الأردن والقضية الفلسطينية: مواقف راسخة في وجه التحديات
صالح الشرّاب العبادي
16-02-2025 12:15 AM
عبر التاريخ، ظل الأردن حصنًا منيعًا في دفاعه عن القضية الفلسطينية، مواقفه ثابتة لا تتزعز، لا تهزها رياح المصالح المتقلبة ولا الحسابات الضيقة، منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، وقف الأردن، قيادةً وشعبًا وجيشًا، في الصفوف الأمامية مدافعًا عن فلسطين، مؤمنًا بأن هذه القضية ليست مجرد صراع سياسي، بل قضية عدل تمسّ وجدان الأمة العربية والإسلامية بأسرها، وقد تجذرت هذه القضية في قلوب الأردنيين، الذين ورثوها جيلًا بعد جيل، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من هويتهم الوطنية ، وليظلوا أوفياء لأمانة الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، جنبًا إلى جنب مع حقوقهم الوطنية، ومن هذا المنطلق، يؤكد الأردن دائمًا أن فلسطين هي وطن الفلسطينيين، وأنه لن يكون أبدًا وطنًا بديلًا لهم.
منذ تأسيس الدولة الأردنية، كانت القضية الفلسطينية حاضرة في صميم سياساتها الداخلية والخارجية، لم يتخلَّ الأردن يومًا عن دوره، بل ظلّ شريكًا فاعلًا في النضال، يقدم الدعم السياسي والدبلوماسي، ويوظف إمكانياته للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وبعد تولي جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله المسؤولية، استمر هذا النهج بثبات كابر عن كابر ، حيث ظلّ الأردن صوتًا قويًا في المحافل الدولية، يدافع عن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
لم تكن مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني مجرد كلمات تقال او خطابات سياسية مجردة ، بل تحولت إلى أفعال ملموسة على الأرض. فقد كرّس جهوده لحماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، بوصفه صاحب الوصاية الهاشمية عليها، وهي مسؤولية تاريخية حملتها الأسرة الهاشمية بكل إخلاص، وفي مواجهة المحاولات المستمرة لطمس هوية القدس، وقف الأردن كالسد المنيع، مدافعًا عن المدينة المقدسة وحاميًا لتراثها وهويتها، ملتزماً بهذه المباديء الدينية التاريخية.
الدعم الأردني لفلسطين لم يكن مجرد موقف سياسي او شطحات إعلامية ، بل هو ارتباط وجداني عميق بين الشعبين، تربطهما روابط الدم والتاريخ والجغرافيا ، لم يتعامل الأردن مع القضية الفلسطينية على أنها شأن خارجي، بل اعتبرها قضيته الأولى، فمنذ النكبة، فتح الأردن أبوابه للاجئين الفلسطينيين، ووقف معهم في أحلك الظروف، دون تمييز أو حسابات ضيقة، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية هي قضية كل أردني.
الشعب الأردني، بكل أطيافه، لم يكن يومًا بعيدًا عن القضية الفلسطينية، فمنذ عقود،منح مساحات واسعة من التعبير عن المواقف قلما تجدها في دول اقليمية اخرى ، خرجت المسيرات، وارتفعت الأصوات، وعُبّرت عن مواقف صادقة لم تتغير رغم تبدل الأزمنة والظروف، لم يكن الموقف الشعبي الأردني انتقائيًا أو متذبذبًا او وقتياً ، بل ظلّ واضحًا ومبدئيًا، مؤكدًا أن الحق الفلسطيني غير قابل للمساومة، وأن الاحتلال هو الظلم الأكبر الذي يجب مقاومته بكافة السبل .
لا يمكن الحديث عن المواقف الأردنية دون التوقف عند تضحيات الجيش العربي الأردني، الذي قدّم دماء أبطاله دفاعًا عن فلسطين، فقد خاض هذا الجيش معارك مشرفة، كتب فيها صفحات من البطولة المشرفة ، بدءًا من حرب 1948، مرورًا بحرب 1967، ووصولًا إلى معركة الكرامة، حيث أثبت الجندي الأردني أن الدفاع عن الأرض والعرض واجب مقدس لا تراجع عنه.
لم يكن الأردن يومًا متفرجًا على ما يحدث في فلسطين، بل كان شريكًا في النضال، يقدم الشهداء، ويساند بكل ما يستطيع، مؤمنًا إيمانًا قاطعًا بأن العدو الصهيوني يظل العدو الأول ما دام يحتل فلسطين ، ويمارس الظلم والجور على اهلنا هناك ..
رغم هذه المواقف الواضحة، لا يزال البعض يحاول تشويه الحقائق ، وطمس الواقع وتعتيم الصورة الناصعة للمواقف الأردنية ، وإثارة الشكوك حول الدور الأردني، إما جهلًا أو افتراءً أو بدوافع مشبوهة تهدف إلى إثارة الفتنة وزعزعة الوحدة الوطنية حقداً ونكايةً وزوراً وبهتانا ، لكن الحقيقة لا تُحجب، والتاريخ شاهد على أن الأردن لم يتخلَّ يومًا عن التزامه تجاه فلسطين، ولم يساوم أو يهادن في حقّ الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال، إن من يحاولون بثّ الفتنة أو التقليل من قيمة التضحيات الأردنية لا يخدمون سوى أجندات مشبوهة، تسعى إلى إضعاف الموقف الأردني و العربي الداعم للقضية الفلسطينية.
موقف الأردن من القضية الفلسطينية لم يكن يومًا بحاجة إلى تبرير أو تفسير ، أو بحاجة الى تلميع او تجميل فهو موقف أصيل، ثابت كجبالها، واضح كسمائها، لا يخضع للمساومات ولا يتغيّر وفق الأهواء والرغبات ..
الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وبإرادة شعبه، يواصل دوره التاريخي، مؤمنًا بأن العدالة ستتحقق، وأن فلسطين ستبقى حاضرة في الوجدان الأردني، حتى تنال حريتها الكاملة، مهما طال الزمن.