الحياة السياسية في المملكة الاردنية الهاشمية
د. بركات النمر العبادي
08-02-2025 07:12 PM
"الجزء الثاني "
المملكة الأردنية الهاشمية دولةٌ عربية إسلامية ، تستند إلى نهج الوسطية والديمقراطية والمؤسسية، ونظام الحكم فيها نيابيّ ملكيّ وراثيّ ، ويجمع النظام السياسي بين مبدأ الملكية التقليدية والممارسات الديمقراطية الحديثة التي يتم تحديدها من خلال دستور المملكة ، و وفقًا لهذا النظام ، يشغل الملك منصب رأس الدولة ويملك صلاحيات واسعة تؤثر في جميع مجالات الحياة السياسية ، لكن هذه الصلاحيات تكون منظمة ومقيدة بموجب الدستور الذي يحدد العلاقات بين السلطات الثلاثة وحقوق المواطنين ، وترتكز المنطلقات السياسية والفكرية للدولة الأردنية على العقيدة الإسلامية ، والدستور، والشرعية الدينية والتاريخية للقيادة الهاشمية ، وشرعية الإنجاز، والوسطية ، والاعتدال ، والديمقراطية ، والتسامح ، ومبادئ الثورة العربية الكبرى (1916) التي قادها الشريف الحسين بن علي وأنجاله ، تتويجاً لحركة الوعي واليقظة الاردنية والعربية.
الملكية الدستورية في الأردن
اعتلى جلالة الملك عبدالله الثاني عرش المملكة ، منذ السابع من شباط 1999 م ، بعد أن أعلن بقَسَمه أمام مجلس الأمة العهدَ الرابع للمملكة ، التي كان تأسيسُها على يدِ الملك المؤسس عبدالله بن الحسين ، وصاغ دستورَها جدُّه الملك طلال ، ووطّد أركانَها والدُه الملك الباني الحسين ، طيب الله ثراهم اجمعين ، وتقوم الملكية في الأردن على مبدأ فصل السلطات : التنفيذية ، التشريعية ، والقضائية ، حيث يضمن الدستور الأردني تحقيق توازن بين السلطة الملكية وبقية المؤسسات الدستورية ، و على الرغم من أن الملك هو رأس الدولة ومصدر السلطات في المملكة ، فإن الدستور يحدد العديد من المهام والصلاحيات التي يجب أن يتم ممارستها ضمن إطار من الضوابط الدستورية.
يعتبر دستور 1952 هو الوثيقة الرئيسية التي تحدد النظام السياسي في الأردن ، وقد مر بعدة تعديلات على مر السنين ، و ينص الدستور على أن الملك هو الذي يملك صلاحية تعيين رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة ، وله الحق في إقالة الوزراء وتعيينهم ، كما يملك الملك حق الدعوة إلى حل البرلمان وتحديد موعد الانتخابات.
وعلى الرغم من صلاحيات الملك الواسعة ، فإن هناك مؤسسات أخرى مثل البرلمان الذي يتكون من مجلسين : مجلس النواب المنتخب من قبل الشعب ، ومجلس الأعيان الذي يعينهم الملك ، وبالتالي فإن الدستور يضمن دورًا فعالًا للبرلمان في التشريع والمراقبة ، مع التأكيد على دور الملك كمشرف على تطبيق القوانين وتنفيذ السياسات.
دور الملك في السياسة الأردنية الداخلية و الخارجية.
السلطة التنفيذية:
الملك في الأردن يمتلك صلاحيات واسعة في تعيين رئيس الوزراء والحكومة ، ويشرف على تنفيذ السياسات الوطنية ، يتم اختيار رئيس الوزراء من قبل الملك بناءً على مشاورات مع القوى السياسية في البلاد ، وهو يكون عادة من الشخصيات القادرة على تشكيل حكومة توافقية تضم الوزراء المناسبين من مختلف الأحزاب أو التوجهات السياسية.
السلطة التشريعية:
بينما يُنتخب مجلس النواب من الشعب ، إلا أن الملك يملك سلطة حل البرلمان وتحديد موعد الانتخابات العامة ، و الملك هو الذي يوقع على مشاريع القوانين بعد أن يوافق عليها البرلمان ليتم تفعيلها لذا يمكن القول أن الملك له تأثير مباشر في التشريع ، حتى وإن كان البرلمان هو الذي يقوم بتقديم مشاريع القوانين.
السلطة القضائية :
على الرغم من أن القضاء في الأردن يتمتع بالاستقلالية ، إلا أن الملك يملك بعض الصلاحيات في هذا المجال أيضًا ، مثل تعيين القضاة في المحاكم العليا وتعيين رئيس المحكمة الدستورية.
دور الملك في السياسة الخارجية:
يتمتع الملك الأردني بدور محوري في السياسة الخارجية للمملكة ، فهو يمثل الأردن في العلاقات الدولية ويقود الجهود الدبلوماسية ، وعلى مر العقود لعب الملوك الهاشميون دورًا مهمًا في تقديم الدعم السياسي للقضايا العربية ، خصوصًا القضية الفلسطينية ، كما كان لهم دور بارز في مفاوضات السلام في المنطقة.
العلاقات الدولية:
في السياسة الخارجية ، يسعى الملك إلى تعزيز علاقات الأردن مع الدول العربية والأجنبية ، وكان للأردن تحت القيادة الهاشمية دور محوري في دعم استقرار المنطقة عبر علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول المجاورة ، بالإضافة إلى ذلك يشمل دور الملك في السياسة الخارجية رعاية مشاريع السلام الإقليمي مثل مشاركته في معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية1994 .
الإصلاحات والتحديثات:
على الرغم من صلاحيات الملك الواسعة ، كان هناك تطور في الدور الذي يلعبه في الحياة السياسية الأردنية على مر العقود ، ففي السنوات الأخيرة، عملت القيادة الأردنية على تنفيذ سلسلة من الإصلاحات السياسية التي تهدف إلى تحديث النظام السياسي وزيادة المشاركة السياسية ، مثل تعديل قانون الانتخابات ، وتحسين دور الأحزاب السياسية ، وتطوير التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان.
وعلى ذلك، يعتبر الملك في الأردن نقطة محورية في الحياة السياسية ، حيث تتركز في يده العديد من الصلاحيات الأساسية التي تؤثر في الحكم والتشريع والسياسة الخارجية ، و على الرغم من صلاحياته الواسعة ، فإن النظام الدستوري في الأردن يضمن التوازن بين السلطة الملكية والممارسات الديمقراطية التي تعزز من دور البرلمان والمجتمع المدني في العملية السياسية، من خلال هذه الهيكلية، يسعى الأردن لتحقيق الاستقرار السياسي والنمو الاجتماعي والاقتصادي في ظل التحديات الإقليمية والدولية.
"يتبع" الجزء الثالث
حمى الله الاردن وباقي الدول العربية و الاسلامية .