي، مما يجعل أي تقليص أو وقف للمساعدات الأمريكية عن المملكة ليس مجرد تحدٍ للأردن، بل تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمريكية في المنطقة.

قد يرى الرئيس ترامب غزة من زاوية استثمارية، حيث يطمح إلى تحويلها إلى منطقة سياحية كبرى على شاطئ البحر المتوسط، معتبرًا أنها "يمكن أن تصبح أكبر منتجع في العالم" كونها تقع بجوار إسرائيل، التي يُنظر إليها في الغرب على أنها دولة متقدمة أوروبية الطابع. ولتحقيق هذه الرؤية، قد يسعى إلى تهجير سكان غزة الأصليين إلى مناطق مثل صحراء سيناء في مصر، أو الأزرق ووادي رم في الأردن، بحجة أنهم "سيعيشون بسلام في محيطهم العربي".

لكن فكرة التهجير ليست جديدة. خلال الحرب الاخيرة على غزة، طرحت مقترحات أمريكية لدفع مليارات الدولارات مقابل تهجير الفلسطينيين إلى صحراء سيناء. هذه المقترحات قوبلت برفض قاطع من مصر ومن اهل غزة ايضا ، حيث أكدت وزارة الخارجية المصرية رفضها لأي محاولات لاقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم، سواء بشكل مؤقت أو دائم، باعتبار ذلك انتهاكًا صارخًا لحقوقهم غير القابلة للتصرف.

الأردن يرفض بشكل قاطع فكرة تهجير الفلسطينيين إلى أراضيه، ليس فقط لأنها تزيد من تعقيد الصراع، بل لأنها تمثل تهديدًا مباشرًا لهويته الوطنية. فكرة الوطن البديل مرفوضة من قبل جميع الاردنيين لانها تُعتبر خطًا أحمر في السياسة الأردنية، التي تؤكد باستمرار على حق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم وفقا لقرارات الشرعية الدولية .

ويرى العديد من المراقبين أن مسؤولية ما حدث في غزة تقع على أطراف متعددة، بما في ذلك حماس التي تسيطر على القطاع، ومحور المقاومة (إيران، حزب الله، والفصائل الفلسطينية الاخرى والحوثيين)، بالإضافة إلى إسرائيل التي رفضت التعامل بجدية مع مبادرات السلام العربية ، وأسهمت سياساتها العسكرية في تأجيج الأوضاع , فلماذا يدفع الاردن ثمن اخطاء الاخرين ؟.

إذا كان الرئيس ترامب يسعى إلى إيجاد حلول مؤقتة للأزمة الإنسانية في غزة، فإن إنشاء مساكن مؤقتة (كرافانات) داخل القطاع قد يكون خيارًا عمليًا لتخفيف الأزمة الإنسانية. لكن المنطق يقول ان الحل السياسي الشامل سيضمن حق اسرائيل العيش في سلام مع جيرانها العرب وكذلك يضمن حق الفلسطينيين في انشاء كيان سياسي يمثلهم.

من ناحية اخرى , يشكل الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب بتجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يوما تحديًا كبيرًا للدبلوماسية الأردنية، التي يتعين عليها تكثيف جهودها، خاصة مع أعضاء الكونغرس الأمريكي والذي يتعين على ادارة الرئيس ترامب رفع توصياته خلال 45 يوما لاخذ موافقة الكونغرس على تقليص او وقف المساعدات الامريكية للاردن .

الأردن بحاجة إلى تذكير الإدارة الأمريكية والكونغرس بأهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتوضيح الدور الحيوي الذي يلعبه في استقرار المنطقة.

الأردن ليس مجرد متلقٍ للمساعدات الأمريكية التي تبلغ حوالي 1.6 مليار دولار سنويًا، بل هو شريك استراتيجي يسهم بفاعلية في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي. استمرار هذا الدعم ليس مسألة اختيار، بل ضرورة تخدم المصالح المشتركة للبلدين، إذ يمثل عامل استقرار اقتصادي ونقدي أساسي للأردن. الأهم من ذلك، أن العلاقة الاستراتيجية بين البلدين تعزز ثقة العالم والمستثمرين والمؤسسات المالية الدولية في الأردن. وفي ظل التحديات الراهنة، تقع على عاتق الدبلوماسية الأردنية، المعروفة بحكمتها وحنكتها، مسؤولية التحرك الفاعل لإقناع الإدارة الأمريكية والكونغرس بأهمية الحفاظ على هذا الدعم الحيوي.

waelsamain@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :