فاقد الشيء لا يعطيه ، لا يمكن لجماعات مؤدلجة أن تقودنا لمستقبل مزهر او حتى مستقبل (عادي باهت غير زاهر)، لا يليق بها القيادة أصلا، وبالرغم من أنها تتسيد المشهد الإعلامي والسياسي في المرحلة الراهنة وبهذا السيل الجارف من الإخفاقات على مستوى المنطقة والإقليم تثيت بالأدلة الدامغة أن كل ما جرى ويجري ليس إلا نتاج تشكيكهم وشكهم وجرهم للشارع العربي إلى ساحات الفتن والحروب.
تكاد تكون حيواتنا وحاضرها هو النتيجة النهائية لامتطاء هذه الجماعات قيم دينية تطورت على شكل سلحفاة حصنت نفسها بغطاء رجعي متحجر يحرم الأجيال من كل شيء جميل بهذا العالم، يقودون المركب بتبختر وعزلة وببطىء شديد نحو أي مفهوم يحمل معنى الحداثة.
المستقبل الذي بالأساس سبباً للإستمرار بالأمل أصبح يشكل سبباً رئيسياً للخوف!، الخوف من المجهول والأقدار ، الخوف من أي شيء مختلف، الخوف الجمعي من الآخر والغد والقادم وحتى الخوف مما بعد الموت نتيجة استمرارهم بجر القطيع إلى حضيرة الماضي المليء بالأكاذيب والدجل وتزوير التاريخ بما يخدم هلواستهم وجنونهم.
يقال إن ما يحسن حياة الفرد هي الثروة والشهرة والسلطة، ولكن ما يحسن حياة الشعوب هي العدالة، والعدالة لا تنحصر بالقوانين وسموها فوق الأعراق والألوان والأديان ومن ثم تطبيقها على جميع طبقات المجتمع، إنما العدالة تكمن (بالموضوعية), الموضوعية بكل شيء يتعلق بالحياة، بعبارة أخرى: كل شيء يجب إخضاعه للعقل والمنطق، لأن الروحانيات والعقائد تحولت إلى ساحة وأداة لإشعال العواطف بالخطاب التحريضي وتأجيج المشاعر وإثارة الذعر.
في عالم اليوم يصعب على أي شخص أو حتى دولة أن تكون منعزلة بالكامل عن الضغوط المفروضة، فتسللت هذه الجماعات المعاد تدويرها من نفايات القرن المنصرم لتدعي تبنيها قيادة الجماهير واغتصابها الرأي العام بلا أي رادع فكري حضاري يفضح مخططاتهم ويميط اللثام عن حقيقتهم المأتمرة من الخارج.
هل تشعر بقية الشعوب في العالم من متلازمة "الغضب والخوف" كما هو الشعب العربي، هل يعاني الأوروبي أو الهندي أو الصيني أو البرازيلي وبقية الأمم من رهاب الهلع والفزع وبالتالي الحنق والسخط وحياة العزلة الرهيبة ، أم أنها شعوب مقبلة على الحياة ؟
هي شعوب موضوعية متزنة، شعوب عقلانية واقعية، شعوب تقدس قيمة الحياة وتتعامل مع الواقع كما هو (على الحياة مقبلة لا مدبرة)، شعوب محصنة من الفتن والحروب التي لازمت عالمنا العربي لعقود طويلة.