الإرهاب فيروس حتمي أم مرض عابر ؟
ايهاب الدهيسات
02-02-2025 09:23 PM
كشف الإرهاب عن وجود قصور روحي عميق في مجتمعاتنا ، وبدأ يملأ سطوره البشعة على الفراغ الذهني، فخلال فترة وجيزة سبقت تصدير التطرف لكل دول العالم تمكن من إيجاد مصفوفة معقدة لإيجاد الذات والمعنى لحياة الملايين من الشباب المشتت تحت عنوان (ثقافة الموت).
قبل أحداث سبتمبر ٢٠٠١ اقتصر التواصل على البريد الإلكتروني وبرامج الدردشة البسيطة ، وبالرغم من شن الولايات المتحدة حرباً (قيل أنها على الإرهاب في أفغانستان والعراق) ، إلا أن شوكة الإرهاب ازدادت قوة ، ولعل أهم الأسباب للنتائج العكسية تعود للتطور التكنولوجي الكبير الذي جعل من السهل التواصل مع الجميع .
يتم التعامل مع الإرهاب في كثير من الأحيان كما لو كان فيروس لا يمكن علاجه، تركز الحكومات والمنظمات الدولية على الرقابة وتبادل المعلومات الاستخبارية كوسيلة رئيسية لمنع الهجمات الإرهابية، لكن هذا النهج يتجاهل الجذور العميقة، وهي الفراغ الروحي والفكري الذي تعانيه مجتمعاتنا، فبدلًا من معالجة الأسباب الكامنة وراء التطرف، يتم التركيز على الأعراض، مما يجعل الجهود المبذولة غير فعالة على المدى الطويل.
يقال في الطب أن جميع الشهادات لا تغني الطبيب عن الاستمرار في التعلم لأن الطب نفسه يتطور يوم عن يوم ، والاستمرار بمحاربة الإرهاب بنفس الوسائل القديمة لن يجدي نفعاً ، لن نتقدم خطوة ما دام الإرهاب متسللاً إلى المدارس والجامعات، يملأ صفحات التواصل الاجتماعي وتروج له الفضائيات، فالإرهاب ليس النتيجة النهائية لحالة التفجير أو القتل ، إنما مجموعة من الخطوات بدأت بتقديس ثقافة الموت.
لمواجهة الإرهاب بشكل فعال، يجب أن نتعامل معه كظاهرة قبل أن نتعامل معه كتهديد أمني، هذا يتطلب ملء الفراغ الروحي والفكري الذي يعاني منه الكثيرون، خاصة الشباب، يجب أن تركز الجهود على تعزيز القيم الإنسانية المشتركة، وتوفير فرص التعليم والعمل، يجب إصلاح المنظومة التعليمية والإعلامية لضمان عدم انتشار الأفكار المتطرفة.
في النهاية، لن تكون الرقابة وتبادل المعلومات كافية لمواجهة الإرهاب، يجب أن نتعامل مع الجذور العميقة لهذه الظاهرة، وأن نعمل على بناء مجتمعات أكثر تسامحًا ووعيًا، فقط عندها يمكننا أن نأمل في القضاء على هذه الظاهرة التي تهدد وجود الدول، يجب التوقف عن النظر للإرهاب كفيروس حتمي ، وإنما كمرض يمكن القضاء عليه.