26 عامًا من الإنجاز والوفاء
د. مثقال القرالة
06-02-2025 09:56 PM
في مثل هذا اليوم وقبل 26 عاماً، شهدت المملكة الأردنية الهاشمية لحظة فارقة في تاريخها، حيث تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين سلطاته الدستورية ملكًا للمملكة، ليكون بذلك السابع من شباط يوماً خالداً في ذاكرة الشعب الأردني. تلك اللحظة لم تكن مجرد انتقال ملكي، بل كانت بداية عهد جديد يجسد الاستمرارية والتطور في المملكة الأردنية الهاشمية، ويعكس أعمق معاني الوفاء والولاء بين الشعب وقيادته الهاشمية. تولى جلالة الملك عبدالله الثاني العرش بعد رحيل والده، المغفور له الملك حسين بن طلال، الذي كان رباناُ للسفينة وقائداُ للوطن لأكثر من أربعة عقود، أرسى فيها قواعد الدولة الحديثة. ورغم الحزن الذي عمَّ المملكة جراء فقدان الملك الباني الحسين بن طلال، إلا أن الشعب الأردني كان على وعي تام بأن الراية ستنتقل إلى قائد جديد يواصل مسيرة البناء والنهضة التي بدأها والده. في تلك اللحظة، تجلى الإيمان العميق في قدرة جلالة الملك عبدالله الثاني على تحمل أعباء القيادة، والوفاء للعهد الذي أقسم عليه أمام الله وأمام شعبه.
لقد كانت عملية انتقال السلطة في المملكة الأردنية الهاشمية نموذجًا مميزًا في الديمقراطية والاستقرار السياسي. إذ جرت وفقًا للأطر الدستورية، مما أبرز قوة المؤسسات الوطنية في الأردن ومدى استعدادها لاستيعاب التغيير بشكل هادئ ومنظم. ورغم أن الملك حسين كان يمثل شخصية محورية في الأردن والمنطقة، فإن الملك عبدالله الثاني استطاع أن يقود الشعب إلى مرحلة جديدة من التطور والنمو. وقد شهدت المملكة بعد ذلك تطورًا في كافة المجالات، حيث أكد جلالة الملك عبدالله الثاني على أهمية استمرار عملية الإصلاح، سواء على مستوى السياسات الداخلية أو على مستوى تعزيز دور الأردن في الساحة الدولية.
وتوج هذا التحول الملكي الجديد بالعزم على جعل الأردن أكثر انفتاحًا، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات المستقبلية، مع الحفاظ على الهوية الأردنية الهاشمية العريقة.
إن ما يميز الشعب الأردني هو ولاؤه العميق ووفاؤه المستمر لقيادته الهاشمية. ومنذ اللحظة الأولى لتولي الملك عبدالله الثاني العرش، عبر الأردنيون عن دعمهم الكامل له، مؤكدين أن الانتقال الملكي يمثل استمرارية للنهج الهاشمي الذي أسسه الملك حسين. لقد كانت ولا زالت علاقة الشعب الأردني بالملك عبدالله الثاني علاقة محبة واحترام، تأكدت في كل خطوة خطاها جلالته في مسيرته. ومع مرور الوقت، ظهر بوضوح أن الشعب الأردني كان قد وضع ثقته التامة في ملكه. فقد شعر الأردنيون أن الملك عبدالله الثاني يواصل المسيرة التي بدأها والده، ويتبع نفس النهج الحكيم في قيادة المملكة، بل ويطمح إلى تحسين جودة حياة المواطنين من خلال مجموعة من المبادرات الإصلاحية الشاملة. وكان من أبرز مظاهر هذا الولاء الشعبي هو التفاف المواطنين حول قيادتهم في جميع المحطات التاريخية، سواء كانت على الصعيد الداخلي أو في الأزمات التي مرت بها المنطقة. فقد شهد الأردن تلاحمًا قويًا بين القيادة والشعب في أوقات التحديات، مما يعكس عمق العلاقة والتفاهم بين الطرفين.
منذ أن تولى جلالة الملك عبدالله الثاني العرش، شرع في إطلاق رؤية جديدة تهدف إلى تحديث المملكة في مختلف المجالات. كانت هذه الرؤية تتسم بطموح عالي وأفق واسع يسعى إلى بناء دولة حديثة ومتقدمة. وكان التعليم والصحة من أولويات جلالته، حيث عمل على تحسين هذين القطاعين بشكل ملحوظ، مؤمنًا بأن الاستثمار في الإنسان هو الأساس لبناء مستقبل مشرق. على الصعيد السياسي، بدأ جلالة الملك عبدالله الثاني سلسلة من الإصلاحات التي شملت تطوير النظام السياسي وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في المملكة. شملت الإصلاحات قوانين الانتخاب والأحزاب، وتوسيع نطاق المشاركة السياسية للمواطنين، وتأكيد مبدأ الشفافية والمساءلة في العمل الحكومي. كما تبنى الملك عبدالله الثاني سياسة اقتصادية تهدف إلى تنمية القطاعات الحيوية في المملكة، مثل السياحة، والصناعة، والزراعة، مع التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية. كما قام بتطوير بنية المملكة التحتية، من خلال بناء مشاريع ضخمة في النقل والطاقة والمياه، بهدف تحسين مستوى الحياة للمواطنين وضمان استدامة النمو الاقتصادي.
على الصعيد الإقليمي والدولي، كانت ولا زالت المملكة الأردنية الهاشمية تحت قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها الدولية. في وقت كانت المنطقة تمر بتقلبات سياسية، أصبح للأردن دور محوري في السعي لتحقيق السلام والاستقرار. من خلال السياسة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني، تمكَّن الأردن من الحفاظ على علاقات قوية ومتوازنة مع مختلف الدول، بما في ذلك الدول الكبرى والمنظمات الدولية. كان ولا زال للأردن في عهد جلالته دور بارز في عملية السلام في الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. فقد عمل الملك عبدالله الثاني على تعزيز مكانة الأردن كداعم رئيسي للحقوق الفلسطينية، والساعي لإيجاد حل عادل ودائم يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة. كما واصل الأردن مشاركته الفاعلة في مختلف المنظمات الدولية، وأسهم في حل النزاعات الإقليمية، مما جعل من المملكة نموذجًا للسلام والتعاون في منطقة مضطربة.
إن تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية في السابع من شباط/فبراير 1999 لم يكن مجرد نقطة تحول تاريخية، بل كان بداية لمزيد من التقدم والازدهار. فمع مرور السنوات، استمرت المملكة الأردنية الهاشمية في تحقيق الإنجازات في مختلف المجالات، مستندة إلى رؤى الملك عبدالله الثاني السديدة التي تسعى إلى تحسين الوضع الداخلي وتعزيز المكانة الدولية للأردن. وبفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني، تمكنت المملكة من التغلب على العديد من التحديات التي واجهتها، بما في ذلك التحديات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، فضلاً عن الأزمات التي مرت بها المنطقة. واليوم، يواصل الأردن السير بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر إشراقًا، مع التزام جلالة الملك عبدالله الثاني بتحقيق رفاهية المواطنين، وتعزيز دور المملكة في المنطقة والعالم. كما أثبت الشعب الأردني من خلال دعمه المستمر لقيادته، لذلك فأن العلاقة بين القيادة والشعب هي علاقة لا يمكن فصلها، وأن الأردن، في ظل القيادة الهاشمية، هو نموذج للاستقرار والازدهار في منطقة تشهد الكثير من التحديات.
في الختام ، حفظ الله الوطن وقائد الوطن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحيسن المعظم، ودامت المملكة الأردنية الهاشمية عزيزة آمنة مستقرة تحت قيادته الحكيمة.