تمثل العلاقة بين الجامعات ومؤسسات المجتمع الأخرى الحكومية، وغير الحكومية التعليمية وغير التعليمية، حاجة أساسية إلى نمو وتطور المجتمع في كل الوجوه، نظرا لما تمتلكه الجامعات من امكانات علمية بحثية وتخصصات ، ومصادر التعلم الثرية، والمراكز البحثية، ولما يتوافر فيها من عقول تعلمت، ونالت أعلى الشهادات من خارج المملكة وداخلها، والمجتمع بمؤسساته المتنوعة لديه الحاجة إلى تطوير مرافق الانتاج الاعلامي .

الشراكات بين الجامعات والشركات والمصانع والدوائر الحكومية ذات الحاجة إلى البحث العلمي، تحتاج إلى قناعة من مؤسسات المجتمع بأن بيت الخبرة الوطني قادر على تلبية الحاجة البحثية على مستوى من الكفاءة والموضوعية، لتوافر الإخلاص لدى باحثي الوطن وكفاءاته، إضافة إلى إلمامهم بالثقافة والقيم لما لذلك من قيمة في الإدارة وخصائص الشخصية، وهذا قد لا يتحقق ما لم تغرس الثقة بالعالم المختص في مجاله، والباحث المقتدر المتسلح بالمعرفة والمهارات البحثية العالية.

الصورة الذهنية المتأصلة لدى البعض أن بيت الخبرات الأجنبية افضل من الوطنية وهذا مايطلق عليها ب (عقدة الخواجه) نحن بحاجة إلى دعم التنسيق والتعشيق بين الجامعات، ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص، وهذا يتطلب إيجاد ثقافة وطنية تعطي البحث العلمي قيمته، وتفتح للباحثين فرص الوصول للبيانات، لتتم الاستفادة منها وتحليلها بهدف الوصول إلى حلول للمشكلات، ولعل المرونة الإدارية من أهم العناصر المشجعة على البحث العلمي بحيث نعطي لجامعاتنا وباحثينا فرصة خدمة وطننا في مجال البحوث والاستشارات بدلا من استحواذ بيوت الخبرة الأجنبية عليها.

وربما يتقدم موضوع تعشيق العلاقة بين كليات الإعلام ومؤسسات الدولة في الأردن بقية انواع التنسيق والتعشيق في القطاعات الاخرى لانه ليس فقط مفيدًا للطلاب، ولكن يمكن أن يساهم أيضًا في تطوير المؤسسات الإعلامية الحكومية وتحقيق تغيير إيجابي في الإعلام الوطني. يحتاج هذا التعاون إلى إرادة مشتركة من كلا الطرفين لتطوير المحتوى الإعلامي وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، بما يعود بالنفع على المجتمع الأردني بشكل عام.

ان تعشيق العلاقة يُعد خطوة استراتيجية نحو تطوير الإعلام الوطني وتعزيز دوره في المجتمع، وذلك من خلال التعاون المثمر بين التعليم الأكاديمي و الممارسات المهنية في القطاع الإعلامي. من خلال هذه العلاقة يمكن تحسين المحتوى الإعلامي، تعزيز المعرفة الأكاديمية، وتوظيف الخريجين في مؤسسات الدولة بشكل أكثر فعالية.

خطوات لتحقيق هذا الهدف:

1. تفعيل برامج التدريب والتوظيف المشتركة

• التدريب العملي: يمكن لكليات الإعلام في الأردن التعاقد مع مؤسسات الإعلام الحكومية مثل الإذاعة والتلفزيون الأردني و وكالة الأنباء الأردنية (بترا) وغيرها من المؤسسات الإعلامية العامة لتنظيم برامج تدريبية للطلاب، تتيح لهم التعرف عن كثب على الواقع العملي للإعلام.

• فرص توظيف: يمكن لمؤسسات الدولة تخصيص فرص وظائف للمتفوقين من الطلاب بعد تخرجهم، وتدريبهم على العمل الإعلامي في سياق مؤسسات الدولة بشكل تدريجي.

• تدريب مستمر: توفير برامج تدريب مستمر لأعضاء هيئة التدريس في كليات الإعلام بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية الحكومية من أجل تحديث المعلومات والمهارات بما يتماشى مع تطورات الإعلام الرقمي والتقنيات الحديثة.

2. تعزيز التعاون في مجال البحث والدراسات الأكاديمية

• البحث العلمي المشترك: عقد شراكات بين الجامعات والمؤسسات الحكومية من أجل القيام بأبحاث ودراسات ميدانية تهتم بالقضايا الإعلامية في الأردن، مثل دور الإعلام في تنمية الوعي الوطني، الحرية الإعلامية، و الاستجابة للأزمات.

• استطلاعات الرأي والبيانات الإعلامية: يمكن لكليات الإعلام تنظيم استطلاعات رأي تتعاون مع المؤسسات الحكومية مثل دائرة الإحصاءات العامة للحصول على بيانات مهمة تتعلق بالمجتمع الأردني وسلوكياته الإعلامية.

3. عقد ورش عمل وحلقات نقاشية مشتركة

• ورش العمل المشتركة: تنظيم ورش عمل بين الطلاب و المؤسسات الإعلامية الحكومية حول مواضيع مثل التحرير الصحفي، الإعلام الرقمي، و الأخلاقيات المهنية في الإعلام. يمكن أن تتيح هذه الورش فرصة للطلاب للتعلم من الخبراء في الميدان، وللمؤسسات الحكومية للاستفادة من نظرة طلابية جديدة.

• حلقات نقاشية وندوات: تنظيم ندوات وحلقات نقاشية بين الأكاديميين والإعلاميين في الدولة حول التحديات التي تواجه الإعلام الوطني وكيفية التغلب عليها، بما في ذلك قضايا الحرية الصحفية، التحقق من الأخبار، و مستقبل الإعلام في العصر الرقمي.

4. تطوير المناهج الدراسية بالتعاون مع المؤسسات الحكومية

• مراجعة المناهج: يجب أن تكون المناهج الأكاديمية في كليات الإعلام مواكبة لأحدث التطورات في المجالات الإعلامية، مثل الإعلام الرقمي، الصحافة الاستقصائية، و الإعلام السياسي. يمكن لمؤسسات الدولة مثل وزارة الدولة لشؤون الإعلام و المؤسسات الإعلامية الحكومية تقديم مدخلات حول الاحتياجات المهنية لتطوير المناهج.

• إدخال مواد جديدة: إدخال دورات متخصصة في المناهج، مثل إدارة الأزمات الإعلامية، الإعلام التنموي، و الإعلام في خدمة السياسات العامة.

5. التعاون في مجال الإعلام الرقمي والتقنيات الحديثة

• التدريب على الإعلام الرقمي: بما أن الإعلام الرقمي أصبح أساسياً في العصر الحالي، فإن التعاون مع مؤسسات الدولة في هذا المجال له أهمية كبرى. يمكن تنظيم دورات تدريبية للطلاب حول كيفية العمل على منصات الإعلام الاجتماعي، التحليل البياني للبيانات الإعلامية، واستخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأخبار.

• مبادرات مشتركة للتوعية الرقمية: تكثيف التعاون بين كليات الإعلام والمؤسسات الحكومية في مشاريع توعية للمجتمع حول الأمن السيبراني، مكافحة الأخبار الكاذبة، و أخلاقيات الإعلام الرقمي.

6. تشجيع المبادرات الإعلامية المشتركة

• المبادرات الإعلامية المشتركة: يمكن لكليات الإعلام إطلاق مبادرات إعلامية مشتركة مع مؤسسات الدولة في مجالات التوعية المجتمعية، مثل الحملات الإعلامية للحد من التطرف، أو تسليط الضوء على قضايا التنمية المستدامة. هذه الحملات يمكن أن تكون فرصًا لطلاب الإعلام لتطبيق معارفهم الأكاديمية عمليًا.

• مشروعات إعلامية للمؤسسات الحكومية: تخصيص مشروعات إعلامية يتطلب تعاونًا بين الطلاب وكليات الإعلام، وأيضًا وزارات الدولة المختلفة، لإنتاج تقارير أو برامج تتعلق بمشروعات التطوير الوطني مثل المشاريع الإنشائية، الصحية، والتعليمية.

7. دعم المبادرات البحثية والتطوير الإعلامي

• إقامة مراكز أبحاث مشتركة: إنشاء مراكز أبحاث متخصصة في الإعلام الحكومي أو الإعلام التنموي بين الجامعات والمؤسسات الإعلامية الحكومية لدراسة واقع الإعلام في الأردن وتقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه الإعلام الحكومي.

• دعم الابتكار في الإعلام: يمكن أن تسهم كليات الإعلام في مبادرات الابتكار الإعلامي بالتعاون مع المؤسسات الحكومية، بحيث يتم تطوير نماذج جديدة في الإنتاج الصحفي والتليفزيوني والإذاعي تتناسب مع العصر الرقمي.

8. تفعيل دور الخريجين في المؤسسات الحكومية

• استقطاب الخريجين للعمل في المؤسسات الحكومية: التعاون بين الجامعات والمؤسسات الحكومية يمكن أن يتيح للخريجين فرصًا في المؤسسات الإعلامية الحكومية مثل وزارة الإعلام أو التلفزيون الأردني، وهذا من شأنه أن يعزز توظيفهم في القطاع العام ويساهم في تحسين جودة الإعلام الوطني.