رغم ما يدور حولنا في محيطنا الملتهب ومع انني أرى امال كبيرة وتحديات عظيمة وأيام حبلى قد تتمخض عن نصر وعدالة واستقرار يأمله كل واحد منا ، فقد مللت عروبتنا من الصراعات وكأن العالم - ما عنده غيرنا - كمصدر للإثارة والتشويق والأخبار .

لان اخبارنا عبارة عن دمار وموت وإخبارهم ؛قطة وقعت في غدير ماء وجاء المنقذ العظيم وأخرجها .

ورغم ذلك فقد ارتأيت ان لا اكتب عما يدور في شوارعنا سياسيا ولكن سأكتب عما يحدث في شوارعنا خلف مقود السيارة .

ما التغيير النفسي والبيولوجي الذي يحدث لنا عند وضع ايدينا على المقود ؟؟!!
تكون في جاهة فرح تجد احدهم يدفعك أمامه بكلتا يديه ( والله غير قدامي )
تكون في عطوة تجد احدهم يصرخ بأعلى صوته (يمين … يمين ) .
تكون على باب مصعد في دائرة حكومية تجد احدهم يحلف يمين طلاق ( والله غير تطلع قدامي )
تكون في عزاء تجد من يعطيك فنجان القهوة ويقول لك (بالحرام غير قبلي ).

وبعد ذلك نخرج ونركب سياراتنا وتجدنا على باب الجاهة او العطوة او التجمع نزاحم بعض من يريد ان يخرج من باب الكراج قبل .
الم نكن قبل دقائق نحلف ايمان مغلظة لنجامل بعضنا على فنجان قهوة برد والقهوجي ينتظر ونحن نتعازم من سيشرب قبل أخيه .
هذه الممارسات التي نفعلها تنبىء عن حس راقي في تقديم الاخر ولها اصل شرعي وهو سنة التيامن .
لكن لماذا تتعطل هذه الاخلاق عند ركوبنا السيارات ولماذا لا نعد متمسكين بالسنن المحببة خلف المقود .
لماذا إذا اخذ احدهم أولويتي على -دوار الكيلو -اشعر بهزيمة كبيرة وعار يجب علي غسله.

لماذا إذا تعطلت سيارتي للحظة عند مفترق طريق او اشارة ضوئية تنفتح كل زوامير السيارت ويبدء اللعن وتطاردك النظرات حتى نهاية الطريق والكل ينظر اليك شزرا وكأنك سرقت سيارته وليس ثانيتين من وقته الثمين .

لست عالم اجتماع ولكن هذه ظاهرة تحتاج إلى دراسة وتأمل ومعالجة ، فلا يجوز ان يعيش داخل الفرد منا اثنان او قطبان او شخصيتان، شخصية في الوجه تقدم الغير على نفسها ولو كان بها خصاصة وشخصية اخرى تلعن الغير لمجرد ان اخذ أولويتي المرورية .

فهذه الحالة يشخصها اهل العلم مرض نفسي يحتاج إلى علاج .

لعل من القارئين من يفيدنا بعلمه وتجربته ..