لا تزال إسرائيل، بدعمٍ من قوى دولية كبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، وبتواطؤ غربي واضح، تواصل توسعها وانتهاكاتها في أجزاء من الوطن العربي. هذا الواقع المؤلم تفاقم بسبب حالة الانقسام والضعف العربي، واستغلال الانقسام الفلسطيني، مما يطرح تساؤلًا جوهريًا: من يستطيع إيقاف هذا التمدد الإسرائيلي؟ وما هي السبل الفعلية لمواجهة هذا الاحتلال الذي يتحدى كل القيم الإنسانية والقانون الدولي؟
أضع هنا اهم العوامل الرئيسية والاساسية لوقف التمدد الإسرائيلي:
1. وحدة فلسطينية حقيقية:
إنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية وتشكيل جبهة موحدة سياسية وعسكرية يُعد أمرًا حاسمًا في مواجهة الاحتلال. هذه الوحدة يجب أن تكون قادرة على إدارة الصراع بذكاء ودعم المقاومة بكل أشكالها. ولتحقيق ذلك، يجب وقف الدعم المنفرد من قبل بعض الدول العربية لجهة فلسطينية ضد أخرى، لأن ذلك يعمق الانقسام ويُعيق عملية المصالحة الفلسطينية.
2. تحرك عربي وإقليمي فعّال:
لا يمكن ترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة الاحتلال. يجب أن يكون هناك دعم سياسي وعسكري واقتصادي حقيقي، وليس مجرد بيانات شجب وإدانة باتت مستهلكة ولا تأثير لها على أرض الواقع. الدول العربية والإقليمية مطالبة بتبني استراتيجية موحدة لدعم القضية الفلسطينية، حيث تمتلك هذه الدول تأثيرًا سياسيًا وعسكريًا يمكن أن يحدّ من النفوذ الإسرائيلي عبر التحالفات الإقليمية والضغوط الدبلوماسية.
3. استراتيجية مقاومة طويلة الأمد:
المواجهة مع إسرائيل لا تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل يجب أن تشمل تعزيز الهوية والثقافة الفلسطينية، وفرض واقع ديموغرافي على الأرض يعرقل مخططات التهجير والاستيطان الإسرائيلي. هذا يتطلب بناء مؤسسات فلسطينية قوية تعمل على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني.
4. تفكيك أسطورة "إسرائيل القوية":
رغم تفوقها العسكري والتكنولوجي، تواجه إسرائيل تحديات داخلية كبيرة، مثل الأزمات السياسية والتصدعات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، يتصاعد الرفض العالمي لجرائمها، مما يؤكد أنها ليست "كيانًا لا يُهزم". يجب استغلال هذه التحديات لفضح حقيقة إسرائيل الضعيفة داخليًا، وهذا يتطلب تطوير الردع العسكري للدول العربية عبر تعزيز التسليح، والاستخبارات، والتعاون الأمني فيما بينها ضد التكنولوجيا العسكرية والأمنية لدولة الاحتلال.
5. المقاطعة الشاملة وعزل إسرائيل دوليًا:
كما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، يجب تكثيف الجهود لعزل إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا. كشف جرائمها أمام العالم وتعزيز الضغط الدولي ضدها يُعد خطوة أساسية لوقف تمددها.
6. إعادة بناء المشروع العربي:
استفادت إسرائيل من تراجع العرب وضعفهم. لذا، فإن استعادة القوة العربية المستقلة، بعيدًا عن التبعية للقوى الكبرى، باتت ضرورة استراتيجية. يجب أن يكون هناك تنسيق دفاعي عربي مشترك يبدأ الآن دون تأخير.
7. تعزيز ودعم المقاومة الفلسطينية:
أثبتت المقاومة الفلسطينية قدرتها على كشف فشل الجيش الإسرائيلي وهشاشة عقيدته العسكرية. لذا، فإن دعمها لمواصلة الضغط على الاحتلال وإفشال مخططاته يُعد أمرًا ضروريًا.
8. التصعيد الدبلوماسي والقانوني ضد إسرائيل:
رفع مستوى العزل والمقاطعة، والتوجه إلى المحاكم الدولية بقضايا جماعية عربية ضد جرائم الاحتلال، بات أمرًا ملحًا لمنع استمرار التدمير الإسرائيلي للأرض الفلسطينية.
9. رفض التطبيع واتفاقيات السلام الشكلية:
وقف جميع أشكال التطبيع، والتهديد بإلغاء الاتفاقيات الموقعة، يعزز من عزلة إسرائيل ويفرض عليها ضغوطًا سياسية واقتصادية. هذا يتطلب توحيد الجهود العربية وتوحيد الخطاب السياسي والإعلامي العربي الدولي.
10. انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة:
المطالبة الصريحة والشرعية بانسحاب إسرائيل من لبنان، سوريا، الضفة الغربية، والقدس، وغزة، والعمل على تحقيق ذلك من خلال تحركات سياسية ودبلوماسية موحدة.
11. المقاطعة الاقتصادية الشاملة:
وقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيل، والتصعيد في مقاطعة الشركات الداعمة لها، مما يسهم في إضعاف اقتصادها القائم على الدعم الخارجي.
12. الضغط على الدول الغربية لوقف دعمها لإسرائيل:
تكثيف الجهود الدبلوماسية لحث الدول الغربية على وقف الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل، من خلال توجيه الرأي العام نحو رفض سياسات الاحتلال، مع المطالبة بعدم تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات العسكرية.
إسرائيل ليست قوة لا تُقهر
إسرائيل تستفيد من ضعف وتواطؤ الآخرين، لكنها ليست قوة لا تُهزم. استعادة الحقوق العربية والفلسطينية تحتاج إلى رؤية واضحة، إرادة حقيقية، واستراتيجيات طويلة الأمد، وليس مجرد ردود فعل آنية ومؤقتة.
لدى الدول العربية اليوم فرصة عظيمة لوقف المد الإسرائيلي واتخاذ القرار الحاسم في ظل غياب العدالة الدولية ضد ما تقوم به إسرائيل من تحدي للعالم والإقليم. فهل ستكون مخرجات القمة العربية قادرة على تلبية طموحات الشعوب العربية وترسيخ مكانتها العالمية، والوقوف وجهاً لوجه ضد الإرهاب الإسرائيلي، وتحقيق ما تصبو إليه تلك الشعوب؟
وقف المد الإسرائيلي يتطلب إرادة سياسية حقيقية وتضامنًا عربيًا وإسلاميًا ودوليًا. يجب أن تكون المواجهة شاملة، تشمل الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية. فقط من خلال وحدة الصف واستراتيجية واضحة يمكن تحقيق النصر واستعادة الحقوق الفلسطينية والعربية.