لقاء الملك وترامب: رسم ملامح العلاقات الأردنية الأمريكية
د. المحامي هيثم منير عريفج
11-02-2025 02:22 PM
يُعتبر اللقاء المرتقب بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الأمريكي دونالد ترامب محطةً استراتيجيةً في رسم ملامح العلاقات الأردنية الأمريكية خلال المرحلة المقبلة، هذه العلاقات، التي تمتد لعقود طويلة، تشهد دائمًا تقاطعات وتحديات في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة.
وفي هذا السياق، تبرز عدة نقاط أساسية تُشكل خلفية لهذا اللقاء وتُحدد آفاقه المستقبلية.
يتمتع جلالة الملك عبدالله الثاني بخبرة سياسية عميقة وقدرة فريدة على إدارة الملفات المعقدة بحكمة واتزان. تحت قيادته، يتبنى الأردن نهجًا متوازنًا في تعامله مع القضايا الإقليمية والدولية، حيث يراعي المصالح الوطنية دون التخلي عن الثوابت الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأمن الإقليمي. هذه الحكمة تُعد عاملاً رئيسيًا في تعزيز دور الأردن كشريك استراتيجي للولايات المتحدة في منطقة مليئة بالاضطرابات.
تشهد المنطقة تحولات كبرى، من التطورات في القضية الفلسطينية إلى الأوضاع في سوريا والعراق، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن. هذه العوامل تجعل من اللقاء فرصةً لوضع خطوط عريضة لطريقة تفاعل البلدين، سواء في التعاون أو في إدارة الخلافات، مع الحفاظ على المبادئ الأردنية الراسخة. الأردن، بقيادته الحكيمة، يدرك أن التعامل مع هذه التحديات يتطلب توازنًا دقيقًا بين المصالح الوطنية والضغوط الدولية.
خلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، واجه الأردن ضغوطًا كبيرة فيما يتعلق بصفقة القرن، إلا أنه أظهر صلابةً واضحة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ورفض أي تسوية لا تحقق العدالة. هذه التجربة تُشير إلى أن الأردن قادر على الحفاظ على مواقفه الوطنية حتى في ظل الضغوط الدولية، مما يعكس قوة الموقف الأردني وقدرته على الصمود في وجه التحديات.
اللقاء المرتقب لن ينتج عنه بالضرورة قرارات فورية وحاسمة، لكنه سيضع إطارًا جديدًا للتعامل بين البلدين. هذه القواعد ستحدد طبيعة التفاعل بين الأردن والولايات المتحدة في مجالات متعددة، بما في ذلك القضايا السياسية والأمنية، والدعم الاقتصادي، والتعاون في مواجهة التحديات الإقليمية خلال السنوات الأربع القادمة. الأردن، بقيادته الواعية، سيحرص على أن تكون هذه القواعد عادلة وتخدم مصالحه الوطنية.
الثقة بقدرة جلالة الملك عبدالله الثاني على إدارة الحوار مع الإدارة الأمريكية كبيرة، خاصة في ظل خبرته الطويلة في التعامل مع التحديات الإقليمية. الأردن، بقيادته الحكيمة، سيظل حريصًا على تحقيق توازن استراتيجي في علاقاته الدولية، مع الحفاظ على ثوابته الوطنية. هذه الثقة تُعد ركيزةً أساسيةً لنجاح أي تفاهمات مستقبلية بين البلدين.
اللقاء بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس ترامب ليس مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل هو خطوة استراتيجية لتحديد مسار العلاقات بين البلدين في مرحلة مليئة بالتحديات. الأردن، بقيادته الواعية، سيظل حريصًا على تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والعلاقات الدولية، مع الحفاظ على ثوابته الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأمن الإقليمي.
جلالة الملك يعلم جيدًا قيمة هذا اللقاء وتحدياته، وسيعمل على كسب الوقت وتجنب الصدام المباشر، مستندًا إلى فهم عميق بأهمية الدور المحوري الذي يلعبه الأردن في المنطقة. الأردن، بوصفه دولةً شرقيةً بعيدةً عن التطرف، يسعى دائمًا لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، فإن الضغوط الأمريكية قد تنعكس سلبًا على قدرة الأردن في الاستمرار بدوره المحوري، الذي لعبه على مدى سنوات طويلة، سواء في عملية السلام أو في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني خلال العدوان الأخير على غزة والضفة الغربية.
في ظل هذه التحديات، يبقى الأردن ثابتًا على مبادئه، منفتحًا على الحوار، وحريصًا على تحقيق توازن استراتيجي في علاقاته الدولية. اللقاء المرتقب بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس ترامب يُعد فرصةً لإعادة ترسيم ملامح العلاقات الأردنية الأمريكية، مع الحفاظ على الثوابت الوطنية ودور الأردن المحوري في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.