facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفراغات العامة والمباني .. بين الجمود التشريعي وفرص الإبداع الحضري


م. عامر البشير
13-02-2025 10:37 PM

نحو استثمار أذكى في فضاءات عمّان الحضرية

في المشهد الحضري المتغير لعمّان، تشكّل الأغلفة العمرانية—القوانين التي تحكم ارتفاعات المباني والقيود التنظيمية—إطارًا صارمًا يحدد المخرجات المعمارية والمكانية للمدينة. وبينما تُعد هذه القوانين ضرورية لتحفظ التوازن بين الفضاءات العامة والخاصة، فقد أصبحت بشكل متزايد عائقًا يكبح الإبداع المعماري ويحد من فرص الاستثمار الذكي في الأراضي والتطوير الحضري. وتعمل بيروقراطية واسعة من مخططي المدن ومسؤولي التراخيص ضمن هذه اللوائح الصارمة، حيث يسهّل القليل منهم العمليات للمطورين والمهندسين المعماريين، في حين يظل الأغلبية مقيدين بإجراءات إدارية جامدة. إن عدم قدرتهم على تجاوز النصوص القانونية، واستيعاب روح التشريعات، أو تبني رؤية شاملة للتخطيط، ساهم في ركود التطوير العمراني.

الفراغات الحضرية تمثل 65% من مساحة عمّان وهي غير مستغلة:

على النقيض، تشكل الفراغات الحضرية—المساحات خارج الأغلفة العمرانية—أكثر من 65% من إجمالي مساحة عمّان. وتشمل هذه المساحات الشوارع التنظيمية، والساحات العامة، والممرات، والحدائق، ومع ذلك، فقد تجاهل المخططون الحضريون إلى حد كبير إمكاناتها الهائلة في تشكيل هوية المدينة وإعادة تنشيط نسيجها العمراني، وبدلًا من دمجها في استراتيجية حضرية ديناميكية، تظل هذه المساحات مهملة، عرضة للاستحواذات العقارية المضاربية، وخاضعة لنماذج تطوير تفضل المصالح الخاصة على النمو الحضري الشامل.

الفراغات الأفقية والعمودية موارد مهدورة ليست مساحات فائضة

تواجه المدن الحديثة أزمة هوية حضرية، ويرجع ذلك إلى غياب استراتيجيات مرنة تدمج البنية التحتية مع الفضاءات العامة في عمّان، تُعامل الشوارع والأرصفة كعناصر ثابتة بدلًا من كونها مساحات ديناميكية متعددة الوظائف، ومع التخطيط السليم، يمكن لهذه المساحات أن تتحول إلى:

•شبكات مشاة آمنة تعزز ثقافة المشي.

•أسواق مجتمعية موسمية ودائمة تدعم الإقتصاد المحلي.


•أنظمة نقل متعددة الوسائط متكاملة تعزز الترابط الحضري والتواصل الاجتماعي.

على المستوى العمودي، يتم فرض قيود صارمة على ارتفاعات المباني دون توفير أدوات تشريعية تشجع على الإبداع—مثل تفعيل بنود المساحة الطابقية (FARs) للسماح بإعادة توزيع حقوق التطوير بمرونة، او السماح للمطورين والمعمارين من انهاء المباني بافضل ما تكون عليه الواجهة الخامسة واطلاق العنان للإبتكار والتطوير ولو تم استغلالها بشكل صحيح، يمكن أن تتحول الأغلفة العمرانية من عوائق تقييدية إلى عوامل تمكينية ديناميكية، تعزز من تكوين فضاءات حضرية متدرجة وأشكال معمارية نابضة بالحياة.

للاستفادة من هذه الفراغات، يجب على امانة عمّان استكشاف تدخلات حضرية مثل:

•شبكات مشاة، على مستوى الأرض أو مرتفعة، تربط بين المباني والحدائق العامة ومحطات النقل العام.

•ساحات حضرية تضيف بُعدًا اجتماعيًا وثقافيًا جديدًا للمدينة.

•مناطق خضراء مفتوحة تتناغم مع النسيج العمراني.

•بنية تحتية ذكية لتعزيز الخدمات العامة وأنظمة النقل الحضري.

لن تسهم هذه الحلول فقط في تحسين جودة الحياة الحضرية، بل ستولد أيضًا إيرادات بلدية مستدامة من خلال نماذج استثمارية مبتكرة.

من يملك الهواء لا يحق له الشكوى من العجز المالي

الفضاءات الحضرية ليست أراضٍ مهدورة ، بل هي أصول اقتصادية يمكن أن تولد إيرادات وتحفز النمو المستدام عند تطويرها بشكل استراتيجي. ويمكن لعمّان أن تطلق هذا الإمكان من خلال:

•السماح بإضافة طوابق سكنية وتجارية إضافية ضمن إطار حضري مرن ومستدام.

•تطوير مشاريع مجتمعية وتجارية في المساحات غير المستغلة.

•تشجيع البيئات متعددة الاستخدامات التي تدمج الوظائف السكنية والتجارية والترفيهية.

هل تستطيع عمّان استيعاب كثافة عمرانية أعلى؟ الإجابة بالتاكيد نعم تشير الدراسات إلى أن جيوب تنظيمية محددة داخل المدينة مكتملة البنية التحتية يمكنها استيعاب ثلاثة ملايين من السكان، والحقيقة ان هناك مدن كثافتها العمرانية والسكانية اكثر من عمان واذا كان البديل مدينة كعمان بعدد سكان اعلى مع منظومة نقل حضري امن وذكي ومستدام وازدحامات مرورية اقل وفراغات حضرية نوعية ام عدد سكان اقل بدون منظومة نقل وازدحامات مرورية اكثر وبدون فراغات حضرية واذا ترك لنا خيار اي من ذلك نفضل ان نختار للعيش، والسؤال الحقيقي هو ما إذا كانت عمّان ستستمر في تقييد إمكانياتها أم ستتبنى استراتيجية طموحة تستثمر مواردها؟

نحو تشريعات عمرانية مرنة ومبتكرة

المدن التي شهدت تحولات حضرية ناجحة، تمكنت من ذلك عبر تجاوز اللوائح الجامدة وإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والفضاء. ولكي تحقق عمّان ذلك، يجب إصلاح التشريعات الحضرية لتشمل:

•تبني نموذج "المدينة المتشابكة"، حيث تتكامل المساحات الأفقية والعمودية بسلاسة

•تمكين الاستخدام التكيفي للمساحات بين المباني للأغراض السكنية والتجارية والمجتمعية.

•تنفيذ لوائح مرنة تشجع على تطوير الفضاءات العامة والحدائق فوق أسطح المباني القائمة.

•الترويج لتقنيات البناء الذكية التي تعزز الكفاءة المكانية.

من الركود إلى الإبداع الحضري
المدن لا تُدار فقط بالأنظمة البيروقراطية، بل هي كيانات حية تتطور وفقًا لاحتياجات سكانها، والانتقال من إدارة الفضاء على أساس التقييد إلى إدارته على أساس الفرصة يتطلب قيادة حضرية جريئة تدرك أن الحلول التقليدية لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات العمرانية القائمة.

لا تستطيع عمّان تحمل البقاء محاصرة داخل جدران بيروقراطية وتشريعية تكبح قدرتها على النمو والابتكار, فقد شهد العقد الماضي ترسيخًا للبيروقراطية، وتصلبًا في التشريعات، ومركزية مفرطة، مما أدى إلى تهميش الممثلين المنتخبين الذين ينبغي أن يكونوا المسؤولين عن رسم ملامح مناطقهم داخل أمانة عمّان الكبرى.

وكما أن الإنسان بحاجة إلى الهواء ليعيش، فإن المدن بحاجة إلى استثمارات ذكية في فضاءاتها الحضرية.

ومن يملك الهواء، لا يحق له الشكوى من نقص الموارد وانما تكمن المشكلة في غياب الرؤية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :